تفاقم أزمة النفط بين السعودية و الكويت؛ أسباب و نتائج
بدأت العلامات الأولى لأزمة النفط بين السعودية و الكويت عام 2007 بنزاع على الجغرافيا النفطية المشتركة بين الدولتين ما سبب عرقلة واضحة لعملية بناء مصفاة نفطية هي الرابعة للكويت و هي مصفاة الزور.
الخلاف نشب على الحقول النفطية المشتركة فتعرضت الكويت لخسائر كبيرة في هذه القضية ما دفعها لكسر التعاملات السرية بين البلدين و بدأت بكشف ما كان يدور خلف الكواليس عبر وسائل الإعلام الكويتية التي قامت بنشر رسائل أرسلها وزير النفط الكويتي “علي العمير” إلى نظيره السعودي “علي النعيمي” خاطب فيها حكومة الرياض بلهجة حاسمة و هذه اللهجة هي الأولى من نوعها تظهر بين طرفين في مجلس التعاون و ربما المكتوم أعظم.
رسائل تحمل فيها حكومة الرياض المسؤولية التامة و المباشرة عن الخسائر التي تكبدتها الكويت بسبب الأزمة النفطية و التي تتفاقم مع استمرارها، خسائر بدأت بإغلاق حقل “الخفجي” المشترك في أكتوبر تشرين الأول الماضي الذي تم الادعاء على أن سبب إغلاقه يعود لعوامل بيئية لكن ما ظهر مع تفاقم الأزمة النفطية بين الدولتين يزيل هذا الإدعاء و يوجه اصبع الاتهام نحو مساعي حكومة الرياض في اغتراف الحصة الأكبر من النفط.
و لم يكن حقل “الخفجي” هو الضحية الوحيدة للصراع النفطي الدائر بين أمراء الدولتين بل أيضا تم إغلاق حقل “الوفرة” المشترك في أيار مايو المنصرم. بادعاء آخر استمر لأسبوعين فقط عندما تم الإعلان عن إيقافه لإجراء أعمال الصيانة، لكن ما ظهر بعد ذلك كشف عن نية منح الحليفين الخليجيين مزيدا من الوقت لصيانة الخلاف بينهما لكن ذلك لم يحدث و توقف الحقل الذي كانت تبلغ طاقته الإنتاجية نحو 220 ألف برميل يوميا من النفط الخام الثقيل.
تفاقمت الأزمة النفطية بين البلدين و خرج من الكويت تصريحات تؤكد على وجوب تحمل السعودية الخسائر الجسيمة التي واجهها القطاع النفطي الكويتي و التي تتفاقم أكثر مع استمرار الأزمة، خسائر تتعلق بوقف انتاج النفط و تصديره لمخالفة المادة السادسة في اتفاقية التقسيم إضافة إلى اتفاقية التشغيل التي تم توقيعها بين البلدين عام 2010.
رسائل الوزير الكويتي كشفت المستور و أشارت بأن قرار الهيئة العامة للأرصاد و البيئة في السعودية الذي صدر في آذار مارس عام 2014 الذي تم الاستناد فيه على وقف الانتاج في حقل “الخفجي” منح المنشآت القائمة مهلة لا تتجاوز الخمس سنوات، و ذلك لتطبيق وقف الانبعاثات الغازية بدءاً من صدور القرار، و أن التطبيق الفوري قاصر على المشاريع الجديدة فقط، و هذا بحسب البند الثاني من القرار.
التطبيق الفوري للقرار هو مكمن الخلاف بين الدولتين و هو قرار اعترضت عليه دولة الكويت الذي اعتبرته إعاقة لاستغلال الثروة و مخالفة لنص المادة السادسة من اتفاقية التقسيم.
من هنا بدأت دولة الكويت بتقديم التنازلات لتجاوز الأزمة و حلها بما يتناسب مع الطرفين فاقترحت على السعودية استئناف الانتاج بمقدار 100 ألف برميل يوميا، ليكون ذلك متوافقا مع المواصفات البيئية التي ادعتها السعودية، لكن ذلك لم يفي بالغرض لأن السعودية رفضت الاقتراح الكويتي دون عرض مبررات و ربما هذا الرفض يدل على رفض السعودية لعملية استئناف الانتاج بشكل كامل.
الهبوط العالمي لأسعار النفط و تفاقم الخلاف بين البلدين أدت بشكل أو بآخر إلى انخفاض العائدات النفطية للبلدين و استمرار الخلاف ربما يحدث شرخاً في العلاقات الثنائية بين الدولتين خاصة بما يتعلق بالمنظومة السياسية و المصالح المشتركة لدول مجلس التعاون الخليجي.
أزمة نفطية ربما تشير إلى نشوب خلاف بين دول مجلس التعاون الخليجي ليظهر في العلن وضوح خلافات بين السعودية مع أقرب جيرانها أيضا و ليس دول المنطقة فقط، خلاف سعودي لتوجهات الجيران ربما يبرهن صدق النية السعودية في عملية التمدد و التحكم بإرادة جميع الحكومات و إجبارها على تحقيق رغبات أهواء الرياض في جميع ملفات المنطقة خاصة السياسية و الاقتصادية.
محاولات لتوسيع رقعة الامبراطورية الوهابية في المنطقة و إخضاع من فيها لتوجهاتها بأي ثمن كان و إلا ستواجه موجة إخضاع قاسية و هذا ما يحدث في اليمن الذي رفض الخضوع لتوجهات الوهابية السعودية، ربما اليمن صامد في وجه هذه الهيمنة لأنه لم يعتد الخضوع كما اعتادته بعض دول الخليج التي لم تستطع فعل شيء حيال تصرفات السعودية، لكن في نهاية المطاف ربما للصبر حدود و ربما ينتهي صبر من فهم غطرسة حكومة الرياض مؤخرا بانفجار يذر الرماد في عيون الجميع.
طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق