التحديث الاخير بتاريخ|السبت, أكتوبر 5, 2024

عاصفة التغيير تضرب كندا: من السياسة المُتشددة الى سياسة التقارب 

لم تقتصر التغيرات التي يشهدها العالم على الشرق الأوسط و أوروبا، بل يبدو أن القارة الأمريكية لها نصيبٌ في هذا التغيير. و هو الأمر الذي يمكن أن تكون كندا أحد نماذجه الجديدة، لا سيما بعد فوز الليبراليين في الإنتخابات التشريعية وما يعنيه ذلك على صعيد السياستين الداخلية والخارجية. فكيف يمكن تقييم ذلك لا سيما على صعيد السياسة الخارجية الكندية؟

حقق “الحزب الليبرالي” فوزاً كاسحاً في الإنتخابات التشريعية في كندا، ليُنهي بذلك حكم المحافظين الذي استمر قرابة عقد من الزمن. كما أنهى فوزهم آمال زعيمهم ستيفن هاربر بالبقاء على رأس السلطة التنفيذية في البلاد لولاية جديدة. في وقت تعهد فيه زعيم الحزب الفائز، جاستن ترودو، والذي سيرأس الحكومة الكندية المقبلة، بأن يكون رئيس وزراء جميع الكنديين.

فالسياسة الكندية الماضية تعرضت لسنواتٍ طويلة لإنتقادات عديدة لا سيما جراء اعتماد هاربر مقارباتٍ مُثيرة للجدل في ملفات عدة، تحديداً في القضايا المتعلقة بالبيئة والهجرة والسياسة الخارجية لكندا. وهو الأمر الذي يبدو أنه سيتغير بتغير الزعيم الحاكم. فماذا في التحليل والتوقعات؟
– يمكن القول أن هزيمة هاربر تعود بحسب المحللين للتراجع الكبير في شعبيته وهو ما يمكن الإستدلال عليه من خلال خسارته الكبيرة في مقاطعتين رئيسيتين في البلاد، أونتاريو وكيبيك. بينما يأتي فوز ترودو ليعكس إرادة ومطالب الشعب الکندي فی الإبتعاد عن السیاسات المتطرفة وانتخاب النواب الذین یرغبون في تمثيلهم. فقد اتُهم هاربر، الذي وصل إلى السلطة في العام ٢٠٠٦، باعتماد سياسات عديدة متشددة لا سيما سياسة الهجرة. كما اتهم بممارسة التحيز في ما يتعلق بملف اللاجئين السوريين تحديداً، من خلال تدخل مكتبه شخصياً بملفات المهاجرين، وعدم وفائه بوعوده التي قطعها باستقبال عشرة آلاف لاجئ على الأقل.
– وهنا فقد حضرت العديد من الملفات الخارجية لتكون مادةً للخلاف بين الطرفين، ولتثبت ميول الشعب الكندي لسياسات الليبراليين الإنفتاحية. فالأزمة السورية وملفات المنطقة لا سيما الشرق الأوسط كانت إحدى المسائل التي طرحت العديد من التساؤلات. وهو ما يعني تحولاً في السياسة الخارجية لكندا لا سيما سياسة هاربر المتحيزة لتل أبيب والمناهضة للعلاقات مع إيران. فهاربر كان أول رئيس وزراء كندي يلقي خطاباً في الكنيست الصهيوني، في وقتٍ تعرض للإنتقاد من قبل العديد من المسؤولين في وزارة الخارجية الكندية، والذين أبرزوا قلقهم على سمعة كندا الدولية. فخلال عهد رئيس الوزراء السابق هاربر والمحافظين، اتبع الرجل بدقة سياسة مماثلة لسياسة واشنطن تجاه العلاقة مع ايران، ليطلق مواقف متطرفة في بعض المسائل أكثر من واشنطن تجاه طهران. وهذا ما يمكن ملاحظته من خلال ما يتعلق بمسألة العقوبات والإتهمات المتعلقة بملف حقوق الإنسان الى جانب قصة إغلاق السفارة الإيرانية في كندا قبل ثلاث سنوات.
– وهو الأمر الذي جعل الجالية الإيرانية الأصل والمقيمة في كندا اليوم، الى دعم الحزب الفائز في الإنتخابات. فيما دعت لتحسين العلاقات بين طهران وأوتاوا. وهنا لا بد من الإشارة الى أن لهذه الجالية دورٌ فعالٌ في تحسين العلاقة بين البلدين وتقريب وجهات النظر.
– أما على الصعيد الداخلي فقد تعهد رئيس الوزراء المنتخب بمكافحة تغير المناخ، وبمعالجات مختلفة لسياسات سلفه، في ملف البيئة بالإضافة إلى تحسين العلاقات الإقتصادية الأميركية الكندية المضطربة بهدف إحداث تقدم في مشروع خط النفط “كيستون اكس ال” والذي كان هاربر يدعمه والذي هدد أوباما بإستخدام حق النقض الفيتو تجاهه.

لم تعد الدول الغربية بعيدة عن التغييرات الجذرية. فقد أصبحت الشعوب تعي حقيقة الأطراف كافة. وهو الأمر الذي يبدو جلياً من خلال تحليل نتائج الإنتخابات الكندية. فالسياسة الخارجية لكندا، كانت ضحية سياسات هاربر المتشددة. فيما كان الدور الكندي في الشرق الأوسط بعيداً عن الفعالية. أما اليوم فقد فرضت التغيرات في العالم نفسها على الساحة المحلية في كندا. فالتقرب من طهران أصبح أمراً ضرورياً، وهو ما رسخه المنتخبون الكنديون الإيرانيو الأصل. فيما يبدو توجه الرئيس الجديد مقبولاً لدى كافة الشعب الكندي، لإنفتاحه واهتمامه بخيارات المواطن الكندي لا سيما المتعلقة بحياته اليومية. فهل سنشهد في المستقبل دوراً فعالاً لكندا في الشرق الأوسط؟ وهل سيكون للسياسة الجديدة أثرُ على الصعيد السياسي في العالم العربي؟ أسئلةٌ برسم الأيام المقبلة.
المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق