قنبلة إنتخابية؛ الحضور العسكري الأمريكي في سوريا
تستحوذ أزمات الشرق الأوسط، لاسيّما الوضع السوري على أهمية بالغة في المناظرات الأولى للديمقراطيين وللجمهوريين من جهة، وفيما بين الطرفين من جهة آخرى.
وتأتي أهمية الملف السوري في المناظرات الأمريكية، بإعتبارها مادة دسمة للجمهوريين بغية التصويب على الرئيس أوباما وحزب الديمقراطي لكسب أصوات أكبر، في حين يسعى الرئيس الأمريكي من خلال الخطوات الأخيرة في الملف السوري بدءاً بإجتماع فيينا مع كل من روسيا وإيران والسعودية وعدداً من الدول الإقليمية، وليس إنتهاءً بالحديث عن إرسالة قوّة عسكرية إلى الأراضي السورية، يسعى لتجيير هذا الملف لصالحه على حساب الحزب الجمهوري.
المناظرات الإنتخابية
مع بدء المناظرات الإنتخابية ظهر جلياً حضور الملف السوري ومتعلّقاته في هذه الجلسات إذ هيمنت النزاعات في الشرق الأوسط خاصة في سوريا بعد التدخل العسكري الروسي على أبرز قضايا السياسة الخارجية في المناظرة الأولى للديمقراطيين الطامحين إلى الفوز بترشيح حزبهم في انتخابات الرئاسة الأمريكية المقررة عام ٢٠١٦.
وقد تباينت آراء الديمقراطيين في المناظرة الاولى التي نظمتها شبكة سي إن إن بلاس فيغاس حول مقترح إقامة منطقة آمنة في سوريا. في حين سخر الرئيس الأمريكي باراك أوباما الذي كان يتحدث في مؤتمر لجمع التبرعات لصالح الحزب الديمقراطي، الاثنين ٢ نوفمبر/تشرين الثاني من مرشحي الرئاسة الجمهوريين بعد عجزهم عن التعامل مع محاوري مناظرة تلفزيونية قائلا: عجزتم عن التعامل مع صحفيين فكيف إذا كان بوتين؟
بالتأكيد لن يمرّ كلام الرئيس أوباما مرور الكرام في الجلسة المقبلة للمتنافسين الجمهوريين في الـ٢٨ من الشهر الجاري في ولاية كولورادو حيث سيحاول الحزب وضع الرئيس تحت مجهر الشعب الأمريكي فيما يخص الأزمة السورية، في المقابل، من المتوقع أن تستحوذ الأزمة السورية على هامش أكبر في المناظرة الديمقراطية الثانية التي ستعقد في ١٤ نوفمبر القادم في ولاية أيوا.
رؤية أوباما
رغم أن سياسة الرئيس الأمريكي منذ ولايته الأولى تمثّلت “بالدبلوماسية العسكرية”، حيث شهدت فترته الرئاسية إنسحاب الجيش الأمريكي من العراق، وكذلك تقليص أعداد الجنود الامريكيين في أفغانستان، إلا أننا اليوم نرى أن أوباما يؤكد نيته إرسال جنود أمريكيين إلى شمال سوريا، ولو بعد محدود.
لاريب في أن حضور ٥٠ جندي أمريكي، كما أعلن البيت الأبيض، لن يؤثر على مجريات الحرب، خاصةً أن جهود إدارة أوباما اليوم تهدف للحصول على المكاسب الأمريكية عبر المفاوضات مع الطرفين الروسي والإيراني، تماماً كما حصل في الملف النووي الإيراني. لذلك لا تخلو خطوة الـ٥٠ جندي من الأهداف الإنتخابية، إذ يريد الرئيس الأمريكي إستباق أي نقد للحزب الجمهوري يؤثر على نتائج الإنتخابات المقبلة. بعبارة آخرى، قد يحاول الحزب الجمهوري الإستفادة من الضعف الأمريكي في الأزمة السورية، ويخاطب الشعب الأمريكي بالقول: إن ضعف إدارة الرئيس أوباما تسبّب بعودة القطب الروسي إلى منطقة الشرق الأوسط بعد سنوات من إنحساره في الأراضي الروسية، وهذا ما ينذر بعودة العالم إلى سياسة القطبين، لا بل إن غيابنا عن الساحة السورية يعني عودة الشرق الأوسط إلى روسيا، وإنحسار الحضور الأمريكي هناك.
إن هذه العبارة أو أي عبارة مماثلة سيكون لا وقع كبير على الرئيس أوباما وحزبه الديمقراطي وكذلك الشعب الأمريكي، لذلك عمد مؤخراً وبالتزامن مع تفعيل المفاوضات إلى التأكيد على الحضور الأمريكي العسكري في الأزمة السورية.
كذلك، يسعى الرئيس الأمريكي من خلال الحضور العسكري لجعل يده العليا في المفاوضات الجارية مع روسيا وإيران. ورغم أن البعض يؤكد عدم تأثير ٥٠ أو حتى ١٠٠ جندي على مجريات الحرب السورية، إلى أن رسالة أوباما قد بدأت بـ٥٠ جندي ومن المرجح أن يرتفع العدد بإعتبار أن التدخل العسكري المباشر لم يعد خطاً أحمر للإدارة الأمريكية كما كان الحال سابقاً.
لاندري مدى قدرة الرئيس الأمريكي في الحصول على نتائج جديدة في الأزمة السورية تصب في صالح حزبه، إلا أن الحديث عن تدخل عسكري بعد ٤ سنوات من الدعم للجماعات الإرهابية، وحوالي أكثر من سنة على تشكيل التحالف الدولي يعد إنكساراً قوياً للسياسة الأمريكية في المنطقة.
إن هدف الرئيس أوباما اليوم، هو وقف الضربات الروسية للحد من الدورين الإيراني والروسي، مقابل الحفاظ على الجماعات الإرهابية التي تعتبر ورقة ذهبية للإدارة الامريكية.
المصدر – الوقت