ماذا يعني لجوء “بن سلمان” لمرتزقة السودان؟
“الغريق يتعلّق بقشّة”، مثل يصف حال القرارات البائسة الناتجة عن حالات من نفس النوع لولي ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، والذي عمد مؤخراً إلى إشراك جنود سودانيين في عدوان بلاده على الشعب اليمني.
لم تكن الرياض بحاجة إلى القوّة السودانية التي وصلت دفعتها الثانية المؤلفة من ٥٠٠ جندي، بعد أيام على وصول الدفعة الأولى إلى محافظة عدن جنوب اليمن، لولا أنها نجحت وبمؤازرة القوة الإماراتية أو بقيّة الحلفاء في تحقيق أي تقدّم عسكري يعطي الرياض زمام الأمور في الميدان اليمني.
دلالات وأبعاد
وبصرف النظر عن الأثر الميداني الذي ستتركه القوات السودانية المشاركة في العدوان، في ظل إمكاناتها العسكرية المتواضعة، تحمل هذه الدعوة السعودية وتلبيتها السودانية جملة من الأبعاد والدلالات أبرزها:
أولاً: إن خطوة محمد بن سلمان في طلب مرتزقة السودان، هي بمثابة اعتراف غير مكتوب بأنه فشل في عداونه على الشعب اليمني رغم قراراته البائسة الناتجة عن حالات من نفس النوع في الأشهر الستة الماضية. إن القوّة الإماراتية، ورغم التجهيزات الضخمة، إضافةً إلى الأسلحة السعودية المتطورة، لم تنجح في كسر عزيمة اليمنيين، فهل سينجح بعض المرتزقة المشاركين بدفع من البشير الذي “إستلم حقّهم سلف”، في هزيمة شعب اليمن؟ هل من يقاتل من أجل الأموال قادر على الصمود عندما يشتد وطيس الحرب؟
ثانياً: يأتي هذا الإستدعاء بعد أيام على إعلان الرئيس اليمني المستقيل عبد ربه منصور هادي موافقته على الدعوة الأممية التي تلقاها من أجل إجراء جولة جديدة من المفاوضات مع حركة أنصار الله وحزب المؤتمر وكافّة القوى المناهضة للعدوان. بعبارة أخرى، تسعى السعودية في المرحلة الحالية لكسب إنتصارات ميدانية تؤثر على سير المفاوضات وتجيّرها لصالحها، بإعتبار أن الظروف الدولية قد لا تسمح بإستمرار العدوان في المرحلة اللاحقة. فقد يلجأ الدب الروسي لعرقلته بعد “الحرب النفطية” التي شنّتها السعودية مؤخراً على أوروبا الشرقية التي تقع ضمن الإقليم النفطي لموسكو.
ثالثاً: إن الخطوة الأخيرة في إستدعاء مرتزقة السودان للمشاركة في محاربة الشعب اليمني تؤكد رؤية رئيس المعهد الأمريكي للدراسات اليمنية، دانيال مارتن الذي قال ساخرا: العالم كله متحالف ضد اليمن فالدول الغنية مثل امريكا وبريطانيا وفرنسا تقوم ببيع الاسلحة لقتال اليمن وايضا الدول الفقيرة تقبض الملايين من الدولارات ثمن حياة جنودهم كمرتزقة ضد جيش اليمن .
رابعاً: يحاول البشير، الذي كان يعتبر من أبرز أعداء السعودية في الفترة السابقة بسبب تقاربه مع طهران، أن يحقق جملة من أهدافه الداخلية والخارجية عبر خطوته الأخيرة. داخلياً، يسعى البشير للحصول على الدعم السياسي والإقتصادي من السعودية، لمواجهة الأوضاع الداخلية والأزمات الإقتصادية الأمنية التي تعاني منها الخرطوم، في حين يهدف البشير خارجياً لشرعنة نفسه خشية الإعتقال، بإعتبار أنه أحد المطلوبين للمحكمة الجنائية الدولية. لذلك، فإن البشير وبن سلمان، كُلاً وجد ضالّته في الآخر، ولذلك وصلت القوة السودانية إلى مدينة عدن.
خامساً: إن تأكيد المصادر العسكرية على أن هدف القوّة السودانية هو حفظ الأمن في مدينة عدن، هو اعتراف واضح بواقع المدينة المنقسم بين عدّة محاور، أبرزها: السعودية ومليشيات هادي، القوّة الإماراتية وحكومة بحاح، القاعدة وحزب الإصلاح، الحراك الجنوبي. هنا يؤكد البعض أن القوّة المتمثلة بمليشيات هادي سيتم إستبدالها في مدينة عدن بالقوّة السودانية، بغية إرسالها للقتال في محافظات أخرى.
ربما كان أجدر بالغريق أن لا يسبح في الأصل كونه عوده لم يستقم بعد من ناحية، ولا يتقن فنّ السباحة من ناحية أخرى، أو يبحث عن نجدة ما أو ربما ببساطة أن يستسلم، فقد تكون محاولاته اليائسة للنجاة سبباً في جعل موته أكثر إيلاماً.
هذا هو واقع محمد بن سلمان الذي شنّ عدواناً دموياً على الشعب اليمني لغاية في نفس سلمان، إلا أن الوقائع الميدانية تؤكد أن “العدوان على اليمن” قطع الطريق على حلم بن سلمان الوردي في العرش، لا بل حوّله إلى كابوس مميت. بإختصار، إن قشّة بن سلمان التي تعلّق بها، لا تستطيع إنقاذه، لا بل ستكون نفسها التي تقصم ظهر «آل سعود»، فما لايعلمه تجار الحروب ان هذا الجحيم لابد ان يطالهم يوما.
المصدر / الوقت