كيف تمكن الجيش السوري من كسر الحصار عن كويرس؟
وكالات – امن – الرأي –
كما حصل في عملية فك الحصار عن السجن المركزي في حلب، حصل في مطار كويرس بتشابه كبير لجهة التكتيكات المستخدمة في الإقتراب واستخدام الطاقة النارية، ودفع الوحدات المتقدمة بسهم متعدد الرؤوس لشق الطريق وسط قوات معادية، ما مثّل جرأةً في التخطيط والقتال فكان عنوان المشهد في عملية فك الحصار.
منذ بداية التقدم الى مطار كويرس، أدرك تنظيم داعش فاعلية وقدرات الوحدات المتقدمة وعمل بشكلٍ حثيثٍ على القيام بمجموعةٍ من الإعاقات في المحيط المباشر لميدان المعركة، وفي الهجوم على محيط مدينة السفيرة قاعدة الإرتكاز الأساسية للهجوم، وكذلك على طريق خناصر – إثرية بهدف قطع طريق إمداد الجيش السوري للتأثير في فاعلية عملياته وتشتيت الجهد القتالي لوحداته في الريفين الجنوبي الشرقي والجنوبي الغربي لحلب.
إنّ تحرير مطار كويرس في هذا التوقيت يعتبر من الناحية المعنوية إنجازًا كبيرًا سيشكل دفعًا الى الأمام لوتيرة تقدم وحدات الجيش السوري في كل الميدان، ويؤثر على الروح المعنوية للجماعات المسلّحة وعلى رأسها تنظيم داعش.
في الجانب الميداني، لا بدّ من التذكير أنّ فك الحصار عن مطار كويرس أتى بقرار واضح من القيادة السورية كأولوية في هذه المرحلة بالتحديد لسببين:
1- السبب الأول معنوي بحت يرتبط برفع ارادة القتال لدى وحدات الجيش في كل الميدان السوري.
2- الحاجة الى نقطة ارتكاز اساسية في المنطقة لإكمال العمليات نحو كامل المنطقة الشرقية الجنوبية لحلب مرورًا بدير حافر ووصولًا الى مسكنة، ولتشكيل قوة حماية للجيب الأيمن لأي وحدات ستتقدم لاحقًا باتجاه مدينتي الباب ومنبج في الريف الشمالي الشرقي لحلب.
التطور الأهم في العمليات العسكرية باتجاه مطار كويرس دخول أكثر من عامل على خط المعارك وهي:
1- الضربات الجوية النوعية من الطيران الروسي والسوري، حيث كان لاستخدام القنابل الموجهة والدقيقة دور فاعل في استهداف غرف عمليات ومستودعات داعش، وأثر كبير في إلحاق الضرر بالبنية البشرية والتسليحية للتنظيم بواسطة طائرات سوخوي 30 و34، إضافةً الى الدور الذي قامت به طائرات سوخوي 25 وحوامات مي 24 في تقديم الدعم القريب للوحدات المتقدمة ليلًا نهارًا.
2- الإستخدام الكثيف للمدفعية والراجمات في استهداف الخطوط الدفاعية والتحصينات التابعة لداعش والسدود النارية التي واكبت تقدم الوحدات.
3- أهمية السيطرة على التلال الحاكمة وخصوصًا تل سبعين الذي أمّن الإشراف بالنظر والنار على مساحات واسعة من الأرض ما سمح بالتحكم بمفاصل الميدان.
4- استخدام القناصات الثقيلة لاستهداف أفراد داعش وسياراتهم وكذلك الصواريخ الموجهة المضادة للدروع.
5- المعلومات الإستخباراتية والإحداثيات التي وصلت بواسطة سوريين موالين للدولة السورية وساهمت مساهمة كبرى في استعلام تحركات ونقاط تمركز مجموعات داعش.
6- المراقبة الجوية اللصيقة والدائمة من الطائرات بدون طيار.
7- التنسيق العالي بين القيادات العليا وقادة الميدان للوصول الى أفضل النتائج، عبر أنماط قيادة وسيطرة جديدة تعتمد أكثر على إعطاء هامش حرية أكبر لقادة الميدان في تقدير الموقف واتخاذ القرار وطلب الدعم الناري الجوي والمدفعي.
إنّ فك الحصار عن مطار كويرس سينتج عنه تحولات ايجابية واستراتيجية في الميدان الجنوبي لحلب بشكل مباشر وعلى المنطقة الشرقية لسوريا، وسيؤسس مع اتجاهات هجوم أخرى ستنطلق من منطقة تدمر مستقبلًا للسيطرة على مناطق وقواعد ارتكاز وانطلاق لداعش في مسكنة ومحيطها وصولًا الى مداخل الرقة ومحيطها.
وهنا لا بد من الإشارة الى أنّ العمليات الجارية في ريف حلب الجنوبي الغربي تسير بشكلٍ متزامنٍ وموازٍ للعمليات في الريف الجنوبي الشرقي، وهو أمر ضروري وإن كان بطيئًا إلّا أنّه يؤدي الى عدم حدوث ثغرات يمكن ان يتم استغلالها من قبل داعش والجماعات الأخرى وهو تدبير مهم.
السمة الأساسية للميدان الحلبي هذه الأيام هي عمليات الإلتفاف والخرق من الخواصر الرخوة كما حصل في مطار كويرس، وكما يحصل في جنوب الحاضر التي يبدو أنّ العمليات لن تقتصر على تحريرها والوصول الى العيس والإيكاردا بل ستتعداها للوصول الى سراقب، وهو ما سيحتم على الجماعات المسلحة في ادلب تخفيف تواجدها في ريف حماه الشمالي ما سيعيد التوازن لميدان هذا الريف واستعادة مورك وبعض المواقع التي خسرها الجيش السوري هناك.
ومن هنا، من المتوقع أن تعمد وحدات الجيش السوري بعد فك الحصار عن مطار كويرس الى الضغط على كامل جبهات حلب وحماه لتشتيت الجهدين الناري والبشري للجماعات المسلحة، وهو أمر سيتصاعد تدريجيًا كل يوم مع الأخذ بعين الإعتبار بعض المفاجآت التي يمكن أن تحصل بنتيجة الثغرات الجغرافية الموجودة لعدم قدرة اي جيش على تغطية كل المساحات الجغرافية.
في كل الأحوال، فإنّ الإنفعال الذي يسود لدى الجمهور في لحظات الإنتصار أو الإخفاق لا وجود له لدى القيادات التي تخطط للحرب بواقعية وعقلانية، تأخذ في عين الإعتبار طبيعة كل جبهة وموازين القوى فيها وطبيعة الجماعات وتسليحها، مع التأكيد أنّ المرحلة القادمة ستكون مرحلة الإنجازات وخصوصًا في الأرياف الحلبية.انتهى
طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق