تقاطع المصالح الايرانية والروسية في سوريا .. آفاق ومآلات
بعد ان استطاعت ايران اقناع الروس بضرورة التدخل العسكري المباشر في سوريا اظهرت العمليات العسكرية الروسية في سوريا والخطوات التي اتخذها الروس هناك بأن روسيا قد دخلت ساحة الصراع في سوريا بخطة واضحة وانها قد اجرت تقييما مسبقا لحسابات الربح والخسارة والتكلفة قبل اتخاذ اي قرار بهذا الشأن.
ويجب القول ان وجود تنسيق بين ايران وروسيا لبدء التدخل العسكري الروسي في سوريا لايعني وجود مصالح مشتركة بين طهران وموسكو في سوريا رغم وجود تقاطع للمصالح بين البلدين وهذا يعني ان الهدف النهائي لايران هو حفظ وجود النظام السياسي الحاكم في سوريا كجزء من محور المقاومة في المنطقة في وقت يريد الروس تحقيق اهداف اخرى من حفظ النظام السوري وذلك في اطار تامين المصالح الاستراتيجية والتقليدية الروسية في الشرق الاوسط والبحر الابيض المتوسط ولذلك يمكن القول ان سبب دخول ايران وروسيا في هذا المجال المشترك ليس المصالح المشتركة بل المصالح المتماشية.
وفيما يتعلق بالاهداف الاخرى والأقل اهمية فهناك نوع من تقاطع المصالح الايرانية والروسية في سوريا فكلى البلدين يريدان الحد من قدرة تركيا على اللعب في منطقة الشرق الاوسط وخاصة في سوريا ويعتبران الجماعات الارهابية السلفية التي وجدت في المنطقة عدوة لنفسيهما كما لاتريد كل من ايران وروسيا بأن يجد الامريكيون موطئ قدم لهم في المنطقة.
ورغم وجود اهداف مشتركة صغيرة نسبيا بين ايران وروسيا تجاه سوريا لكن الهدف النهائي للبلدين يختلف عن بعضهما البعض وهذا ما يثير بعض التساؤلات حول مستقبل التواجد العسكري الروسي في سوريا بمعنى ان التدخل الروسي قد يجلب انتصارات للأسد في المدى القريب والمتوسط لكن هذا التدخل قد يتسبب بمشاكل في المدى البعيد.
وكما تريد كل من ايران وروسيا تحقيق اهداف مختلفة عن بعضها البعض في سوريا توجد هناك ايضا خلافات عميقة بين جبهة معارضي الاسد فهناك خلافات كبيرة في وجهات النظر بين تركيا وقطر والسعودية وامريكا حول كيفية التعامل مع القضية السورية، فالامريكيين يرغبون في الدخول في مفاوضات مع الاسد في حين لاتقبل تركيا والسعودية بمثل هذا الأمر.
ويمكن القول ان المشهد السوري هو مشهد معقد توجد فيه الكثير من المصالح التي تصطدم ببعضها البعض فتركيا والسعودية وامريكا يريدون رحيل الاسد لكنهم يختلفون فيما بينهم بشكل كبير حول استراتيجية الوصول الى هذا الهدف لأن كل منهم يتأثر بشكل مختلف من الازمة السورية ومن مسألة بقاء الاسد.
ولذلك يمكن القول ان اختلاف المصالح الروسية والايرانية في سوريا لايدعو الى القلق لأن روسيا لايمكن ان تعقد صفقة مع اي طرف في الجبهة المقابلة لأنه لا توجد هناك في عالم اليوم صفقة من جانب واحد ولايمكن ان نشاهد عقد صفقة بين دولتين من بين عدة دول تتقاطع مصالحهم قبل ان يكون هناك مصالحة واتفاق متعدد الاطراف .
ان القضية السورية سوف لن تشهد عقد صفقات بين القوى التي تتدخل في هذه القضية الا اذا جرت هناك مفاوضات جدية ومتعددة الاطراف بحضور كافة الدول المتدخلة في الازمة السورية ولذلك يجب القول ان ايران ستكون احدى الاطراف الرئيسية في المفاوضات متعددة الاطراف لحل القضية السورية دون أدنى شك بسبب دورها الهام والرئيسي في هذه القضية.
المصدر / الوقت
طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق