استراتيجية داعش الإعلامية؛ حادث الطائرة الروسیة نموذجا
منذ أن ظهرت جماعات الغرب الإستعماري في سوريا انتهجت استراتيجية توحي بأنها في توسع دائم، داعش هي أحد هذه الجماعات التي امتازت باستراتيجيتها عن غيرها من الجماعات الأخرى، مؤخراً كان اعلان داعش من خلال وسائل اعلامها اسقاط الطائرة الروسیة فوق سیناء، هذا إلى تحركهم الذي بدأ في بعض المناطق اليمنية من خلال مساعدت الطائرات التركية وبعض العربية منها في نقل عناصرهم من سوريا، إلى اعلانهم عن تواجدهم في ليبيا والعراق وغيرها من الدول، هذه الإستراتيجية الإعلامية المتبعة ومع الأخذ بعين الإعتبار مجموعة الأحداث التي تصب في اتجاه انكسارهم في العديد من المناطق التي دخلوها من جهة وغياب أو ضعف فعاليتهم وامكانية تحركهم في مناطق أخرى كسيناء والقسم العراقي، كل هذا يأخذ الأمور لطرح السؤال عن الأسباب والأهداف التي تقف خلف هذه الإستراتيجية الإعلامية المتبعة؟
أولاً: لبحث الأسباب لا بد من العودة إلى منشأ هذه الجماعات، هي بحسب المعطيات تشير بوضوح إلى أنها حاجة غربية لإضعاف أي تحرك شعبي فاعل في المنطقة يمكن أن يحول دون النفوذ الغربي الإستعماري في الشرق الأوسط، وبالتالي هي ضرورة غربية لضرب محور المقاومة والممانعة الذي يمثل التحرك الشعبي الأمثل في منطقتنا، ولا شك أن بعض الأنظمة العربية الحاكمة كالسعودية استفادت من وجود هذه الجماعات لأنها وجدت فيها الحل لحفظ تسلطها. انطلاقاً من هذا يرى المستفيدين من وجود هذه الجماعات وبعض المنتفعين مادياً داخلها أن استمرارية الدعم الغربي لها مقترن بتحقيق المنفعة الغربية، وبالتالي فهم من خلال حركتهم الإعلامية التوسعية وإن كانت وهمية، يحاولون التقرب من داعميهم بإظهار نتائج تشجع الداعمين باستمرار الدعم وعدم التخلي عنهم في أي مفاوضات بإعتبارهم ورقة قوية يمكن الإعتماد عليها، وليست ضعيفة يمكن الإستغناء عنها، خاصة وأن المنطقة تشهد تبدلات وتغيرات جوهرية تمثلت مؤخراً بالإتفاق على حق ايران النووي إلى التحرك الروسي فالمقاربة التركية.
ثانياً: رنة وضجة اعلامية تحدثها جماعات الغرب الإستعماري وبالخصوص داعش، وهي تريد من ذلك طبع واقع في أذهان شعوب المنطقة مفاده أن داعش لا يحدها حدود وهي بإمكنها الوصول إلى أي مكان حتى الآمن منها، وأن الوصول إلى أي مكان مقترن بالقرار ليس إلا، وهي تريد أن توحي بأن مؤيدي فكرهم التدميري التخريبي منتشر في كل مكان وهي خلايا نائمة تنتظر الإذن بالتحرك وبالتالي أي شعب يريد أن يعمل وفق منهجية مخالفة لفكرهم فإن عناصرهم التدميرية التخريبية ستوافيهم.
ثالثاً: بعد الضربات الموجعة التي تتلقاها الجماعات بعد التحرك الروسي والتي من شأنها أن تفشل مخططهم، فإن الحديث عن انتقال عناصرهم إلى بلدان أخرى كسيناء واليمن يهدف إلى رفع الروح المعنوية لمقاتليه المتدهورة، ويوحي بأن الضربات الروسية لم تؤثر شيئاً بل زادت من قدراتهم. في السياق ذاته تعمل جماعات الغرب الإستعماري على تبني بعض الأعمال كإسقاط طائرة ركاب روسية في سيناء والتي أثبتت التحقيقات أن سقوطها يرجع إلى عطل فني فيها، وهي تريد من هذا أن تظهر نفسها كقوة تملك صواريخ وامكانات قتالية عالية من جهة وابراز ذلك على أنه رد على التحرك الروسي الأخير في مواجهتهم، كما أنه وسيلة لتقليب الرأي العام الروسي ضد حكومته.
رابعاً: لأن المشروع الأول والأخير لجماعات الغرب الإستعماري يتمثل بإحداث واقع تدميري تخريبي في المنطقة، فإن الحديث عن توسعة دائرة عمل هذه الجماعات في منطقتنا هو أمر طبيعي بغض النظر عن أنهم حققوا انجازات لصالح داعميهم هنا أو هناك، ولأن الواقع الذي تعيشه الجماعات اليوم يشير إلى فشل المشروع ولأن لا قدرة واقعية لديهم لنقل مشروعهم إلى أماكن أخرى خارج الدائرة السورية، يأتي ذهابهم إلى الترويج الإعلامي بسيطرتهم على مناطق أو تحقيقهم لإنجازات أو تشكيلهم لخلايا سيرشح عنها أمارة أو بأن لهم خلايا نائمة هنا وهناك سيتحركوا في الوقت المناسب وإلى ما هنالك من أقاويل اعلامية لا واقع فعلي لها.
المصدر / الوقت