الدور الكردي في الأزمة السورية
بعد بدء الأزمة السورية تولى الاكراد مهام السيطرة على المناطق الكردية الثلاث في شمال سوريا وهي كوباني وجزيرة وعفرين، ويعتبر حزب العمال الكردستاني الذي ينضوي تحت لوائه عدد من الحركات الكردية المسلحة الجهة المسيطرة على شمال سوريا، كما يمكن القول ان الاتحاد الديمقراطي الكردستاني الذي يعتبر اكبر جهة كردية مقاتلة في سوريا الآن هو الان تحت لواء حزب العمال وهو يضم ايضا عددا من الحركات المسلحة أهمها “الوحدات الكردية المقاتلة والحركة الديمقراطية ووحدات الدفاع النسائية وقوات آسايش”.
وقد شكل الاكراد هيكلية تنظيمية لادارة شؤون المناطق التي يسيطرون عليها فيما تؤمن حكومة الرئيس بشار الاسد الميزانية المالية لادارة هذه المناطق كما قيل ان اكراد سوريا يضخون نفط شمال سوريا عبر انبوب سري الى اقليم كردستان العراق الذي يبيع هذا النفط ويرسل الايرادات الى قادة حزب الاتحاد الديمقراطي، ولا تبدي دمشق اية رد فعل على هذا الموضوع لأن الجيش السوري لم يكن قادرا على السيطرة على مناطق الاكراد ولذلك قام الاكراد بتحمل العبء بانفسهم.
ويجب القول ان حزب العمال الكردستاني ينفرد بالسلطة في شمال سوريا ولايسمح بالاحزاب الكردية الموالية لمسعود بارزاني بالنشاط في سوريا وهي احزاب تجمعت تحت مظلة واحدة هي الاتحاد الوطني لاكراد سوريا وهم متواجدون في كردستان العراق وقادتهم يسكنون اسطنبول وانضموا الى ائتلاف المعارضين السوريين.
ان الاكراد المنضمين لحزب العمال الكردستاني في شمال سوريا يتعاونون مع الجيش السوري في الحسكة وقامشلي كما يقاتلون داعش وجبهة النصرة واحرار الشام وباقي الجماعات الارهابية في جزيرة وكوباني وعفرين وينسقون عملياتهم في الرقة مع غرفة العمليات الامريكية ويتلقون السلاح والذخائر من الامريكيين، كما تعاون هؤلاء مع قسم من الجيش الحر يسمى ببركان الفرات في كوباني.
وعلى الصعيد السياسي لايتحدث هؤلاء الاكراد صراحة عن تنحية الرئيس بشار الاسد ويردون على منتقديهم الذين يتهمونهم بدعم النظام السوري “بأنهم غير مرتبطين بدمشق ولا بالمعارضة ولهم طريق ثالث وان هدفهم الوحيد هو الدفاع عن المناطق الشمالية في سوريا وحفظ حياة وممتلكات الاكراد والعرب والآشوريين في هذه المناطق”.
ويقول زعيم الحزب الديمقراطي صالح مسلم ان حزبه لايعادي تركيا وانه مستعد للقاء القادة الاتراك والمسؤولين الامريكيين رغم عدم اصدار تأشيرة له للذهاب الى امريكا وقد التقى مسلم مساعد نائب وزير الخارجية الامريكي مك كورك ومسعود بارزاني في لقاء ثلاثي في اربيل.
وذهب مسلم الى عدة دول اوروبية وعربية والصين وتلقى دعوة لزيارة روسيا والتقى مساعد وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف في باريس بعد بدء الغارات الروسية وزار طهران كما زار ايضا اسطنبول وانقرة مرتين وسجل نشاطا سياسيا حافلا.
ويلعب الاكراد المنضوون تحت لواء حزب العمال الكردستاني دورا رئيسيا في المعادلات السياسية والعسكرية في سوريا ولهم سجل مشرف في قتال تنظيم داعش الإرهابي وقد اثبت هؤلاء بأنهم مستعدون للتعامل مع جميع الاطراف لكن الحقيقة هي ان هؤلاء لايمكنهم الاحتفاظ بعلاقات ودية مع الجانبين الامريكي والروسي على المدى البعيد وان تكون لهم علاقات وثيقة مع النظام السوري في آن معا.
ومن الممكن ان يحظى الاكراد بنظام حكم ذاتي بعد انتهاء الحرب في سوريا ورجحان كفة النظام السوري المدعوم بالقوات الروسية وهذا يمنح الاكراد دورا اكبر بكثير من دورهم في سوريا قبل اندلاع الحرب لكن اذا نجح السيناريو الامريكي التركي واستلمت المعارضة الموجودة في اسطنبول وغازي عنتاب زمام الامور في سوريا فعندئذ سينازع الاكراد البارزانيون وبدعم من تركيا السيطرة على شمال سوريا مع حزب العمال الكردستاني وهذا ما سيؤدي الى اراقة دماء كثيرة.
المصدر / الوقت