التحديث الاخير بتاريخ|الأحد, أكتوبر 6, 2024

المملكة المتحدة تفقد سطوتها في الخارج و الداخل 

وسط الأزمات المتلاحقة في الشرق الأوسط والعالم؛ بدأ من الصراع في سوريا مرورا بالحرب المزعومة من أمريكا و حلفائها على تنظيم داعش في العراق، و الحرب الأهلية في ليبيا إلى تحول هذا البلد لممر دولي لمافيا الهجرة غير الشرعية، ومن الملف النووي الإيراني إلى الحرب في اليمن، ومن الأزمة الاوكرانية إلى العلاقات مع امريكا و روسيا، تقف بريطانيا غير مكترثة تماما بالذي يحدث من حولها، في حين تعتبر بريطانيا خامس اكبر اقتصاد في العالم، وخامس اكبر ميزانية دفاعية في العالم، وهى دولة عضو في حلف شمال الأطلنطي (ناتو) وفي مجلس الأمن الدولي، واحدى القوى النووية في العالم، وهي الدولة التي بادرت بالتدخل في العراق وليبيا، و بادرت “في القتال” الى جانب أمريكا ضد تنظيم داعش في سوريا والعراق، وهي التي دائما تتدخل في سياسات الدول الداخلية. و عندما تكون هذه الدولة في ذلك المزاج الانعزالي يفرض السؤال التالي نفسه: هل هذه مجرد أعراض للإرهاق من التدخل غير المدروس الذي أدى إلى كوارث كبيرة في الشرق الاوسط على مدار العقد الماضي أم انها بسبب سياسات خاطئة اعتمدتها الحكومة البريطانية في تعاطيها في الكثير من الأمور؟

سياسة خارجية خاطئة
على ما يبدو أنّ هذا الانعزال ليس ارهاقا، حيث يرى دبلوماسيون بريطانيون سابقون، فضلاً عن ضباط استخبارات وأكاديميين، أن بريطانيا تعاني من فقدان لـ”سطوتها” في الخارج، و أشاروا إلى أن الحكومة البريطانية لم تحسن التصرف في بعض الأزمات الخارجية كحربها على العراق و في ليبيا و سكوتها في حرب السعودية على اليمن و مشاركتها في الحرب على سوريا و ان كان استخباراتيا و في “حربها على تنظيم داعش”، و يضيف المحللون الى أن بريطانيا تعاني من أزمة ثقة في سياستها الخارجية، ما أدى لوضع البلاد في حالة علاقات دولية ضعيفة في جميع المجالات و خصوصاً في الأزمة السورية، وغير فعّالة في أوكرانيا، ومعادية تجاه أزمة اللاجئين وغير راغبة في الاتحاد الأوروبي. هذه السياسات و الخطط الخاطئة التي اعتمدتها بريطانيا جعلها منعزلة عما حولها ما جعلها طرفاً غير رئيسي في القرارات المهمّة التي تتخذ في واشنطن و جعلها ضمن كلمة “حلفاء أمريكا” اي الى جانب دول من العالم الثالث.

اجراءات داخلية خاطئة
و مع هذه السياسات الخارجية الخاطئة، على ما يبدو أن الحكومة البريطانية تصر على الانعزال داخليا أيضاً، حيث قرر الرئيس الحكومة البريطانية ديفد كامرون اجراء استفتاء داخلي من اجل الخروج من الاتحاد الأوروبي و ذلك بسبب أزمة اللاجئين و تهميش دور بريطانيا في الاتحاد الأوروبي، و قد بدأت الحكومة البريطانية تطبيق تشريعات جديدة تشدد إجراءات منح حق اللجوء السياسي، وتصعب امكانية الحصول على الإقامة الدائمة والمساعدات المالية والصحية للمهاجرين بشكل عام وخاصة من العرب والمسلمين، ضمن سياسة أوسع تهدف الى مواجهة ما تسميه ” خطر الإرهاب”، ومن بين هذه الإجراءات، إقرار صلاحيات حكومية لسحب الجنسية، ومنع دخول البريطانيين الذين يحملون جنسية ثانية.

وحسب تصريحات لوزيرة الداخلية البريطانية تيريزا ماي والملقبة بـ”تاتشر الثانية” لقسوتها في التعامل مع المهاجرين و خصوصا العرب و المسلمين منهم” فان لندن قررت تخفيض عدد المهاجرين الى 10 آلاف في السنة كحد أقصى، وهذا القرار يشمل كل أنواع الهجرة واللجوء. و يرى بعض المحللون الى أن هذه الإجراءات سوف تؤدي الى إنتهاكات حقوقية واسعة، وقد تتسبب ليس فقط في سحب الجنسية، بل في طرد بعض العرب والمسلمين بشكل خاص لمجرد الشك في إنتمائهم لمنظمات إرهابية. أما المشكلة الأكبر والتي سوف تترك أثرا على الوجود الإسلامي في الغرب وبريطانيا تحديدا فهي ان مواطنين بريطانيين قد أعلنوا بالفعل تأييدهم لتنظيم القاعدة أو «داعش» وهذا ما يخيف المجتمع البريطاني .

اذا على ما يبدو أنّ سياسة بريطانيا و استراتجيتها الخارجية و الداخلية الى تراجع. فداخل اوروبا وبسبب الخلافات الدائمة حول إصلاح الاتحاد الاوروبي، همشت لندن في الكثير من القضايا. ولم تلعب دورا محوريا مثلا في الازمة الاوكرانية التي لعبت فيها المانيا وفرنسا الادوار الاهم. وفي اليونان حملت المانيا العبء الأكبر في المفاوضات. بريطانيا اليوم في مفترق طرق حقيقي، فموازين القوى داخل اوروبا ليست لصالحها، بل لصالح المانيا. وهى من ناحية اخرى ما زالت تحاول إيجاد تلك الصيغة المثالية بين سياسة خارجية تعتمد على القوى العسكرية من ناحية، وعلى قوة الحوار والتوسط لحل النزاعات والمساعدات الانسانية والتنمية من ناحية اخرى. فهل هناك تحول إستراتيجي يتبلور حول أدوار بريطانيا على الساحة الدولية؟

المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق