هل سيفلح قائد الجيش الباكستاني في إعادة الدفء لعلاقة بلاده مع واشنطن
بعد أن قام بزيارة السعودية مطلع الشهر الحالي، يعتزم قائد الجيش الباكستاني الفريق أول راحيل شريف زيارة العاصمة الأمريكية واشنطن الأحد القادم، حيث من المقرر أن يقوم الرجل ببحث الملفات العالقة بين البلدين وعلى رأسها الملف الأفغاني والهندي واستمرار إسلام أباد في تطويرها للأسلحة النووية.
وفي التفاصيل صرح محمد عاصم باجوه المتحدث الرسمي باسم الجيش الباكستاني أن قائد الجيش الباكستاني الجنرال راحيل شريف سوف يقوم بزيارة العاصمة الأمريكية في تاريخ 15 نوفمبر/ تشرين الثاني الحالي بهدف بحث الملفات الأمنية المتعلقة بأفغانستان مع القادة الأمريكيين. ومن المقرر أن يقوم قائد الجيش الباكستاني خلال زيارته التي ستستغرق خمسة أيام بلقاء مجموعة من القادة السياسيين والعسكريين الأمريكيين وسوف يقوم بعقد سلسلة جلسات للتباحث حول الملف الأمني الأفغاني إضافة إلى بعض الملفات الأمنية والعسكرية الأخرى مع القيادة الأمريكية. وکان شریف قد زار السعودية خلال الأسبوع الفائت والتقى خلال زيارته مجموعة من قادة النظام السعودي حيث هدفت هذه الزيارة وفق ما أعلنه الجانبان إلى توسيع التعاون الدفاعي والعسكري بين الجانبين، شريف ذاته كان قد رفض مشاركة الجيش الباكستاني في العدوان السعودي الخليجي على اليمن، الأمر الذي ألقى بظلاله على العلاقات السعودية الباكستانية وأدخلها في حالة من الركود والفتور.
ما الذي تغير بين زيارة رئيس الوزراء وزيارة قائد الجيش الباكستاني لواشنطن؟
زيارة قائد الجيش الباكستاني راحيل شريف لواشنطن تأتي بعد مضي فترة وجيزة على زيارة مماثلة قام بها رئيس الوزراء الباكستاني نواز شريف للعاصمة الأمريكية؛ سعى من خلالها إلى تحسين العلاقة التي تجمع إسلام أباد بواشنطن، لكن يبدو أن الرجل قد أخفق في إعادة الدفء لهذه العلاقة؛ حيث لم تسفر تلك الزيارة التي استغرقت أربعة أيام والتقى خلالها الرئيس الأمريكي باراك أوباما ونائبه جو بايدن عن نتائج تذكر على صعيد العلاقات الرابطة بين البلدين، حيث لم تفلح المباحثات التي أجراها نواز شريف مع القادة الأمريكيين في تقريب وجهات نظر الطرفين حول الملفين الهندي والأفغاني أو في كسب رضا واشنطن عن النشاطات النووية العسكرية التي تقوم بها إسلام أباد.
يعتقد الكثير من المحللين أن بإمكان زيارة الجنرال شريف أن تؤتي ثمارها وتنجح في تحقيق ما عجز عنه رئيس الوزراء الباكستاني في زيارته للعاصمة الأمريكية، حيث أن جميع الملفات العالقة بين واشنطن وإسلام أباد هي ملفات أمنية وعسكرية من شأن قائد الجيش الباكستاني إيجاد حلول لها تحقق مصالح كل من باكستان وأمريكا.
يذكر أن العام الماضي كان قد شهد زيارة مماثلة قام بها راحيل شريف إلى واشنطن بحث خلالها العمليات العسكرية التي يقوم بها الجيش الباكستاني ضد الإرهابيين في المناطق القبلية في باكستان، والعمليات العسكرية التي تشنها الطائرات بدون طيار الأمريكية ضمن الأجواء الباكستانية.
