التحديث الاخير بتاريخ|الثلاثاء, ديسمبر 24, 2024

الدول الخليجية تعيش عصر التقشف: عندما أصبح نفطها يهددها!! 

تعيش الدول الخليجية بين أزماتها والتي لم تقتصر على السياسية بل تعدتها لأزمةٍ مالية يقول المحللون أنها الأولى من نوعها التي تمر بها الدول الخليجية. وهو الأمر الذي يتزامن مع حالة التراجع والضعف التي تسود دول مجلس التعاون عموماً. فما هي آخر معطيات الأزمة المالية التي تمر بها الدول الخليجية؟ وكيف يمكن قراءة دلالاتها الحالية والمستقبلية؟

الأزمة المالية التي تضرب الدول الخليجية:
قال صندوق النقد الدولي فى تقرير له تحت عنوان “منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وأفغانستان وباكستان”، والذي صدر خلال الأسبوع الماضي، إن دول مجلس التعاون ستشهد تراجعاً فى رصيد حسابها الجاري من فائض قدره ١٥% من إجمالي الناتج المحلي فى ٢٠١٤ إلى عجز بنسبة ٠.٢٥% فى ٢٠١٥. فى حين يتسع عجز الحساب الجاري فى البلدان المصدرة للنفط غير الأعضاء فى مجلس التعاون ليصل إلى ٨.٧٥% من إجمالي الناتج المحلي فى ٢٠١٥، مقارنة بعجز قدره ١.٥% فى ٢٠١٤.
وتواجه الدول المصدرة أعنف انخفاض فى إيراداتها من صادرات خام البترول بعد تراجع سعر برنت إلى أدنى مستوياته خلال أكتوبر الجارى ليصل ٤٧.١٧ دولار للبرميل. وفي سياق متصل يدل على حجم الأزمة، قال أمير الكويت، الشيخ صباح الجابر الصباح، فى كلمة له أن إيرادات بلاده انخفضت ٦٠% بسبب هبوط أسعار النفط، داعياً إلى اتخاذ “خطوات عاجلة” من أجل استكمال جهود الإصلاح الإقتصادي، وتخفيض الإنفاق العام والتصدى للفساد.

الدلالات الحالية والمستقبلية:
كثيرةٌ هي الأسئلة التي تطرح نفسها في ظل أزمةٍ تطال الداخل الخليجي ليست اعتيادية. إذ يبدو أن النفط الذي كان سبباً رئيسياً فى ثراء ورفاهية هذه الدول، أصبح أيضاً دافعاً أساسياً لهم، لإجراء سياسات تقشفية لفترة زمنية ربما ستطول. وهنا لا بد من قول التالي:
– بناءاً لما ذكره البنك الدولي في تقريره الى جانب عددٍ من المعطيات الأخرى والتي باتت معروفة، فيبدو أن الدول الخليجية لن تصمد طويلاً فى وجه عاصفة تراجع أسعار النفط العالمية. وهو الأمر الذي يمكن أن تكون له أسبابٌ سياسية وإقتصادية.
– لجهة الأسباب السياسية فإنها تأتي لتكون نتيجة سياسات مجلس التعاون الخليجي والذي تقوده السعودية منذ سنوات، في ظل صراعٍ على زمام القيادة بين كلٍ من الدوحة والرياض، وهو ما لبث أن انعكس على كافة الدول الخليجية حتى اقتصادياً. فسيطرة تنظيم داعش الإرهابي على مصافي تكرير النفط في كلٍ من ليبيا والعراق، هو من الأمور التي كان لها الأثر على الصعيد العالمي لسعر النفط. والجميع يعرف مدى حجم الدعم الذي قدمته هذه الدول لهذا التنظيم وتعاظمه.
– من ناحيةٍ ثانية فإن للإنعكاس الذي خلفه الإنجاز النووي الإيراني على السوق المحلية والعالمية للنفط، أثراً سلبياً على حجم أرباح هذه الدول. وهو ما يعكسه بالتحديد عودة إيران مجدداً للسوق النفطية العالمية بقوة، بعد رفع العقوبات عنها. لكن ما تجدر الإشارة له أن هذا الإنعكاس ليس نتيجةً لسياسةٍ تتبعها طهران، بل لقواعد العرض والطلب في السوق النفطية. بينما يمكن أن يكون نتيجةً لسياسات الدول الخليجية لا سيما السعودية والتي حاولت إستخدام تأثيرها في السوق النفطية لضرب كلٍ من إيران وروسيا إقتصادياً. وهو ما لم يُفلح نتيجة إرتداد ذلك عليها سلبياً أيضاً.
– من الناحية الإقتصادية للموضع أسبابٌ تحتاج للدراسة وقد لا يفهمها إلا أصحاب الإختصاص. لكن نقول وبشكلٍ عام أن الأثر الذي تحظى به الصين في ما يخص الطلب العالمي على النفط، هو من الأمور التي تلعب دوراً كبيراً في التأثير على أسعار النفط عالمياً. كما أن السياسات التي اتبعتها الدول الخليجية منذ بداية الأزمة عام ٢٠١٥ هي سياسة ترشيدية، اعتمدت على زيادة أسعار المواد البتروكيماوية في الداخل، وهو ما انعكس سلباً على السوق الداخلية وزاد من حجم التضخم وقلل من حجم النمو الإقتصادي.

تغرق بلاد النفط التي طالما وجدت من نفطها سبيلاً للإستغلال في أزمات جديدة تُضاف الى أزماتها السياسية. لكن أزماتها هذه المرة لن تكون قصيرة الأجل بل طويلة. فالدول التي بنت مصالحها في الإقليم والعالم مُستغلةً وضعها الإقتصادي الذي يقوم على نفطها، يبدو أنها ستتحول الى من يحتاج الدعم ولو بعد فترة. فهل بدأت لعواصف الإقتصادية تلفح بالعالم العربي بعد أن ضربته العواصف السياسية؟
المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق