التحديث الاخير بتاريخ|الأربعاء, ديسمبر 25, 2024

بعد موسكو أي عاصمة سيزورها الاسد 

لا يوجد أدني شك أن الاعلان عن خبر زيارة الرئيس السوري «بشار الاسد» لروسيا، يعتبر الحدث الابرز علی شاشات القنوات الفضائية والمواقع الخبرية، علی مستوي العالم. وتاتي الأهمية لهذه الزيارة ليس لكونها الأولی من نوعها للرئيس الأسد منذ حوالي ما يقارب الـ ٥ أعوام فحسب، بل أنها تضفي شرعية فائقة الأهمية علی الحكومة السورية، والتي تحاول العديد من دول المنطقة، نزع هذه الشرعية عبر استخدام مختلف الوسائل. وبالاضافة الی هذه الشرعية، فان روسيا أرادت من خلال هذه الدعوة التي وجهتها الی الرئيس السوري، التاكيد علی هذه النقطة أن الرئيس السوري بات من الیوم فصاعدا خطا أحمرا لا يمكن تجاوزه من قبل أي من الاطراف الداخلية والخارجية. إذن كيف ستتعامل الجهات الخارجية مع الرئيس السوري وحكومته الشرعية بعد هذه الزيارة للرئيس السوري لروسيا؟.

وبعد الدعم العسكري والسياسي وحتی الإقتصادي المتواصل الذي قدمته روسيا لحليفتها سوريا خلال ما يقارب ٥ أعوام، ها هي موسكو الیوم استضافت الرئيس السوري في قصر الكرملين بشکل رسمي، لتؤكد دون التباس أن الدعم الروسي لدمشق، هو دعم إستراتيجي من الطراز الاول لروسيا لاتوجد له حدود. وإذا ما اردنا ان نعرف كيف ستتعامل دول المنطقة المعادية لسوريا في المستقبل، فانه بات من الواضح جدا، اننا سنشهد تحولا كبيرا في مواقف هذه الدول تجاه النظام السوري والرئيس بشار الاسد، ومن المحتمل أن يکون هذا التحول ايجابي.
الكثير من المتابعين يعتقدون أن روسيا تعي جيدا ما تقوم به في سوريا وهي لم ترتكب أي مخالفة قانونية خلال دعمها لنظام الأسد منذ بداية الأزمة في سوريا عام ٢٠١١ حتی يومنا هذا. حيث أن روسيا تدعم الحكومة السورية المنتخبة شرعيا من قبل الشعب السوري وتؤكد دائما أن كلمة الفصل حول من يجب أن يكون في رأس السلطة في سوريا، يجب أن تكون للشعب السوري دون غيره من الاطراف الاخری، وكرر الرئيس بوتين هذه المواقف الروسية مرة اخری خلال لقائه بالأسد الاخير. وبالنسبة الی الغارات الروسية ضد المجموعات الإرهابية في سوريا، هي الاخری التي تأتي ايضا في الاطار القانوني، حيث أن هذه الضربات الجوية جاءت بعد طلب رسمي من الحكومة السورية، ولم تكن هذه الضربات كما جاءت من قبل أمريكا حيث أنها إنتهكت السيادة السورية والقانون الدولي بشكل صارخ.

وبالعودة الی زيارة الاسد الرسمية لروسيا، فان هذه الزيارة وفي نفس الوقت الدعوة الرسمية التي صدرت من قبل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين للأسد لزيارة روسيا، تعتبران رسالتان مهمتان وقويتان موجهتان الی كلا من السعودية وتركيا وكذلك قطر وأمريكا، وفحواهما أن الأسد أصبح فعلا خطا أحمرا بالنسبة لروسيا أكثر من اي وقت مضی. ولهذا فعلی أنقرة والرياض وباقي العواصم المعادية لدمشق، ان تفهم هذا الأمر القائل بان لا فائدة من الرهان علی جهة النصرة و جيش الفتح والجماعات الإرهابية الاخری. وإذا ما أرادت هذه الدول حقا إنهاء الأزمة في سوريا فعلیها البحث عن حلول يكون فيها الأسد جزاء مهما من الحل.

كما لابد علینا أن لا ننسی التقارير التي تتحدث عن أن لروسيا ٢٥ الف مقاتل في سوريا يمتلكون الخبرات القتالیة العالیة، جائوا لمقاتلة داعش والجماعات المتطرفة الاخری، التي تريد أن تجعل من العاصمة دمشق مقرا للخلافة المشؤومة المبنية علی القتل وسفك دماء الابرياء من المسلمين وغير المسلمين. وهذه القوات لم تأتي نزهتا لسوريا، بل جائت لتقاتل علی الأرض، لمساندة القوات السورية، وإذا ما دخلت هذه القوات الروسية في عمليات برية، وهي مرشحة لترتفع نسبتها الی أضعاف هذا العدد، فان القضاء علی الأرهاب في سوريا لم يكن سوی مسألة وقت.

وفي هذا السياق لابد أن نعترف أن الغارات الروسية علی الإرهاب في سوريا، اوقفت تقدم الإرهاب في العديد من المناطق كما أشار الرئيس الأسد، وهذا ما أنقذ حياة أعداد كبيرة من السوريين، علی عكس محاربة أمريكا المزعومة لداعش، التي لم ينتج عنها سوی مزيدا من الدمار في صفوف المدنيين السوريين ورفع نسبة الهجرة بينهم.

ويقول بشار الجعفري سفير سوريا الدائم لدی الامم المتحدة حول أهمية زيارة الاسد لموسكو ولقائه بالرئيس بوتين، وفي إشارة منه للهيستريا التي اصابت العديد من الدول الغربية والعربية الداعمة للإرهاب في سوريا أن ما حدث ويقصد بالطبع الدعم الروسي العسكري خلال الاسابيع الاخيرة لسوريا، وكذلك لقاء الأسد بالرئيس بوتين ، «أن ما جرى هو أمر فوق استراتيجي لأنه أفشل خططا كبيرة ونوايا شريرة كانت مبيتة لتنفيذها ضد سورية وشعبها خلال فصلي الخريف والشتاء».
وفي النهاية يجب القول أن زيارة الأسد لموسكو تعتبر تتويجا لانتصارات سوريا وحلفائها في الحرب العالمية علی الإرهاب، وهذه الزيارة ستكون مقدمة مهمة لعودة الاستقرار لسوريا، لبدء الاصلاحات السياسية الشاملة التي تضمن وحدة وسلامة أراضي سوريا وشعبها، ومن أجل الوصول الی ذلك، يجب أن نسأل عن العاصمة التي سيزورها الرئيس الاسد بعد موسكو، وحتی إذ ما كانت الزيارة القادمة للرئيس الاسد ليست مفاجئة من العيار الثقيل كزيارته لروسيا، إلا انها لم تقل اهمية عن زيارة موسكو، في مجال المساعي الرامية الی إنهاء الأزمة السورية.
المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق