خيارين الإعدام والعفو العام ينتظران «النمر».. أيهما أفضل للسعودية؟
بعد ما رفضت المحكمة العلیا السعودية طعنا علی الحكم الصادر هذا العام باعدام الشيخ نمر النمر، بات السؤال الذي یقول: «هل تجرأ السلطات السعودية علی تنفيذ حكم الإعدام بحق النمر أم لا»، يتكرر كثيرا، من قبل الاوساط الإعلامية والسياسية والأمنية في الكثير من دول العالم. هنالك الكثير من يعتقد أن الرياض لا يمكن أن تنفذ حكم الإعدام بحق الشيخ نمر علی الإطلاق، وذلك بسبب الثمن الباهض الذي سيترتب علی الرياض دفعه في حال قررت إتخاذ مثل هذا القرار الخطير. لكن هنالك من يری أن السعودية جن جنونها بعد أن أشعلت العدد من الحروب العسكرية والمذهبية في المنطقة، وسوف لم تبالي بارتكاب مغامرة إعدام النمر، مهما كلفها ذلك من ثمن. وبالطبع أصحاب هذا الرأي ليسوا أكثرية والرأي الغالب يری أن النمر قادم علی العفو الملكي خلال الأيام القادمة. إذن أي مصير ينتظر السعودية والشيخ نمر النمر؟.
الجمیع يعلم جيدا أن الشيخ نمر النمر لم يكن في يوم من الايام يدعوا الی العنف في البلاد رغم صراعه ضد الفساد المستشري في البلاد وانتقاداته الحاده لعدم توفر أسس الديمقراطية في السعودية. وبالاضافة الی ذلك فاننا لم نسمع في يوم من الايام أن يكون الشيخ نمر دعی الی إنفصال الشيعة عن السعودية، رغم أن المخزون الإستراتيجي النفطي السعودي يقع في قلب المناطق الشرقية، أی موطن الشيعة السعوديين. كل هذه المبادء التي التزم بها الشيخ نمر، تستوجب إهتماما بالغا من قبل النظام السعودي بمصير هذا المواطن السعودي ومؤيديه في أنحاء العالم.
وفي هذه الاثناء فان المجتمع الدولي ورغم صمته المطبق في الكثير من الاحيان حيال إنتهاكات حقوق الإنسان في السعودية، سوف لم يكن قادرا علی السكوت إزاء إنتهاك من العيار الثقيل من قبل السلطات السعودية، في حال اقدمت علی تنفيذ حكم الإعدام بحق النمر. خاصة اننا سمعنا في هذا السياق أن الإتحاد الاوروبي يتابع ملف الشيخ نمر عن كثب عبر العشرات من أعضائه كما صرحت بذلك وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي «فديريكا موغيريني»، في ردها علی رسالة رئيس حزب الخضر لجنوب شرق بريطانيا وعضو البرلمان الأوروبي «كيث تايلور». حيث انتقد تايلور خلال هذه الرسالة محاكمة الشيخ نمر والتي وصفها بالمروعة وطالب موغيريني بالتدخل لإطلاق سراح النمر علی الفور واسقاط حكم الإعدام ضده، من قبل المحكمة التي إعتبرها خلال رسالته بالمعيبة.
لا شك في حال اُعدم النمر لا سامح الله، فان الرياض ستفتح باب العنف علی نفسها وستصل المعارضة السعودية الی هذه النتيجة أن السلطات السعودية لا تفهم لغة الحوار ولا تؤمن بحرية الفكر والرأي الآخر، لذا يجب استخدام العنف الشديد وبجميع أشکاله في معاملة السلطات السعودية، حيث سيؤدي ذلك الی تعرض جميع مصالح السعودية وسفاراتها وبعثاتها الدبلوماسية في الخارج، الی مخاطر غير محسوبة.
مساعي بعض الاطراف السعودية الیوم التي تهدف الی إعدام الشيخ نمر النمر وإسكات أصوات المعارضة السياسية في البلاد، تذكرنا بالسياسات التي كان يتبعها رئيس النظام البعثي البائد في العراق صدام حسين، ضد خصومه ومعارضيه، وفي مقدمتهم رجال الدين. لذا لابد علی السلطات السعودية أن تعرف أنها في حال نفذت حكم الإعدام بحق الشيخ نمر، فانها ستكون قد كررت جريمة النظام البعثي العراقي في بداية الثمانينيات من القرن الماضي، الذي تم خلالها إعدام الشهيد «محمد باقر الصدر» وأخته العالمة الفاضلة «بنت الهدی». ففي ذلك الزمن انتفض الشعب العراقي انتفاضة عارمة ضد النظام الدكتاتوري البعثي داخل وخارج العراق، ولم يكد يستقر نظام صدام حسين حتی سقوطه عام 2003 وهذا ما سيحدث في السعودية في حال تم تنفيذ حكم الإعدام بحق الشيخ نمر النمر.
وفي هذا السياق هنالك من يقول أن ولي العهد السعودي «محمد بن نايف» يحاول ايقاع الملك سلمان في فخ إعدام الشيخ نمر ليكون بذلك قد عبّد الطريق لنفسه للوصول الی السلطة وعزل الملك إثر الاحتجاجات وأعمال العنف المرتقبة التي ستشهدها السعودية بعد الاقدام علی مثل هذه الجريمة. وبالاضافة الی كل هذا فان هنالك رد قاسي محتمل من قبل إِيران دون أن نعرف تفاصيله في الوقت الراهن، سينتظر السعودية في حال اقدمت علی إعدام الشيخ نمر النمر، وسيكون هذا الرد ليس فقط من قبل النظام الإيراني فحسب، بل من قبل الشعب الإيراني وعلماء الدين في الحوزه العلمية في إيران. وبالرغم من أن إيران لم تفصح لحد الآن عن ردها المتوقع في حال إرتكبت السعودية جريمة الإعدام ضد أحد أبرز علماء الشيعة في السعودية وهو الشيخ نمر النمر، إلا أن إيران دون شك تنتظر الفرصة المناسبة لترد بشكل قاسي علی جميع جرائم السعودية التي ارتكبتها بدء في سوريا ولبنان، مرورا بالیمن، حتی وصولا الی فاجعة منی التي راح ضحيتها مايزيد علی 7000 حاج، معظمهم من الإيرانيين.
وفي النهاية لم يبقی لنا سوی تذكير النظام السعودي بان مجرد إعلان خبر إعدام الشيخ نمر النمر لا سامح الله، سيفجر غضب عشرات الملايين من المسلمين ضد اسرة آل سعود، دون أن يتمكن أحدا من ايقاف رد فعلهم داخل وخارج السعودية، وعندها سيرد المحتجون الصاع صاعين، لذا دون أي شك من الأفضل للملك السعودي ومن أجل التكفير عن شيء من الدماء التي اراقها النظام السعودي في سوريا والیمن والعراق، أن يصدر عفوا عاجلا عن الشيخ نمر وأن يتم تعويضه من قبل الحكومة السعودية عما لحق به من أضرار مادية ومعنوية، وذلك لتفادي ردود أفعال عنيفة وغير محمودة العواقب ضد السعودية داخل وخارج أراضيها.
المصدر / الوقت