الاتفاق النووي يدخل حيز التنفيذ…. امتحان جديد لدّول الغربية
في ١٤ تموز الماضي، توصّلت الجمهورية الاسلامية الايرانية في فيينا إلى اتفاق مع مجموعة “٥+١” حول برنامجها النووي، لتدخل بموجبه نادي الدول النووية من بابه العريض، وتسير في اتجاه رفع العقوبات الاقتصادية الدولية المفروضة عليها منذ عقود. و اليوم و بعد مرور ثلاثة أشهر على تبنّي مجلس الأمن الاتفاق، يدخل الاتفاق النووي حيّز التنفيذ، و تبدأ مرحلة جديدة منه و اختبار جديد للغرب فهل سينجح الغرب؟
ايران و تطبيق الاتفاق
مباشرة بعد الاتفاق على البدء بتنفيذ الاتفاق النووي قال رئيس منظمة الطاقة الذرية علي أكبر صالحي إن “المهمة الهائلة” ستبدأ هذا الأسبوع أو الأسبوع المقبل. وأضاف: “سنبدأ بالتحرك حين نتلقى الأمر من الرئيس حسن روحاني فنحن جاهزون “.
في السياق نفسه، أعلن مساعد وزير الخارجية للشؤون القانونية والدولية، عباس عراقجي، أن الجانبين سيعملان في يوم التنفيذ المرحلي على سلسلة من تعهداتهما. وصرّح للتلفزيون الإيراني بأن “إلغاء العقوبات سيكون على مرحلتين؛ المرحلة الأولى ستنفذ رسمياً من مجلس الوزراء، وتجري فيها تهيئة الأرضية لإلغاء العقوبات”، ولكنه قال إن “تنفيذها سيتم في المرحلة الثانية، يقوم خلالها الجانبان بإجراءاتهما”.
عراقجي أشار إلى الإجراءات التي يجب أن ينفذها الطرفان، وقال: “سننفذ سلسلة من الإجراءات في فوردو وناتنز وآراك، كذلك فإن الغربيين سيعملون على تهيئة مجموعة من المسودات والتعليمات للشركات، وكذلك المكاتبات المطلوبة بهذا الشأن”.
يشار إلى أنه ينبغي وضع ثلثي أجهزة الطرد المركزي الإيرانية خارج الخدمة، وكذلك إعادة بناء مفاعل المياه الثقيلة في آراك، حتى لا يعود قادراً على إنتاج البلوتونيوم للاستخدام العسكري. وستضطلع الصين بدور رئيسي في هذا الأمر .
وعلى إيران، أيضاً، أن تقلص إلى ٣٠٠ كلغ، ولمدة ١٥ عاماً، مخزونها من اليورانيوم الضعيف التخصيب، والبالغ حالياً اثني عشر طناً. ولتنسيق هذا المسار الطويل، ستجتمع لجنة مشتركة تضم ممثلين عن الدول الموقّعة، إيران والصين والولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وروسيا وألمانيا، اليوم في فيينا .
في غضون ذلك، أبلغت إيران الوكالة الدولية للطاقة الذرية أنها ستطبق البروتوكول الإضافي في معاهدة حظر الانتشار النووي. وأفاد بيان للوكالة بأنه “في ١٨ تشرين الأول، أُبلغ المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية من جمهورية إيران الإسلامية بأن طهران ستطبّق مؤقتاً البروتوكول الإضافي”.
ويسمح هذا الإجراء بعمليات مراقبة مكثفة للوكالة، وهو منصوص عليه في الاتفاق المبرم في ١٤ تموز مع الدول الكبرى. وسينشر المدير العام للوكالة، يوكيا أمانو، في ١٥ كانون الأول، “استنتاجاته النهائية” في ما يتعلق بهذه الإجراءات .
الغرب و تطبيق الاتفاق
على الجهة الأخرى، تبنّت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، الأطر القانونية استعداداً لتعليق العقوبات على إيران، في أول ترجمة ملموسة للاتفاق النووي، فقد أمر الرئيس الأميركي باراك أوباما إدارته بالاستعداد، عبر نشر نصوص تعليق مختلف العقوبات التي كان قد جرى فرضها بحق الجمهورية الاسلامية لمنع الشركات الأجنبية من شراء النفط الإيراني أو حظر التعامل مع المصارف الإيرانية. و في اليوم نفسه أعلن الاتحاد الأوروبي أنه اعتمد الإطار القانوني لتعليق العقوبات، وذلك في بيان مشترك لوزيرة خارجيته فيديريكا موغيريني، ونظيرها الإيراني محمد جواد ظريف، كذلك نشر القرار في الجريدة الرسمية الأوروبية. وقالت موغيريني أن الاتحاد الأوروبي اعتمد الإطار القانوني لرفع كل العقوبات التي يفرضها على إيران، طبقاً للاتفاق النووي الموقع في تموز الماضي، و أضافة الى أنّ هذا الإجراء “لن يصبح فاعلاً إلا بعد أن تكون طهران قد التزمت كل ما هو واجب عليها”.
و أعلن وزير الخارجية الألماني فرانك – فالتر شتاينماير خلال الزيارة التي قام بها الى ايران خلال اليومين الماضيين إلى أن “العقوبات على إيران ستستمر على الأرجح حتى كانون الثاني المقبل على الأقل”، طالباً من الجمهورية الإسلامية بـ “تقديم الأدلة على تنفيذها شروط الاتفاق قبل رفع العقوبات”.
خلاصة القول، دخول الاتفاق النووي حيز التنفيذ لا يعني ازالة العقوبات المفروضة على الجمهورية الاسلامية في ايران سريعاً، فهناك مراحل ستتبعها مراحل أخرى لكي نصل الى رفع العقوبات، و خلال هذه المرحلة يتوجب على الجمهورية الاسلامية تطبيق المطلوب منها في الاتفاق، و في الوقت نفسه يتوجب على الغرب الالتزام بالاتفاق و عدم اللجوء الى اساليب الخداع لانه ستكون عواقبه وخيمة حيث يؤكد الإيرانيون أن الالتزام به سيكون في صالح الجميع والإخلال به يضر بالجميع أيضاً. فهل سينجح الغرب في هذا الامتحان؟
المصدر / الوقت