التحديث الاخير بتاريخ|الجمعة, ديسمبر 27, 2024

دعوة ايران لفيينا واقع جديد… وتصريحات الجبير الأخيرة عكس التيار 

يدرك الغرب جيداً أن منطقة الشرق الأوسط بدءت ترسم أولى معالمها الجديدة، هذه المعالم بدءت تلوح بوادرها منذ الأيام الأولى لعدوان جماعات الغرب الإستعماري على سوريا والحملات التشويهية المنظمة التي يشنها الإعلام الغربي على التحركات الشعبية المناهضة لقوى الإستعمار، بإعتبار سوريا وحركات التحرر العامود الفقري لقوى الممانعة والمقاومة في المنطقة، ولعل الإتفاق مع ايران على حقها في الإستفادة من الطاقة النووية كان نقطة الأوج لهذه المعالم الذي انتصر فيها منطق الدبلوماسية على غيرها من سياسات الغرب والأنظمة الحاكمة المتعاونة معه، لتأتي دعوة ايران للمشاركة في مباحثات فيينا حول سوريا التوجه الغربي نحو حلول جادة كفيلة باستدراك الممكن وخروج الغرب من مأزقه.

الأنظمة الحاكمة بعيدة عن معالم الشرق الأوسط الجديدة
إدراك الغرب لهذا التحول يظهر أن بعض الأنظمة العربية الحاكمة بعيدة عنه كل البعد، هذا ما يظهر من تحركاتهم وتصريحاتهم، آخر ذلك ما تحدث به الجبير وزير خارجية النظام الحاكم في السعودية، فهو صرح بأن ايران تتدخل في شؤون البلدان المجاورة وهو ما يُعقّد الوضع في المنطقة، وفيينا هي فرصة ايرانية وامتحان لها لإثبات حسن النوايا، هذه التصريحات تدلل على أن النظام الحاكم في السعودية بعيد عن الواقع الجديد للمنطقة، هذا الواقع الذي ولى فيه زمن الأنظمة التي تستمد قوتها والحماية من الغرب على حساب مصالح الشعوب والقانون وحرية الإنسانية، وجاء الزمن الذي أصبحت الشعوب هي سيدة القرار، وإيران التي لعبت دوراً كبيراً على مر السنوات الماضية منذ انتصارها على النظام الديكتتوري فيها، في دعم توجهات الشعوب نحو تطلعاتها وسيادتها، وهي التي لطالما أكدت على ضرورة التوجه نحو الحل السياسي للخروج من أي مشكلة خاصة الواقع السوري والكف عن دعم جماعات الغرب الإستعماري، هذه الحقيقة يدركها الغرب، ومنها ينطلق في دعوته ايران للمشاركة بمباحثات فيينا.

تصريحات الجبير لا تتناسب وتحرك النظام السعودي الحاكم
تصريحات الجبير التي تتهم ايران بالتدخل في شؤون الدول المجاورة بعيدة عن الواقع، فلطالما طلب من ايران التدخل لمعالجة المشكلات الموجودة في المنطقة وكان الرد الإيراني بأنها جاهزة للمساعدة في تهيئة العوامل التي من شأنها السير نحو المعالجة، أما الإرادة والقرار والتحرك هو داخلياً بالدرجة الأولى والأخيرة، أما النظام الحاكم في السعودية فليس بعيداً زمنياً تدخله في اليمن بل ودخول قواته للمشاركة في قمع التحركات الشعبية الإحتجاجية السلمية، ودعمه لجماعات الغرب الإستعماري مالياً واستخباراتياً ولوجستياً، إلى محاولتها الفاشلة ومنذ سبعة أشهر لإحتلال اليمن بالقوة ونقل عناصر من جماعات الغرب الإستعماري إلى اليمن، إلى استقدامها لعناصر من دول أخرى للمشاركة في عدوانها على الشعب اليمني وممارسة الضغوط الإقتصادية والسياسية على بلدانهم، كل هذا يتناقض تماماً والتصريحات الأخيرة للجبير. النظام الحاكم في السعودية مدعو اليوم أكثر من أي وقت مضى للكف عن تدخلاته في شؤون شعوب المنطقة والعبث بأمنها واستقرارها، والمضي نحو التفكير في تعاون وموقف بناء.

ماذا وراء تصريحات الجبير
صحيح أن الغرب والأنظمة الحاكمة المتعاونة معها في المنطقة أصبحت في المكان الذي تريد الخروج من المأزق بأي وسيلة وكلفة كانت، خاصة أن الداعمين للجماعات التخريبية في سوريا من أمريكا غربياً إلى النظام السعودي الحاكم شرق أوسطياً يعانون اليوم من أزمة المهاجرين السوريين فضلاً عن العراقيين، إلى القلق من الجماعات أن يسري مفعولهم في بلادهم على المدى البعيد وينتشر الفكر التخريبي التدميري الذي عملوا على تغذيته في الأمد القريب، مع هذا كله فإنهم يريدون الخروج من هذه الأزمة مع المحافظة على شروط تضمن عدم خروج الحركة السياسية في المنطقة من دائرة تدخلاتهم، وبالتالي هم يدخلون جلسات المفاوضات مع جعبة من الشروط المسبقة التي لم تعد تنسجم مع واقع المنطقة الجديد، ولذلك يرى النظام السعودي الحاكم في تصريحات وزير خارجيته الأخيرة مقدمة لتحميل المسؤولية لإيران فضلاً عن روسيا حال فشلت المفاوضات ولم تؤدي إلى نتيجة. وبالتالي وضع مؤشر نجاح جلسات فيينا في الجعبة الإيرانية وتحميلها مسؤولية شروط الغرب المسبقة. مضافاً إلى ذلك يرى النظام السعودي الحاكم في أي مفاوضات مجدية وناجحة ضربة لنظامها الذي أصبح يتعارض مع مقومات وأسس واقع الشرق الأوسط الجديد، فلإن الواقع الجديد مبني على الإرادة الشعبية والتوجه الديموقراطي في إدارة شؤون البلاد، يظهر القلق السعودي من المفاوضات ويترجم بالتهجم على العنصر الأكثر فعالية وهو ايران.
المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق