زيارة نتنياهو لواشنطن: مواساةٌ وشكوى تجمع أهل المصائب
في زيارةٍ يسودها التوتر، سيلتقي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الرئيس الأمريكي باراك أوباما. في حين ينظر المراقبون للعلاقات الأمريكية الإسرائيلية بإستهجان، للتوتر الحاصل سياسياً وإعلامياً. لكن الحقيقة تتخطى الإختلافات الظرفية أو خلافات وجهات النظر، لنقول أن ما يجمع واشنطن وتل أبيب أكثر من ما يفرقهما. فماذا في زيارة نتنياهو لواشنطن وما سادها من توتر إعلامي نتيجة تصريحات مستشاره الإعلامي الجديد؟ وما هو المتوقع من الزيارة ودلالاتها؟
توتر إعلامي يصاحب الزيارة:
توجه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الى الولايات المتحدة للقاء الرئيس الأمريكي باراك أوباما في البيت الأبيض اليوم الإثنين، في أول لقاء يجمعهما منذ توقيع الإتفاق النووي بين ايران والدول العظمى الست. وذكرت مصادر إسرائيلية أن نتنياهو سيطرح مسألة مراقبة المنشآت النووية الإيرانية ويطلب التوصل الى تفاهمات بشأن تبادل المعلومات الإستخبارية بين واشنطن وتل أبيب بخصوص الملف الإيراني. كما من المتوقع أن تتمحور المحادثات بينهما حول المساعدات التي ستقدمها أمريكا للكيان الإسرائيلي.
من جهةٍ أخرى فقد ظهر حجم التوتر في العلاقات إعلامياً، من خلال التصريحات التي أدلى بها مستشار نتنياهو الإعلامي ران باراتز والذي وصف أوباما بأنه رجل معادي للسامية، كما شبَّه تفكير وزير الخارجية الأمريكي جون كيري بتفكير المراهقين. وهو الأمر الذي رفضه نتنياهو. في حين أشار الناطق باسم وزراة الخارجية الأمريكية، جون كيربي الى أن تعليقات باراتز على فيسبوك مزعجة ومسيئة، مؤكداً ضرورة تحلي المسؤولين في أي بلد وخصوصاً في صفوف الحلفاء بالإحترام والصدق في حديثهم عن المسؤولين الكبار في الإدارة الأمريكية.
توقعات ودلالات:
على الرغم من أن التوتر الذي يسود العلاقات الأمريكية الإسرائيلية يُعتبر أمراً مستغرباً لظهوره للعلن، الى جانب تعديه الإختلاف السياسية في بعض المسائل ليصل الى التراشق الإعلامي الذي يدل على حجم التباین في وجهات النظر، تبقى المصالح الكبرى تجمع الطرفين الأمريكي والإسرائيلي. وهنا نُشير للتالي:
– تتعدى العلاقة الأمريكية الإسرائيلية المصالح المشتركة. فما يربط واشنطن بتل أبيب ليس فقط تبادلاً في القدرات العسكرية والأمنية، بل جوهراً في عقيدة الصراع الذي يطال الإقليم والعالم. وهنا فإن تقاذف التصريحات الإعلامية، ليست إلا إنعكاساً لحجم الأثر الذي تتركه التحديات الحالية الكبرى على الطرفين الأمريكي والإسرائيلي.
– ومن خلال مقاربة الأحداث التاريخية نجد أن سبب التوافق التام بين واشنطن وتل أبيب كانت تحكمه العديد من العوامل التي لم تعد موجودة بأغلبها اليوم. فحكم واشنطن للمنطقة ونفوذ سياستها العسكرية والسياسية كان يؤهلها لفعل ما تريد دون حسيبٍ أو رقيب، لا سيما إسترضاء الكيان الإسرائيلي. الى جانب أن تل أبيب لم تكن تعاني من تحدياتٍ سوى مسألة بسط سيطرتها على الإقليم. فالحركات المقاومة لم تكن تملك قوتها الحالية، ولم تكن إيران تشكل قوةً فعليةً على الأرض كما اليوم.
– أما حالياً فإن الحاجة لبعضهما البعض، تمثل القاسم المشترك الذي يدفع بالعلاقات بين واشنطن وتل أبيب لإصلاح أي توتر قائم. وهنا لا نقول أن ذلك لم يكن موجوداً، لكن الإضاءة على التوتر الحاصل في محاولةٍ لقراءة نتائج زيارة نتنياهو اليوم، هو أمرٌ غير منطقي. بل إن عناوين الزيارة معروفة وقد نقلها الإعلام الأمريكي والإسرائيلي، لتطال في تفاصيلها الحديث عن الخطر الأهم بالنسبة لتل أبيب وهو التعاظم الدولي لإيران. الى جانب طلب نتنياهو لزيادة الدعم العسكري الأمريكي لمواجهة إيران.
– لذلك فإن حالة اللاإستقرار التي تعيشها تل أبيب في ظل تحدياتٍ داخلية تتمثل بتعاظم قدرات المقاومة، الى جانب التحدي الخارجي المتمثل بتراجع نفوذ واشنطن وتقدم حلف إيران روسيا، هما الدافعين الأساسيين للعمل الجدي الذي سيجمع واشنطن بربيبتها الكيان الإسرائيلي. يُضاف الى ذلك التوتر السائد في العلاقات بين أوروبا والكيان الإسرائيلي لا سيما فيما يخص وصم المنتجات الإسرائيلية.
على الرغم من أن تعيين نتانیاهو لران باراتز مستشارا اعلامیا أمرٌ مثير للجدل، فإن نتنياهو بسياساته كافة كان مثيراً للجدل أكثر. فالعنجهية التي تسود الرجل دفعته لتوتير العلاقة بينه وبين الديمقراطيين في أمريكا. لكن الجميع يعلم أن ما يجمع واشنطن وتل أبيب أكبر من كل ذلك. واليوم يلجأ نتنياهو بمشاكله الى أوباما الذي يحتاج لمن يُعينه. فإيران كسرت ظهر الجميع لا سيما الغرب وأمريكا. ولحقت بها روسيا عبر الضربة القاضية. لذلك فإن اللقاء المرتقب لن يكون إلا مواساةً وشكوى بين أهل المصائب. في حين غطت تصريحات باراتز على الزيارة.
المصدر / الوقت