الجلبي…سيرة من النضال ضد البعثيين
بعد قصة نضال طويلة ضد النظام البعثي العراقي،غيب الموت الثلاثاء ٣ تشرين الثاني/ نوفمبر،السياسي العراقي المخضرم أحمد الجلبي عن عمر ناهز الـ٧٠ عاماً، فمن هو أحمد الجلبي؟
ولد أحمد عبد الهادي الجلبي (أبو هاشم) عام ١٩٤٥ لأسرة عربية ثرية من المسلمين الشيعة في مدينة الكاظمية المقدسة، تعمل في القطاع المصرفي غادر العراق عام ١٩٥٨ وعاش معظم حياته بعد ذلك في الشرق الأوسط وبريطانيا، باستثناء فترة منتصف التسعينيات عندما سعى لتنظيم انتفاضة من شمال العراق .
غادر الجلبي في العام ١٩٥٨ مع عائلته إلى الأردن. فأمضى شبابه متنقلا بين عمان ولندن وبيروت وواشنطن.
امتاز أحمد الجلبي بمثابرة ومواكبة في الدرس والتمحيص وساعده ذكاؤه على اجتياز أكثر مراحل الدراسة صعوبة حتى تخرج وهو شاب من الجامعة الأمريكية (جونز هوبكنز) وحاصل على درجة الدكتوراه الفلسفيه بالرياضيات، درس الجلبي في جامعة شيكاجو ثم بمعهد ماساشوستس للتكنولوجيا، وهو صاحب خبرة في السياسة لايستهان بها
كان الجلبي من السياسيين العراقيين المعارضين لنظام صدام حسين، كزعيم لحركة المؤتمر الوطني العراقي، أصبح رجل اعمال عراقي بعد أن اسس بنك البتراء في الأردن ومن عائلة عراقية معروفة، وطوال مدة إدارته لبنك البتراء، في الثمانينيات، كان الجلبي يعلن معارضته الواضحة للنظام البعثي في وقت كانت فيه المملكة الأردنية تفتح موانئ العقبة أمام تجارة السلاح المتدفقة إلى العراق، وخرج من عمان عام ١٩٨٩، ليعود الى بريطانيا، واتهم الجلبي عام ١٩٩٢ بارتكابه مخالفات مالية، ولكن سرعان ماأثبت أن الاتهامات مدبرة من النظام العراقي السابق، وبتدبير من حزب البعث الحاكم أنذاك، وبعد مرض الملك حسين ومكوثه في مستشفى مايو في شيكاغو، التقى بالجلبي واعترف بأن المحكمة العسكرية كانت لارضاء صدام حسين وبرأ الجلبي من جميع المزاعم.
عاد الراحل الجلبي الى العراق عام ١٩٩٢ ليقود حركة النضال ضد النظام الديكتاتوري في جبال كردستان، وبقي هناك حتى عام ١٩٩٧، ثم عاد في الشهر الاول من عام ٢٠٠٣ .
بقي الجلبي محل اهتمام المحللين السياسيين في الغرب كخليفة محتمل للرئيس العراقي السابق صدام حسين.كان والده وزيرا للتجارة في العهد الملكي .
تزوج الجلبي من عائلة عسيران وقام السيد موسى الصدر بعقد قرانه، واستمر بتوثق الصلات العائلية السابقة مع مختلف العوائل العراقية التي فرت من طغيان النظام الدموي العراقي، وكانت ارتباطه مع عائلة الصدر وثيقة للغاية بشقيها العراقي، حيث سعى لاخراج الشهيد محمد باقر الصدر، لكن العلامة الصدر فضل البقاء، والشق اللبناني ممثلا بالسيد موسى الصدر عميد العائلة هناك.
وكان الجلبي أحد أعضاء مجلس الحكم في العراق الذي شكل في عام ٢٠٠٤، والذي تسلم مقاليد الحكم حينها، محصل على مقعد في الجمعية الوطنية المؤقتة بعد حل مجلس الحكم. وينسب الجلبي نفسه الى الاتجاه الليبرالي ورغم ذلك اسس البيت الشيعي ثم المجلس السياسي الشيعي، وكان له دور بارز في تأسيس قائمة الإئتلاف العراقي الموحد التي عن طريقها حصل على مقعد في الجمعية الوطنية الانتقالية التي جرى انتخابها في ٣٠ يناير ٢٠٠٥ . أصبح أحد نائبي رئيس الوزراء العراقي إبراهيم الجعفري في الحكومة الانتقالية للفترة من مايو ٢٠٠٥ وحتى مايو ٢٠٠٦. بعد أن أقرت الجمعية الوطنية الدستور الدائم أجريت انتخابات لمجلس النواب العراقي في ١٥ ديسمبر ٢٠٠٥. عينه رئيس الوزراء السابق نوري المالكي في عام ٢٠٠٧ رئيسا للجنة توفير الخدمات. عينه الحاكم المدني بريمر رئيسا للهيئة الوطنية لاجتثاث البعث والتي أصبحت لاحقا هيئة المسائلة والعدالة. فكان لها دور كبير في ابعاد البعثيين عن الوظائف. عاد الجلبي الى عضوية الائتلاف الوطني العراقي بزعامة المجلس الاسلامي الاعلى ولايزال عضوا فيه. وقد رشح نفسه ضمن ائتلاف المواطن لعضوية البرلمان العراقي وفاز بعضويته في الانتخابات التي أجريت في ٣٠ إبريل ٢٠١٤ .
عرف عن الجلبي بتفضيله مبدأ الوفاق الوطني بين مكونات الشعب العراقي على أي منصب رسمي، وقال كلمته المشهورة ” شخصيا، لن أسعى لكي اصبح رئيسا للعراق، ولا ابحث عن المناصب. ومهمتي ستنتهي بتحرير العراق من حكم صدام حسين “.
دعا الجلبي إلى تشكيل حكومة ائتلافية لنقل البلاد إلى حكم ديمقراطي ببناء فيدرالي يمثل جميع الأعراق والطوائف. بعدها قام بتاسيس ما يسمى بالبيت الشيعي مع بعض السياسيين العراقيين.
والدكتور احمد الجلبي هو رئيس المؤتمر الوطني العراقي ورئيس اللجنة المالية النيابية في البرلمان العراقي، حتى وافته المنية يوم الثلاثاء ٣ تشرين الثاني،في منزله بمدينة الكاظمية عن عمر ناهز الـ٧٠ عاما، اثر نوبة قلبية.
المصدر / الوقت