“إٍسرائيل” تستعين بالـ”دولة الإسلامية” لحرف الإنتفاضة الفلسطينية عن مسارها؟!
لا يُستغرب مّمن وقف على حدود فلسطين المحتلة واحتل أرضاً عربيةً ليكون حزاماً وسداً للدفاع عن “إسرائيل”، أن يُستخدم من قبلها لتشويه الإنتفاضة الفلسطينية الشعبية وحرفها عن مسارها بعد فشل محاولات إخمادها وإحتوائها حتى بالقوة والرصاص. فمن لم يرم حتى حجراً على العدو الأول للمسلمين لا يُنتظر منه أن يُدافع عن المسجد الأقصى، بل من غير المُستغرب أن يكون رأس حربةٍ في المشروع الإسرائيلي لتهويد القدس وتدنيس المقدسات الإسلامية حتى لو كان يرفع راية “الله أكبر”.
فبعد أن تمكنت الهبّة الفلسطينية الشعبية من زرع الرعب والخوف والقلق في قلوب وعقول الإسرائيليين، واستمرت بتحركاتها وعملياتها ضد الجنود والمستوطنين على الرغم من الإجراءات المكثفة وعمليات القتل والإعتقالات بحق الفلسطينيين، لم يتمكن الكيان الصهيوني من كبح وصدّ وتوقيف التحركات الشعبية المطالبة بحقوقها. ومع دخول الأمم المتحدة وأمريكا ووسطاء آخرون على خط الأزمة لمحاولة إحتواء الهبة الفلسطينية ومنع تطورها لإنتفاضة جديدة، أكّد المنتفضون أنّه لن يستطيع أحدٌ إجبارهم على الصمت وعدم رفع الصوت عالياً في مواجهة الإحتلال والإذلال الإسرائيلي للشعب الفلسطيني.
وفي ظل أزمة كبيرة يعيشها الكيان الإسرائيلي وتخبط سياسي وأمني لفشله في التعاطي مع الوضع الداخلي المستجد، إضافة إلى بروز تصريحات ومواقف أممية ودولية وعربية متعاطفة مع الشعب الفلسطيني نادت بتوقف العنف الإسرائيلي والممارسات الغير إنسانية، تداولت المواقع الإسرائيلية قبل أيام تسجيلاً مصوراً باللغة العبرية يظهر عنصراً من داعش بزي مختلف عن زيه المعتاد يهدّد فيه “إسرائيل” بعمليات قريبة.
التسجيل المشبوه في توقيته ومضمونه يطرح العديد من علامات الإستفهام والأسئلة التي يجب الإجابة عنها للتنبّه إلى ما يمكن أن يُخطط مستقبلاً للدخول على خط التحركات الشعبية الفلسطينية لتشويهها وعرقلتها. فمن هو الذي يقف وراء هذا التسجيل؟ وإذا كانت داعش فلماذا تمّ إختيار هذا التوقيت ولم يُعلن عن دعم الإنتفاضة منذ بدايتها؟ وهل أنّ الفشل الإسرائيلي في قمع الحراك الشعبي دفعها لتحريك خلاياها التكفيرية للقيام بعمليات إرهابية في “إسرائيل” تكون ذريعةً لها للردّ بعنف أكبر وأوسع على الهبّة الشعبية لتحصيل التغطية والشرعية لذلك؟ وهل أنها محاولة لإظهار الإستهداف الإرهابي للكيان الإسرائيلي تمهيداً للتحول الجديد سياسياً وعسكرياً في الساحة السورية؟
إنّ من يقف وراء التسجيل المصور لا يريد الخير للفلسطينيين وتحركهم في وجه الإحتلال الإسرائيلي، بل إنّ الذي يدافع عن “الحدود الإسرائيلية” في وجه المقاومة ويتخذ من الكيان الإسرائيلي ملاذاً آمناً للعلاج والهرب هو الذي أوصل هذه الرسالة المفخّخة بطلب من الإسرائيلي. فلماذا لم يُعلن تنظيم داعش عن دعمه للإنتفاضة وتحركها منذ البداية وتأييده للعمليات التي يقوم بها الشعب الفلسطيني؟ الإجابة على هذا السؤال واضح وصريح. فالتنظيمات الإرهابية من داعش وأخواتها لا تعتبر”إسرائيل” عدواً بل إنّ فلسطين ليس على جدول أعمالها ووظائفها، وهي أُنشأت من أجل تنفيذ المخطط الأمريكي الصهيوني لتفتيت المنطقة تمهيداً لتقسيمها من جديد ولكن براية “الله أكبر” وشعارات “إسلامية أمريكية”. فلا يمكن لداعش أن التي صُنعت لتكون اليد الإرهابية لأمريكا و”إسرائيل”، أن تهدّد من صنعها ودعمها وتدعو لنصرة الأقصى وفلسطين.
داعش اليوم هي الخطة البديلة للكيان الإسرائيلي للخروج من المأزق الداخلي بعد فشله في كسر إرادة الشعب الفلسطيني. فالسيناريو المرسوم بعد التسجيل المصور أن تحصل عمليات إرهابية في “إسرئيل” تُتهم فيها القوى الشعبية الفلسطينية بالتنسيق مع داعش وأنّها في خندق واحد، ما يُعرّي التحركات الشعبية الفلسطينية ويُشوّه أهدافها المحقّة ويعطي “إسرائيل” ثقةً أمام العالم لضرب الحركات على أنها إرهابية، بعد أن لاقت الممارسات الإسرائيلية بحق المنتفضين إنتقادات ومعارضات واسعة.
فحسناً فعل الفلسطينيون بمسارعتهم لرفض التسجيل شكلاً ومضموناً ووضعه في إطار الحملة المغرضة والمفخخة لضرب وتشويه مسار وأهداف الإنتفاضة الفلسطينية. وقد جاء التسجيل المشبوه بنحو مفاجئ بعد هجوم رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو على الرئيس الفلسطيني واتهامه له بأنه إنضم إلى داعش.
واعتبر خطيب المسجد الأقصى الشيخ عكرمة صبري أن تصريحات نتنياهو قائمة على التزوير وقلب الحقائق وهو يريد من خلالها أن يبتز الرئيس الفلسطيني محمود عباس كي يرضخ للشروط الإسرائيلية. وقال الشيخ صبري إنه لا يمكن التأكد من صحة التسجيل إن كان مصدره داعش أو جهة أخرى، داعياً إلى عدم الالتفات إلى أي محاولة هدفها حرف الانتفاضة عن مسارها. وأضاف إن المنتفضين لا يخضعون لأي ابتزاز سياسي أو حل مشبوه لأن هؤلاء حين قرروا أن ينتفضوا لم يستشيروا أحداً بل أقدموا على عمل ذاتي مدفوعين بشعور عفوي حباً بالأقصى والقدس.
ومن جهة أخرى رأى بعض المحللين أنّ التسجيل الذي حصل بطلب إسرائيلي، يسعى من خلاله الكيان الإسرائيلي دون جدوى أن يُظهر أنّه مستهدف من داعش كي يعطي إنطباعاً على أنه في مواجهة التنظيمات الإرهابية ليمهّد فيما بعد لتغيير تكتيكي شكلي في سياسته تجاه المجموعات الإرهابية قبل أي تسويةٍ مقبلةٍ بشأن الأزمة السورية.
فهما كانت الأهداف الإسرائيلية من وراء التسجيل فلا يمكن لأي شيء أن يبّدل الوجه الدموي القبيح للكيان الإسرائيلي وأعوانه الذين يدعون انتماءهم للإسلام في المنطقة. وتنظيم داعش الذي داس إرهابيوه علم فلسطين وأحرقوه لن يكون لهم شرف الدفاع عن ترابها العزيز بل إنهم سيبقون مرتزقة إسرائيليين خائنين للإسلام مهما رفعوا من شعارات ورايات.
المصدر / الوقت