النصر الإستراتيجي المُتوقع في الرمادي: ضربةٌ للسياسة الأمريكية وإنجازٌ للوحدة العراقية
في ظل التغيرات الميدانية التي تجري فيما يتعلق بالحرب على الإرهاب إقليمياً، فإن العراقيين باتوا اليوم على مقربةٍ من إعلان نصرٍ إستراتيجيٍ كبير لا سيما بعد قُرب تحرير الرمادي. في وقت أكد فيه المسؤولون العراقيون أن الشعب العراقي يُثبت مرةً أخرى قدرته على العمل سوياً من أجل حماية بلده من الإرهاب. مُشيرين الى محاولاتٍ أمريكية لمنع الإنتصار العراقي خدمةً لمصالح خاصة. فماذا في قرب تحرير الرمادي؟ وماذا في التحليل والدلالات؟
أكد وزير الدفاع العراقي خالد العبيدي أمس أن عملية تحرير مدينة الرمادي من تنظيم داعش الإرهابي ستكون خلال أيام. مشيراً الى أنه وبحسب المعطيات العسكرية فإن عملية تحرير المدينة ستتم، لتبدأ بعدها عمليات تحرير باقي مناطق محافظة الأنبار. ولعل ذلك يعود للعديد من الأسباب التي جعلت التطورات الميدانية تنعكس لصالح القوات العراقية. وهنا نشير للتالي، في محاولةٍ للربط بين الوقائع والتحليل:
– منذ دخول التنظيم الإرهابي للعراق، كان لدى العراقيين رأيٌ بقدرتهم على تحرير وحماية مدنهم من تطورات التمدد الإرهابي. لكن التدخلات الخارجية جعلت من الإرهاب في العراق أداةً للإبتزاز أو المناورة سياسياً أو عسكرياً، أدت الى حرمان العراقيين من قدرتهم على مواجهة الخطر الإرهابي. فالسياسة الأمريكية والتي تحصنت خلف ما سُمي بالتحالف لقتال داعش، ساهمت مراتٍ عديدة في تمدد الإرهابيين بعد أن عملت على رسم جغرافيا عسكرية معينة، تهدف لتعزيز التقسيم. يُضاف الى ذلك سياسة الدول الخليجية لا سيما السعودية وقطر، والتي حاولت اللعب على الوتر الطائفي من خلال دعم أطرافٍ داخلية دون أخرى، لا سيما العشائر.
– لكن الدور الإيراني الفعال ساهم منذ البداية في ترسيخ واقع الوحدة، من خلال العمل على إنشاء مجموعاتٍ قادرة على العمل في الميدان، وتنتمي لكافة الأطراف العراقية. وهو ما ساهم أيضاً في إبطال المشروع الأمريكي الخليجي، وجعل العراقيين يؤمنون بأنفسهم، لا سيما بعد الإنتصار التاريخي الذي حققه الحشد الشعبي والقوات العراقية معاً خلال معركة تكريت.
– واليوم يأتي إعلان العراق لقرب تحرير منطقة الرمادي، في ظل ظروفٍ تكشف مرةً أخرى حجم المؤامرة التي كانت تُحيكها الأطراف الغربية والخليجية في العراق. وهنا فإن العديد من العوامل ساهمت في الإقتراب من هذا الإنتصار الذي يُعتبر إستراتيجياً بالمنظور العسكري، ومهماً من الناحية السياسية.
– إذ تُثبت الوقائع قدرة الشعب العراقي على التصدي للإرهاب، والتوحد من أجل قتال داعش. ولعل الوقائع الميدانية والتي جرت خلال الأيام الأخيرة، طرحت العديد من التساؤلات حول الدور الأمريكي المشبوه والذي أثبتت الوقائع أخيراً أنه كان يقوم بتأمين الحماية للتنظيم الإرهابي. فقد أكدت وزارة الدفاع العراقية أنه لا يوجد مشكلات تقنية على الإطلاق فيما يتعلق بمسألة تحرير الرمادي، بل إن هناك تدخلات سياسية تقوم بها واشنطن من أجل التأثير على التقدم العسكري الناجح للقوات العراقية.
– وهنا لا بد من ربط هذا التدخل بحسب المراقبين، بالتطور العسكري الذي يتمثل بالنجاح في القضاء على مقاتلي داعش في سوريا، وهو الأمر الذي يجعلهم يهربون نحو العراق. مما جعل الطرف العراقي يُعد العدة من أجل قطع الطريق عليهم، فكانت العمليات التي ستُتوَّج بتحرير الرمادي قريباً. فيما تحاول واشنطن العمل على منع ذلك.
– لذلك فإن المحاولات الأمريكية يبدو أنها ستبوء بالفشل. فأمريكا هي التي ساهمت في تعزيز قدرات التنظيم الإرهابي في العراق. فيما يؤكد المعنيون أن العراقيين سنةً وشيعةً، يقومون بالتعاون من أجل دحر خطر الإرهابيين عن أرضهم، بعد أن وجدوا في نتائج تعاونهم ووحدتهم، أنهم قادرون على قتال الإرهاب. كما أن الأحداث الأخيرة التي تجري لا سيما نتائج الخطوة الروسية الإيرانية والتي كشفت حجم النفاق الأمريكي في قتال الإرهابيين، دفعت العراقيين للوعي أكثر لخطورة الإعتماد على الخارج لا سيما الغرب والدول الخليجية.
سيكون انتصار الرمادي نكسة للإرهابيين وكذلك للسياسة الأمريكية في المنطقة. فواشنطن التي لم تتوان يوماً عن دعم الإرهاب، أصبحت تجد نفسها أمام واقعٍ مُغايرٍ رسخه الدور الروسي الإيراني لا سيما في سوريا، وهو ما يبدو أنه سينتقل للعراق. في وقتٍ أكد العراقيون سنةً وشيعة أنهم أقوى من كل المؤامرات التي تحاك ضدهم. فهل ستكون الرمادي بداية القضاء على داعش نهائياً في العراق؟
المصدر / الوقت