الملف النووي الباكستاني أهم نقاط الخلاف بين باكستان وأمريكا:
كتبت صحيفة واشنطن تايمز الأمريكية في مقال لها تناولت زيارة قائد الجيش الباكستاني إلى واشنطن: “مرة ثانية سوف يكون الملف النووي الباكستاني محور المباحثات الثنائية بين شريف والقادة الأمريكيين” وتحدثت وسائل إعلامية أمريكية أن كلاً من أمريكا وباكستان ما زالت متمسكة بمواقفها تجاه القضية النووية الباكستانية. وتشير تقارير إلى سعي أمريكا إلى منع إسلام أباد من صناعة أسلحة نووية جديدة وكذلك الحد من قدرة العاصمة الباكستانية على تصنيع الصواريخ بعيدة المدى وسوف تطلب واشنطن من شريف توقيع اتفاقية تنص على تقليص البرنامج النووي الباكستاني. لكن إسلام أباد تعتبر السلاح النووي الذي تمتلكه سلاحها الأهم في مواجهة الهند وهي تقوم بتطوير هذا الملف من أجل منافسة جارها الشرقي والذي طالما جمعتها معه علاقة العداء والخصومة.
مؤسسة “كارينجي” للسلام الدولي ومركز “ستيمسون” للفكر (مركزهما واشنطن)، نشرا تقريراً قبل عدة أشهر، ذكرا فيه أنَّ باكستان مرشحة لأن تصبح الثالثة عالميًا من حيث حجم الترسانة النووية، في غضون الـ5-10 السنوات القادمة. واستبعد أحد المسؤولين الأمريكيين خلال حوار أجرته معه وكالة داون نيوز الإخبارية أن تقوم واشنطن بتوقيع اتفاقية نووية ذات طابع غير عسكري مع إسلام أباد كما فعلت عام 2005 مع الهند، حيث أكد المسؤول الأمريكي أن الخلافات بين واشنطن وإسلام أباد حول ملف الأخيرة النووي ليست خلافات جديدة، حيث من المستبعد أن تقوم واشنطن بتقديم تنازلات لإسلام أباد من أجل قبولها كدولة نووية عسكرية بالشكل الذي تريده إسلام أباد. والجدير بالذكر أن واشنطن كانت قد قامت بتوقيع اتفاقية نووية مع العاصمة الهندية نيودلهي تتيح للأخيرة شراء التقنيات النووية غير العسكرية على الرغم من عدم توقيع الهند لاتفاقية الحد من انتشار الأسلحة النووية وعدم اعترافها بأي حدود لتطوير ملفها النووي بشقيه العسكري والمدني. إلا أن واشنطن تسعى جاهدة هذه الأيام لتأمين الملف النووي الباكستاني ووضع حدود وضوابط من شأنها منع إسلام أباد من تطوير المزيد من الأسلحة النووية.
أهمية الملف الأفغاني ضمن زيارة شريف لواشنطن:
تشكل أفغانستان والوضع الأمني المتأزم داخلها عقبة أساسية تنتظر زيارة الجنرال شريف إلى أمريكا، حيث تريد أمريكا من إسلام أباد الكف عن دعم حركة طالبان الإرهابية والتي تشير تقارير عدة إلى تورط المخابرات الباكستانية في دعم وتنسيق نشاط الحركة داخل الأراضي الباكستانية والأفغانية وبالتالي مسؤولية باكستان عن جزء كبير من الاضطرابات والهجمات الإرهابية داخل الأراضي الأفغانية، كما تريد أمريكا ضمان دعم باكستان للعملية السياسية الدائرة في أفغانستان، بينما تسعى إسلام أباد إلى وضع نهاية للتدخل العسكري ضمن الداخل الباكستاني خصوصاً الهجمات التي تقوم بها الطائرات الأمريكية بدون طيار ضمن باكستان والتي خلفت عشرات القتلى والجرحى في صفوف المدنيين العزل.
المصدر / الوقت