تيار المستقبل يتدارك الموقف بعد أن كاد يكسر الجرة مع حزب الله
منذ اندلاع الأزمة السورية عام ٢٠١١ ودخول حزب الله الميدان السوري لمحاربة التكفيريين وقف تيار المستقبل في الطرف المقابل للحزب واتخذ موقفا تصعيديا في السياسة وأبعد من ذلك، فقد عمل التيار الأزرق على دعم المجموعات المسلحة وتسهيل نقل المقاتلين الى سوريا ومدهم بالمال والسلاح عبر مسؤوليه العسكريين تارة وعبر نوابه كعقاب صقر الموجود في تركيا وخالد الضاهر وغيرهم، و منذ ذلك الوقت طرح الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله فكرة أن من يريد أن يقاتلنا فليقاتلنا في سوريا منبهاً من نقل المعركة الى الداخل اللبناني وتهديد السلم الأهلي المتزعزع أصلا. حرص حزب الله على عدم نقل المعركة الى الداخل اللبناني ترجمه عبر الابتعاد عن الخطابات المذهبية رغم التفجيرات الانتحارية و العبوات الناسفة التي كانت تأتي من مناطق تابعة سياسيا لتيار المستقبل. حتى أن الأمين العام للحزب كان دائماً يتجنب التعرض لتيار المستقبل أو رئيس التيار النائب سعد الحريري المتواجد في السعودية، إلا أن التصعيد الناري الأخير من أحد صقور التيار الأزرق بإلغاء الحوار والإنسحاب من الحكومة جعل الحزب يرد عبر رأس هرمه بصراحة وبشكل مباشر بالقول “إذا أردتم المغادرة فالله معكن”.
هدد وزير الداخلية في الذكرى السنوية الثالثة لاغتيال رئيس شعبة المعلومات العقيد وسام الحسن، بالتخلي عن الحوار القائم برعاية رئيس مجلس النواب نبيه بري بين حزب الله و تيار المستقبل بهدف المحافظة على قنوات تواصل بين الفريقين و تخفيف الإحتقان الطائفي كما هدد المشنوق باللإنسحاب من الحكومة الحالية مما يعرض البلد إلى فراغ حكومي يضاف إلى الفراغ الرئاسي لأكثر من سنة بعد انتهاء عهد الرئيس السابق ميشال سليمان. و صبيحة اليوم التالي في ذكرى مرور ثلاثة أيام على استشهاد القائد حسن الحاج، أعلن الأمين العام لحزب الله أن من يريد الاستقالة فليستقيل منتقدا الطريقة المتبعة من قبل تيار المستقبل و المنة التي يلقونها على الحزب بالحوار و المشاركة بالحكومة. تصعيد الحزب بعد صبر طويل و صيام عن التصريحات المتبادلة يرده مراقبون إلى أسباب متعددة تراكمت على مدى أكثر من أربع سنوات:
– فأولاً: تراكم التصريحات النارية المهاجمة لحزب الله عبر نواب المستقبل ازدادت وتيرتها خصوصا في الآونة الأخيرة فباتت الاتهامات السياسية حاضرة في كل مناسبة عامة أو خاصة لتحريض أتباع التيار على الحزب بأوامر سعودية.
– ثانيا: لطالما اعتبر وزير الداخلية نهاد المشنوق من رموز الاعتدال داخل تيار المستقبل و الداعين الى التقارب مع الحزب و عدم قطع العلاقات معه هذا الأمر جعل حتى بعض قيادات التيار يوجهون له الانتقادات و التخوين لقلب الرأي العام على شخصه مستقبلا.
– ثالثا: أراد حزب الله من خلال كلمة السيد حسن نصرالله و تصريحات مسؤولي الحزب التي توالت من بعده وقف الأسلوب المستقبلي حيث باتت الصورة و كأن تيار المستقبل صاحب منّة على حزب الله حينما جلس على طاولة الحوار، أما في الواقع فإن الصورة ليست كذلك أبدا حيث أن الأحداث الداخلية و الإقليمية اليوم إلى جانب الحزب و حلفائه أكثر من ذي قبل.
اللهجة العالية التي استخدمها السيد نصرالله جعلت رئيس تيار المستقبل سعد الحريري، الذي سارع إلى التأكيد عبر أكثر من شخصية على عدم رغبته بمغادرة مجلس الوزراء أو جلسات الحوار البرلمانية، ما يعني عملياً إنهاء مفاعيل التهديدات التي أطلقت على لسان وزير الداخلية والبلديات، والتي إستدعت رداً سريعاً من الحزب. ما يعكس صدى تأثير كلام السيد و ضعف الموقف المستقبلي الذي ينفذ بشكل علني أجندة سعودية بعيدا عن المصلحة الوطنية خصوصا في هذه المرحلة الحساسة من تاريخ لبنان حيث يتهدد الإرهاب أمن المواطنين في كل المناطق و من كل الطوائف. و عول التيار الأزرق آماله على سقوط النظام في سوريا أما اليوم فإنه يرى المستجدات الميدانية و يتابعها بقلق، لكنه حتى اليوم لم يستطع قراءة مصلحته و مصلحة لبنان جيدا و طالما أنه يتبع الأجندة السعودية فلن يستطيع تمثيل رأي مؤيديه كما يتوقعون فمصلحة السعودية ببقاء الإنقسامات والمشاحنات المذهبية، و هذا ما يهدد لبنان.
المصدر / الوقت