التحديث الاخير بتاريخ|السبت, أكتوبر 5, 2024

أمريكا ترضخ وتُغير سياستها تجاه سوريا: لأن حضور طهران حاجة ضرورية 

شغل الحراك الدولي الذي قامت به العديد من الدول، من أجل لعب دورٍ في الأزمة السورية، العديد من المحللين. فيما بقيت تسود الجميع قناعةٌ بأن أي حلٍ دون الحضور الإيراني لن يكون ذا جدوى، بل لن يكون حلاً بالأساس. وهو ما يمكن أن يكون السبب في قيام واشنطن في توجيه دعوةٍ لطهران من أجل المحادثات المقبلة تجاه سوريا. مما يعني الكثير من الدلالات. فماذا في الدعوة التي وجهتها واشنطن؟ وما هي دلالاتها؟

وجهت واشنطن دعوةً تمنت من خلالها مشاركة إيران في اجتماع فيينا الذي سينعقد نهاية الأسبوع الحالي. کما اعترف للمرة الاولی توني بلينكن نائب وزير الخارجية الامريكي في حديث مع محطة “فرانس 24” الاربعاء انه “من الصعب تخيل امكانية الوصول الى حل في سورية دون مشاركة ايران”.

من جهة اخرى اكدت الناطقة باسم وزارة الخارجیة الإیرانیة مرضية أفخم، تلقی ایران دعوة للمشارکة فی سلسلة محادثات متعددة الأطراف حول الأزمة السوریة فی فیینا مشيرةً الى أن الدعوة قيد الدراسة. مضيفةً أن وزيري الخارجية الإيراني والروسي أجريا محادثاتٍ بشأن الأوضاع في سوريا والمنطقة.

وهنا فلا بد من الوقوف عند توجيه الدعوة للطرف الإيراني، ليس من باب تأكيد الدور الإيراني المعروف، بل من باب التغير الواضح في سياسة أمريكا لذا نقول التالي:
– تؤكد الدعوة الفشل الغربي فيما يخص الشأن السوري إذ أن هذه الدعوة جاءت بعد سنواتٍ من التعنت الأمريكي إن لجهة ضرورة إسقاط النظام السوري في البداية من خلال الحل العسكري، وصولاً للرضوخ للحل السياسي مع وضع فيتو أمريكي على الأسد. لكن يبدو أن واشنطن رضخت للأمر الواقع الذي أكدته إيران منذ البداية، بأن لا خيار للحل في سوريا دون الرئيس الأسد. فيما أكملت تلك المساعي الخطوة العسكرية التي قامت بها روسيا.
– وهنا لا بد من الإشارة الى أن التمني الأمريكي بمشاركة طهران يمثل بحد ذاته إعترافاً غربياً بالفشل. وهو الأمر الذي ينسحب على كل من يدور في فلك السياسة الأمريكية في المنطقة ودولياً. فقد أشارت صحيفة الغارديان البريطانية لأن دعوة الولايات المتحدة لإيران لمحادثات سوريا، تمثل تغيرا في سياسة أمريكا وحلفائها. مشيرةً الى أن ذلك يمثل العلامة الثانية على أن الأحداث السورية بدأت تتخذ منحى في صالح النظام السوري بعد العلامة الأولى والتي تمثلت بالتدخل العسكري الروسي.
– لكن وبعيداً عن التحليلات، فلا بد من القول أن الطرف الإيراني وإن حضر في محادثات متعددة الأطراف حول سوريا، فإنه سيعبر حتماً عن طموحات ومطالب الشعب السوري. إذ أن السياسة الإيرانية واضحة في مبادئها التي تخص شؤون الدول الأخرى. فبينما يُعتبر حضور طهران أمراً طبيعياً، إلا أن ذلك لا يعني أن لإيران مطالب خاصة، بل ستحاول استغلال موقعها الإقليمي والدولي من أجل تحقيق مصلحة سوريا نظاماً وشعباً.
– لذلك فإن الحضور الإيراني معروفة نتائجه، فيما يبقى من المنتظر ردة فعل الدول التي طالما حاولت إيجاد حلولٍ دون طهران. لنقول أن كل الإجتماعات لن تصل لنتيجة إلا إن أخذت بعين الإعتبار مصلحة الشعب والنظام السوري. فتلك تشكل خطوطاً حمراء لدى إيران. بينما سيحاول البعض استخدام سياسة الإبتزاز أو لعب الأوراق. وهو الأمر الذي بات من المعروف أنه لن يؤتي ثماراً طالما أن الميدان تُديره جبهةٌ محور المقاومة الى جانب روسيا والتي تمكنت من فرض معادلاتٍ جديدة.

مرةً أخرى يعود العالم للإعتراف وحده بمكانة طهران. فإيران لم تعلق على عدم دعوتها ولم تقم بردات فعلٍ لإثبات وجودها كما فعل الآخرون. لنقول أن الواقع الجديد في المنطقة يفرض نفسه على الجميع. فالصراع الأمريكي من أجل الإمساك بزمام الأمور لم يعد أمراً يحتاج للوقوف عنده. بل إن الدب الروسي انتزع بخطوته العسكرية جميع المبادرات. فيما قام بها بعد أن فتح له الثعلب الإيراني أبواب الميدان في الشرق الأوسط، من خلال الإنجاز النووي. لنقول أن ما يجري اليوم فيما يخص الشأن السوري، هو معلومٌ مسبقاً لدى العقلاء في التخطيط الإستراتيجي. بينما يبقى ضجيج البعض ومحاولتهم تحييد إيران أو عزلها، ضجيجاً لا يستحق الذكر. فالمنطقة اليوم دخلت عصراً جديداً، أصبحت فيه إيران عرابة المواقف والسياسات. فيما يبقى السؤال الذي يحتاج لإنتظار ما ستؤول له الأمور للإجابة عنه، وهو كيف ستتعاطى واشنطن مع المستقبل الذي يختلف عن طموحاتها فيما يخص الشأن السوري؟ وهل يمكن ضمانة مصالح الشعب والدولة السورية؟
المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق