التحديث الاخير بتاريخ|الأحد, نوفمبر 17, 2024

لماذا يخشى الغرب من التحالف الأمني الإيراني – الروسي؟! 

في الوقت الذي تدّعي فيه الدول الغربية بأنها تحارب الإرهاب وتسعى للقضاء عليه من جانب، نجدها من جانب آخر تعارض الإتفاق الأمني الإيراني الروسي لمواجهة الإرهاب في حين أثبتت الايام والتجارب أن التحالف الدولي الذي شكّلته واشنطن وحلفاؤها الغربيون والاقليميون فشل في تحقيق هذا الهدف بينما نجح التحالف الإيراني الروسي الذي يضم أيضاً العراق وسوريا وحزب الله لبنان في أداء هذه المهمة، وخير مثال على ذلك الانتصارات الكثيرة والكبيرة التي تحققت مؤخراً في العراق وسوريا على الجماعات الإرهابية بفضل الدعم الإيراني الروسي ومشاركة مقاتلي حزب الله في صنع هذه الانتصارات.

فما هي الدوافع الحقيقية التي تجعل المعسكر الغربي يخشى من التحالف الأمني الإيراني الروسي في وقت إعترفت فيه واشنطن مراراً بقدرة طهران وموسكو الكبيرة على مواجهة الإرهاب؟!

للاجابة عن هذا التساؤل لابد من التعرف على ما يلي:
١- يخشى الغرب من أن يؤدي التحالف الإيراني الروسي إلى الحفاظ على حكم الرئيس السوري بشار الأسد والذي سعت الدول الغربية وفي مقدمتها أمريكا وبعض الدول الاقليمية خصوصاً تركيا وقطر والسعودية إلى ازاحته عن السلطة من خلال تدخلها الواضح بالشأن السوري ودعمها اللامحدود للجماعات الإرهابية في هذا البلد. ولكن السؤال المطروح هو أن الغرب كان يعلم منذ بداية الأزمة السورية قبل أكثر من أربع سنوات ان طهران وموسكو سعتا إلى دعم الأسد، فلماذا برزت هذه الخشية في هذا الوقت بالذات؟!
الاجابة عن هذا التساؤل تكمن بأن الغرب يعتقد بأن إيران وروسيا بصدد تشكيل تحالف أمني استراتيجي قادر على تغيير المعادلات الاقليمية والدولية لصالح شعوب المنطقة، ويدرك جيداً أهمية الموقع الاستراتيجي والعمق السياسي والدبلوماسي الذي تحظى به كل من روسيا وإيران والذي يؤهلهما للعب هذا الدور.
٢ – يخشى الغرب من احتمال انضمام دول كبرى ومهمة أخرى في مقدمتها الصين إلى التحالف الأمني الإيراني الروسي لاسيما وان هناك مؤشرات كثيرة تعزز هذا الاحتمال من بينها وجود مصالح مشتركة كثيرة بين بكين وطهران وموسكو على جميع الاصعدة السياسية والاقتصادية والأمنية.
٣ – كان الغرب يعتقد أن الإتفاق النووي الذي وقعته إيران مع المجموعة السداسية الدولية (أمريكا وروسيا والصين وبريطانيا وفرنسا والمانيا) سيغيّر من سياسة طهران تجاه قضايا المنطقة والعالم، إلاّ انه اكتشف سريعاً أن هذا الاعتقاد ليس سوى وهم لايمكن أن يتحقق على أرض الواقع بعد أن أكد المرشد الاعلى للثورة الاسلامية السيد علي الخامنئي بأن إيران لن تغير مواقفها المبدئية المناهضة للسياسات الاستكبارية والداعمة للشعوب المظلومة ولمحور المقاومة الذي يتصدى للمشروع الصهيوأمريكي في المنطقة.
٤ – كانت الدول الغربية وعلى رأسها أمريكا تعتقد أن الإتفاق النووي سيسهم في دفع إيران لتعزيز علاقاتها مع الغرب وتقليص علاقاتها مع الدول الأخرى خصوصاً روسيا والصين والهند ودول شرق وجنوب شرق آسيا، لكن هذا الاعتقاد سرعان ما تبدد بعد أن أعلنت طهران أنها سترفع من مستوى علاقاتها مع هذه الدول في كافة المجالات، وستعزز تعاونها الأمني مع الدول المؤثرة لاسيما روسيا لمواجهة الإرهاب الذي يهدد الأمن والاستقرار في عموم المنطقة.
٥ – أربكت المشاركة العسكرية الروسية القوية في ضرب الجماعات الإرهابية في سوريا حسابات الدول الغربية وعلى رأسها أمريكا التي كانت تسعى لتشويه صورة إيران في المنطقة من خلال الايحاء بأنها الدولة الوحيدة التي تدعم سوريا عسكرياً، ولكن تبين للعالم أجمع بأن الدعم العسكري الروسي لسوريا والذي فاجأ الدول الغربية هو ترجمة عملية لتحالف أمني استراتيجي وكبير بين موسكو وطهران والذي يسعى لمواجهة الإرهاب ليس في سوريا والعراق فقط؛ بل في عموم المنطقة.
٦ – يخشى الغرب من أن يتمكن العراق وسوريا من استعادة أمنهما واستقرارها بعد القضاء على الجماعات الإرهابية وفي مقدمتها تنظيم “داعش” بفضل الدعم العسكري والأمني الإيراني والروسي لهذين البلدين، وهذا يعني بالضرورة فشل المشروع الأمريكي المسمى “الشرق الأوسط الكبير أو الجديد” الرامي إلى تقطيع أوصال المنطقة والعبث بمقدراتها ونهب ثرواتها.
٧ – تخشى الدول الغربية من أن يتمكن محور المقاومة في المنطقة من التفرغ لمواجهة الكيان الاسرائيلي بعد القضاء على الجماعات الإرهابية المدعومة من قبل هذا الكيان، وهذا الأمر من شأنه أن يوجه ضربة استراتيجية قاصمة للغرب وعلى رأسه أمريكا الداعم الرئيسي للكيان الاسرائيلي والذي يسعى بكل الوسائل لإبعاد شبح التهديد الأمني عن هذا الكيان الغاصب.
٨ – يخشى الغرب من أن ينجح التحالف الأمني الإيراني الروسي في سحب البساط من تحت أقدام التحالف الدولي الذي تقوده أمريكا والذي فشل في تحقيق مهمته في العراق وسوريا، الأمر الذي سيدفع شعوباً أخرى في مقدمتها الشعب الأفغاني لطلب الدعم العسكري من إيران وروسيا لتخليصه من خطر الجماعات الإرهابية بعد أن فشلت القوات الأمريكية في إعادة الأمن والاستقرار إلى هذا البلد.
٩ – أثبت التحالف الرباعي الذي يضم روسيا وإيران والعراق وسوريا بأنه يهدف فعلاً إلى القضاء على الإرهاب، في حين أثبتت التجارب أن التحالف الدولي بقيادة أمريكا يسعى إلى تحقيق أهداف أخرى لاعلاقة لها أصلا بمحاربة الإرهاب، وهذا الأمر بعث القلق لدى الدول الغربية بأن مزاعمها في محاربة الإرهاب قد إنكشف زيفها وبانَ كذبها، وهذا يعد في حساباتها يمثل خسارة كبيرة وضربة قاصمة لإدعاءاتها في الدفاع عن أمن واستقرار المنطقة والدفاع عن حقوق الانسان والديمقراطية التي تتشدق بها ليلاً ونهارا.

هذه الأسباب وغيرها هي التي جعلت الغرب يعيد حساباته في كيفية تمرير مشاريعه الاستعمارية في المنطقة، ولكنه نسى أو تناسى بأن جميع أوراق اللعبة قد إنكشفت وظهر زيفها بعد أن أدركت الشعوب بأن أمريكا وحلفاءها الغربيين والاقليميين ليسوا بصدد الدفاع عن أمن واستقرار المنطقة؛ بل على العكس من ذلك يسعون لتمزيقها وتهديد مستقبلها، ولهذا تخشى هذه الأطراف من أي تقارب إيراني – روسي لاسيما على الصعيد الأمني لإدراكها بأنه يحظى بدعم كبير ليس من قبل شعوب المنطقة فحسب؛ بل بدعم حتى الشعوب الغربية التي أثار قلقها تمدد الإرهاب إلى دولها والذي أدى إلى إلحاق أضرار بأمنها واستقرارها كما حصل في فرنسا التي تقف حكومتها إلى جانب أمريكا في تنفيذ مشاريعها الاستكبارية والمعادية لدول المنطقة لاسيما في سوريا واليمن وفلسطين المحتلة.
المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق