بيع جماعات الغرب الإستعماري للنفط السوري والعراقي: دور أمريكي ومنفعة بامتياز
تحصل جماعات الغرب الإستعماري على أكثر من 40 دولار شهرياً من بيع النفط المستخرج من المناطق التي سيطرت عليها، هذا ما جاء على لسان مساعد وزير الخزانة الأمريكي دانيال غليرو. كلام غليرو يأتي متلاقياً مع تقديرات لمراكز مالية دولية تشير إلى أن الإنتاج النفطي لهذه الجماعات يبلغ حوالي 800 مليون دولار سنوياً أي ما يوازي مليوني دولار في اليوم. قدرة جماعات الغرب الإستعماري في استخراج النفط من الحقول السورية في دير الزور والعراقية في الموصل التي سيطرت عليها يأتي تحت غطاء ودعم كامل من قبل أمريكا التي ترصد تحركات هذه الجماعات من خلال طائراتها التي تدعي ضرب مشروع الجماعات التخريبية، هذا الأمر هو ما يطرح السؤال الأكبر عن ما تجنيه أمريكا من السماح للجماعات بنهب النفط بل وعن دورها في ذلك؟
أولاً: تجارب الحروب لطالما عكست ارتفاعاً في أسعار النفط، كارتفاعها بحدة بعد تبعات الإحتلال الأمريكي للعراق عام 2003، والتي انتقل فيها سعر برميل النفط من 25 دولاراً إلى 140 دولاراً عام 2008. ولا شك أن هذا الإرتفاع كان مقروناً بالسياسة الامريكية التي كانت مستفيدة من هذا الإرتفاع بعد استيلائها على النفط العراقي والشركات المنتجة من جهة، ولتعويض خسائر الميزانية التي كلفتها الحرب على العراق من جهة أخرى. لكن انعكاس تحرك جماعات الغرب الإستعماري عكست نتائج مختلفة وصل فيها سعر برميل النفط مؤخراً إلى 40 دولاراً.
والسبب في ذلك واضح وهو يتلخص بالتالي، أمريكا اعتمدت على الدول الخليجية في تمويل جماعاتها التخريبية التدميرية، وعندما اطلقت مشروعها الكاذب لمحاربة هذه الجماعات لجأت مجدداً إلى حكومات الدول الخليجية كممول لذلك، هذا التمويل والذي تحصده حكومات الدول الخليجية من وارداتها للنفط، وبالتالي ستعمل هذه الحكومات على توقيع عقود لسنوات مع أمريكا على القيمة المنخفضة لتحصيل امكانات هذا التمويل، وحتى بعد انتهاء المشكلة وعودة السعر إلى أسعار مرتفعة فإن الصفقة ستبقى سارية المفعول، هذا الحديث هو سلسلة من التخطيط الامريكي والذي يرى في نهب جماعات التخريب والتدمير للنفط بأنه يصب في نفس الخانة والهدف لهذه السياسة الرامية إلى تخفيض سعر النفط.
ثانياً: تعمل أمريكا على تسهيل عمل جماعات التخريب والتدمير في نهب النفط وبيعه ليصبح أمراً واقعاً مفروضاً وبالتالي سيكون العراق جزءاً من هذا الواقع، وعليه يكون وفق الرؤية الأمريكية جر العراق وإقناعه بأن هذه الجماعات أصبحت تشكل خطراً وتهديداً على نفطها، وهو سيعرقل صادراتها النفطية، وبالتالي يجب أن يأتي الأمريكي لحماية المصافي وخطوط النقل، وهذا ما سيتيح للأمريكي حصوله على كميات كبيرة وبأسعار رمزية وفق سعر اليوم.
ثالثاً: يرى الأمريكي في نهب داعش للنفط السوري والعراقي جزءاً من سلسلة الفوضى التي يعمل على نشرها، وتحقيقاً للهدف المرسوم لهذه الجماعات، فهو اضعاف لمشروع الدولة والإستقرار، وعلى الجانب الآخر تنظر أمريكا إلى نهب جماعات التخريب للنفط على أنه إحدى الوسائل والطرق التي تجلب الموارد المادية لها وهو ما لا تمانع أمريكا عليه طالما أنه بقي محصوراً وفق السياسة الأمريكية القاضية باستمرار ميزان التعادل بين هذه الجماعات وحركات المقاومة المتصدية لها والمدافعة عن بلدها، وذلك بهدف استمرار حالة الفوضى التي تخدم مطامعها حتى حدوث تبدل وتغير في المعادلات.
رابعاً: أمريكا لها علاقات ومصالح مع تركيا، فهي بالنسبة لها تمثل نقطة اتصال امريكية في منطقة غرب آسيا، وعليه فهي تضع تجاهلها لبيع جماعات التخريب والتدمير النفط لتركيا وتسهيل الأمر في سياق المحافظة على العلاقة مع تركيا من جهة وتدعيم للسياسة التركية الداعمة لهذه الجماعات من جهة أخرى، وحفاظ أمريكا على مصالحها مع تركيا والذي يسهم في تعزيز وجودها العسكري في القسم الجنوبي منها والمحاذي للحدود السورية، وتسهيل تحركها فوق الأراضي التركية والإستفادة بشكل أكبر من قاعدة انجرليك في أدانا جنوب تركيا.
المصدر / الوقت