التحديث الاخير بتاريخ|الأربعاء, ديسمبر 25, 2024

تركيا ..هل تعيش صراعا وحربا مع نفسها؟ 

كان السياسي الامريكي صموئيل هنتينغتون يعتقد بأن تركيا دولة ممزقة بسبب الصراع بين المؤسسات السياسية العلمانية والأسس الثقافية الاسلامية، وكان رئيس الوزراء التركي الحالي داود اوغلو قد قال مثل هذا الكلام ايضا في اطروحة جامعية في عام 1984 لكن هناك بعض المحللين الذين يعتقدون بأن تركيا ليست ممزقة كما يقول هنتينغتون یقولون ان الصراع والحرب التي تعيشها تركيا مع نفسها هي التي ستنهي وحدة تركيا.

ان الانفجار الذي وقع في انقرة قبل ايام يدل على الشرخ الموجود بين الاكراد والاتراك ويمكن لنا ان نحمل اللوم على كافة السياسيين الاتراك من اليساريين واليمينيين والمعتدلين والاسلاميين والعلمانيين والاكراد الذين يستغلون الخلافات القومية بين الاكراد والاتراك لتحقيق مكاسب لأنفسهم.

ان القضية الكردية قد اصبحت ازمة دائمية تلازم تركيا وقد تهيئ الارضية لظهور ازمات أخرى في هذا البلد وهنا لابد لنا ان نشير الى الصراعات الداخلية التي تشهدها تركيا في الوقت الحالي وهي :
– الصراع بين حزب العدالة والتنمية وحزب الشعب الجهوري
– الصراع بين حزب العدالة والتنمية وحزب الحركة الوطنية
– الصراع بين حزب العدالة والتنمية وحزب الشعوب الديمقراطية
– المواجهة بين حزب الشعوب الديمقراطية وحزب العمال الكردستاني
– المواجهة بين جميع الاطراف السياسية التركية وبين حزب العمال الكردستاني
– المواجهة بين حزب الحركة الوطنية وحزب الشعوب الديمقراطية
– الصراع بين جميع الاطراف السياسية التركية وبين الحكومة التركية
– المواجهة بين المسلمين العلويين والمسلمين السنة

وبغض النظر عن تفجير انقرة فان تركيا مليئة بالفرص التي يمكن للسياسيين استغلالها من اجل تشديد زعزعة الاستقرار حيث يصعب لأي طرف ان يقاوم هذه الحالة الامنية المتردية مع اقتراب موعد الانتخابات التشريعية في الاول من نوفمبر القادم.

وفيما يتهم معارضو اردوغان حزب العدالة التنمية بالوقوف خلف تفجير انقرة وتفجيري سوروج ودياربكر يبدو هذا الاحتمال مستبعدا على الرغم من السياسات التي يتبعها اردوغان وحزب العدالة والتنمية والتي تدفع المجتمع التركي نحو الراديكالية وهنا يجب القول انه ليس من المهم معرفة الجهة التي تقف خلف تفجير انقرة بشكل مباشر، وهذا ما ستكشف عنه الجهات الامنية المختصة، بل المهم قيام الحكومة التركية باتهام الاكراد وحزب العمال الكردستاني بالوقوف خلف هذا التفجير قبل انتهاء التحقيقات وهذا ما يزيد الطين التركي بلة.

ان شعارات اردوغان واعضاء حزبه قد اصبحت اكثر راديكالية تجاه الاكراد واحزابهم بعد الانتخابات التشريعية الاخيرة ويمكن القول ان هذه الشعارات هي مخيفة لأنها تتمترس خلف الخلافات العرقية والقومية لتمكين الحكومة التركية من استهداف الاكراد بشكل اكبر.

ومن جهته يلعب حزب العمال الكردستاني ايضا دورا سلبيا جدا في زيادة التوتر داخل المجتمع التركي وهو يدعو الى انتهاج العنف ولايتوافق مع الاحزاب الكردية الاخرى التي تريد التحرك السلمي لبلوغ اهدافها، ومن المتوقع ان يقضي العنف الذي يدعو اليه حزب العمال الكردستاني على آمال حزب الشعوب الديمقراطية في الوجود ويمكن الحكومة التركية من القضاء على حزب الشعوب الديمقراطية بالكامل.

ان الحقيقة المريرة هي ان المجتمع التركي مبني الآن من عدة معسكرات لاتثق ببعضها البعض وان الصراع بين حزب العدالة والتنمية وحزب الشعوب الديمقراطية وكذلك استغلال حزب الشعب الجمهوري لتفجير انقرة وطلب تغيير وزيري العدل والداخلية ليس الا حربا سياسية تزيد من ابتعاد الاطراف السياسية التركية من بعضا البعض وتفاقم الخلافات الموجودة وصولا الى طريق مسدود وربما مليء بالعنف والدماء.

ان الساسة الاتراك يستغلون الان تفجير انقرة لكيل الاتهامات لمنافسيهم من اجل تحقيق الفوز في الانتخابات القادمة وربما يكون هذا الامر مألوفا في دول أخرى ايضا لكن تركيا التي تشهد صراعا داميا بين الاكراد والاتراك كان يجب ان تتحاشى الدخول في مثل هذه المزايدات والصراعات لكي لا يؤدي هذا الصراع الى اراقة الدماء
المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق