التحديث الاخير بتاريخ|الجمعة, نوفمبر 15, 2024

إعدام النمر؛ استهداف لرمز مميز أم إجهاض لمشروع ناهض! 

لازالت أصداء حكم الاعدام الذي أصدرته محكمة الاستئناف الجزائية والمحكمة العليا بالسعودية الأسبوع الماضي ضد العلامّة الشيخ نمر باقر النمر المعتقل منذ عام ٢٠١٢ تتفاعل في الأوساط الشعبية والرسمية داخلياً واقليمياً ودولياً لما تحمله من دلالات حقوقية وأبعادٍ قانونية متعددة ليس لأنها ترتبط برمز مضطهد يحظى بتأييد واسع في الأوساط الدينية والفكرية والثقافية، بل لارتباطها بقطاع جماهيري واسع يتطلع لنيل حقوقه في الحياة الحرة الكريمة.
فالشيخ النمر الذي جرت محاكمته في أجواء سريّة كان يطالب بإطلاق الحريات لاسيما حرية التعبير عن الرأي وتحقيق العدالة لكافة أبناء الشعب ويدعو إلى الاصلاح ونبذ الكراهية وإنهاء التمييز الطائفي الذي تمارسه سلطات آل سعود خصوصاً في المنطقة الشرقية من البلاد التي قدمت الكثير من الشهداء ولا زالت تقدم في هذا السبيل لتحقيق ما تصبو اليه، واشتهر أيضاً بصبره وحراكه السلمي في الدفاع عن المظلومين والمحرومين وأخلاقه الرفيعة وشجاعته التي أكسبته محبة الناس كونه يعبر عن أمانيهم وتطلعاتهم في العيش الكريم.
وحظي النمر بتأييد الكثير من علماء الدين والمفكرين في شتى أرجاء العالم الذين عبّروا عن صدمتهم لحكم الاعدام الصادر ضده، وطالبوا بإلغائه وإطلاق سراحه فوراً، معربين في الوقت ذاته عن قلقهم العميق إزاء التداعيات الخطرة لهذا القرار في حال تنفيذه. كما أطلقت الكثير من حكومات العالم والمنظمات الانسانية والحقوقية الدولية نداءات تطالب سلطات الرياض بالافراج عن النمر، فيما وصف خبراء القانون الحكم الصادر ضده بالظالم والباطل كونه يتنافى مع جميع الأعراف والقوانين الدولية المتعلقة بحقوق الانسان والدفاع عن الحرية والديمقراطية.
وكان من المفترض أن يطلق النظام السعودي سراح النمر لاعتبارات عدّة بينها تورطه بالعدوان المتواصل على اليمن والانتقادات اللاذعة التي توجه إليه من الكثير من وسائل الاعلام الاقليمية والدولية بسبب انتهاكاته للحريات العامة وتمسكه بالموروث الطائفي والقبلي في قيادة الدولة وسوء إدارته لمراسم الحج التي راح ضحيتها هذا العام الآلاف من الحجاج بين شهيد وجريح ومفقود ودعمه للجماعات الإرهابية، لكنه لم يفعل بسبب إفتقاده للرؤية الاستراتيجية السليمة التي تمكنه من قراءة الأحداث بطريقة تخفف عنه أزماته، بالاضافة إلى تعنته وتجاهله للآخرين والاساءة لخصوصياتهم وعدم احترام حقوقهم نتيجة النزعة الطائفية التي تتحكم بمفاصله وقراراته والتي ورطته حتى الآن بما لايحصى من المشاكل ومنها الأزمة الاقتصادية التي نجمت عن عجز ميزانيته بسبب هدر الأموال والفساد وسوء الادارة والتكاليف الباهظة لعدوانه على اليمن ودعمه للجماعات الإرهابية.
والسؤال المطروح الآن: هل سيقدم النظام على إعدام الشيخ النمر أم سيعدل عن هذا القرار كي لاتتأزم أوضاعه أكثر مما هي متأزمة الآن، لأن تنفيذ هذا الحكم بإعتقاد معظم المتابعين سيفجر الأوضاع سواء في الداخل لاسيما في المنطقة الشرقية أو على المستويين الإقليمي والدولي بإعتباره يمثل تحدياً صارخاً لمشاعر شعوب العالم ومنظماته الانسانية والحقوقية التي نادت وتنادي بإطلاق سراح النمر منذ إعتقاله قبل ثلاث سنوات وحتى اللحظة.
ويرى المراقبون ان النظام السعودي لن يتورط بإعدام النمر لأنه يدرك التداعيات الخطرة التي ستتمخض عن هكذا سلوك متهور، بالاضافة إلى أنهم يعتقدون بأن الدول التي تدعم هذا النظام وفي مقدمتها أمريكا وحلفاؤها الغربيون ستمنعه من إرتكاب هذه الحماقة لأنها بأمس الحاجة إلى تهدئة شعوب المنطقة الناقمة على الجرائم البشعة التي نفذتها هذه الأطراف من خلال دعمها وتواطئها مع الجماعات الإرهابية كما يحصل الآن في العراق وسوريا، إضافة إلى وقوفها إلى جانب الكيان الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني لمنعه من استعادة حقوقه في الأرض والوطن.
وأخيراً يجب القول أن قضية الشيخ النمر التي عادت بقوة إلى الواجهة من جديد وباتت تتصدر النشرات الاخبارية ومواقع التواصل الاجتماعي تحولت إلى قنبلة موقوتة يمكن أن تنفجر في أي لحظة ما لم تسارع سلطات آل سعود لنزع فتيلها قبل فوات الأوان، وقبل أن تعض أصابع الندم لاسيما أنها في وضع مضطرب ومتزلزل داخلياً وإقليمياً ودولياً.
المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق