التحديث الاخير بتاريخ|الجمعة, نوفمبر 15, 2024

هل وصل الزمن لتقارب مصر مع ايران؟ 

من يتابع التطورات المصرية خلال العقود الثلاثة الماضية ومنها حقبة ما بعد ثورة الـ٢٥ من يناير عام ٢٠١١، يری أن رؤساء مصر فرطوا بمصالح الشعب المصري في مجال العلاقة مع إيران، خدمة لمصالح دول اخری، تاتي أمريكا والسعودية بالاضافة الی الكيان الإسرائيلي في مقدمة هذه الاطراف. لا نريد أن نتطرق الی جميع الاخطاء التي ارتكبها محمد أنور السادات، وحسني مبارك ومحمد مرسي والرئيس الحالي لمصر عبدالفتاح السيسي، في هذا السياق ونحاول عبر هذه السطور التطرق الی الاستنكاف المصري من قبل هؤلاء الرؤساء تجاه الجمهورية الإسلامية الإيرانية وعدم سماحهم بإعادة العلاقات مع طهران، وكذلك إتهام إيران بانها تريد أن تتدخل في شؤون مصر ومن ضمنها إتهام طهران بانها تسعی الی نشر التشيع بين المصريين!. التنظير من قبل الحكومات المصرية المتعاقبة والتي ترسم عن إيران صورة بعيدة عن الواقع، الحقت أضرارا اقتصادية فادحة بالشعب المصري، وجعلت الإقتصاد المصري يستجدي المعونات من واشنطن والرياض. فلماذا لا يطالب الشعب المصري باعادة العلاقات المصرية الإيرانية إن كان حقا أن الشعب المصري هو صاحب القرار في ما يتعلق بمصالحه وسيادة البلاد؟. أم أن قرار إعادة العلاقات المصرية الإيرانية من جانب مصر ليست بيد الشعب المصري وحكومته؟

وإذا ما سألت الحكومة المصرية عن سبب عدم تحمسها لإعادة علاقاتها مع إيران باعتبارها دولة مهمة، اقتصاديا وسياسيا، بحيث نری تسابق الدول العظمی لتعزيز علاقاتها مع طهران فمابالك بمصر التي تعاني من أزمات إقتصادية كثيرة، فان الحكومة المصرية لا يوجد لديها جواب مقنع، وكل ما لديها هي مجرد حفنة من الإتهامات تجاه إيران، بان طهران تحاول أن تتدخل في الشأن المصري بالاضافة الی أنها، اي ايران، تسعی الی ضرب الامن والإستقرار في الدول الخليجية. والغريب أن هذه الدول العربية التي تدعي مصر أن إيران تسعی لتتدخل في شؤونها، جميعها لديها سفارات في طهران ولدی طهران سفارات في هذه الدول، فضلا عن أن التبادل التجاري بين إيران وهذه الدول يصل الی عشرات المليارات من الدولارات سنويا. هنا يوجد سؤال يشغل إذهان الكثير من المحللين وهو: لماذا الشعب المصري خاضع أمام تبريرات حكوماته المتتالیة، ولم يضغط علی هذه الحكومات لبناء علاقة قوية مع إيران؟. لا جواب واضح لدينا حول هذا الإستفسار.

وفي أحدث حلقات هذا المسلسل المثير للجدل والمتعلق باستنكاف الحكومة المصرية في مايخص بالسماح لتطوير العلاقات مع إيران، شنت في الآونة الاخيرة السلطات المصرية حملة واسعة علی الشيعة، لكن ليس ضد الشيعة في إيران، إنما ضد اتباع المذهب الشيعي في مصر. حيث أمر «محمد مختار جمعة» وزير الأوقات المصري، باغلاق ضريح الامام الحسين(ع) في القاهرة خلال ذكری عاشوراء، بذريعة أن الشيعة المصريين قد يقومون باحتجاجات وإحداث توترات بين زوار الضريح، وفق ما نقلت وسائل الإعلام المصرية عن مختار جمعة.

والقضية التي أثارت استغراب العديد من المتابعين هي مطالبة شيعة مصر من قبل وزير الأوقات المصري باصدار بيان رسمي واضح دون اي التباس ليعلنون من خلاله تبرئتهم من أي صلة تربطهم بإيران او اي كيانات شيعية خارجية لإثبات حسن نيتهم وإظهار وطنيتهم لمصر علی حد تعبيره!

هذا المواقف المعادية لإيران من قبل وزير الاوقاف المصري، لا شك أنها لم تصدر إلا بتحريض واضح من قبل السعودية لابعاد مصر عن إيران وتبديد محاولات التقارب التي تبذلها طهران للاقتراب من القاهرة. وبالاضافة الی ذلك فان تصريحات وزير الاوقاف المصري تعتبر إهانة من العيار الثقيل بالنسبة لشيعة مصر رغم اعترافنا بانهم اقلية ولا يمثلون الاكثرية في البلاد. فعند ما يتهم مختار جمعة الشيعة المصريين بانهم لا يولون حبا ووطنيتا لوطنهم، فان هذا يعتبر تخوينا واضحا لهذه الفئة من الشعب. نحن لا نعرف لماذا وافق عبدالفتاح السيسي علی هذه التصرفات غير اللائقة من قبل وزير الاوقاف في حكومته. لكن يمكن القول أنه في حال لم يكن السيسي راضخا للضغوطات السعودية فانه كان من المستحيل أن يوافق علی تصريحات وزير الاوقاف في حكومته.

وفي سياق غير بعيد من المقرر أن يبدأ الرئيس المصري عبدافتاح السيسي زيارة رسمية لدولة البحرين، حيث أوضحت الاوساط المقربة من الحكومة المصرية أن هذه الزيارة تاتي للتأكيد علی موقف مصر الداعم لحكومة البحرين في محاربة ما اسمته بالارهاب. هذه الزيارة أيضا لم تصب في مصلحة التقارب الإيراني المصري علی الإطلاق. لان الشعب البحريني الیوم يعاني من ديكتاتورية أشرس من تلك التي كان يعاني منها الشعب المصري زمن حسني مبارك. ولهذا فان زيارة السيسي للبحرين وإعلام مساندته لإسرة آل خليفة التي لا تسمح باي شكل من أشكال الديمقراطية في البلاد، تعتبر زيارة علی حساب دماء العشرات من الشهداء البحرينيين الذين ازهقت أرواحهم القوات الأمنية البحرينية والسعودية. لذا فان هذه الزيارة من قبل السيسي لا تبشر بالخير بالنسبة لإيران التي تسعی الی الاقتراب من مصر، لإن إيران تقف مع الشعب البحريني وتطلعاته وليس مع نظامه القمعي علی عكس محاولات عبدالفتاح السيسي الذي يحاول بناء علاقاته مع النظام البحريني دون الإنتباه الی ثورة الشعب البحريني.

وأخيرا نعود مرة ثانية لنؤكد أن القرار المصري وللإسف الشديد بات غير مستقلا ليسمح بعودة العلاقات السياسية بين طهران والقاهرة، والسبب في ذلك خوف القاهرة من أن يفقدها الإقتراب من طهران، حفنة الدولارات التي تستحوذ علیها من الرياض. فألسوال الذي لايزال يراوح مكانه هو: متی تريد أن تكون الحكومة المصرية متحررة من القيود الخارجية لإعادة علاقاتها مع إيران؟. في حال لو أعادت القاهرة علاقاتها مع طهران، لدرت علیها المليارات من الدولارات، فقط من خلال توافد الملايين من السياح الإيرانيين علی مصر، ناهيك عن المجالات الإقتصادية الاخری.
المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق