التحديث الاخير بتاريخ|السبت, نوفمبر 16, 2024

العراق .. اشتباكات طوزخورماتو وأسبابها 

بينما كانت انظار العراقيين والمراقبين للشان العراقي مشدودة نحو القتال الجاري مع تنظيم داعش الارهابي التكفيري في عدد من المحافظات الشمالية والغربية في العراق حدث امر مرير في قضاء طوزخورماتو في محافظة صلاح الدين شمال بغداد والذي يسكنها التركمان تمثل في اشتباكات دامية بين فصائل من الحشد الشعبي من المواطنين التركمان وقوات البشمركة الكردية سقط خلالها العشرات من القتلى والجرحى، فما هي اسباب الاشتباكات وما هو آخر التطورات وما هي اهداف البيشمركة من استهداف التركمان؟

لقد بدأت الاشتباكات يوم الخميس وادعى الاكراد ان سببها هو رفض عجلة يستقلها مقاتلو الحشد التوقف في حاجز امني للبيشمركة على مشارف طوزخورماتو وأسفرت المعارك عن مقتل 15 شخصاً وإصابة العشرات، فضلاً عن إحراق وتدمير محتويات عشرات المنازل الى ان تم التوصل الى اتفاق لوقف اطلاق النار بين الطرفين دخل حيز التنفيذ أمس السبت وسط مساعٍ تستهدف إعادة التهدئة في المنطقة.

ويقضي الاتفاق بتشكيل قوة مشتركة من أهالي الطوز، وتسيير دوريات مشتركة تحت إشراف لجان مختصة، وإطلاق سراح جميع المعتقلين دون قيد أو شرط والذين يصل عددهم قرابة 90 من كلا الطرفين، والبحث عن المفقودين، وتقديم الجناة إلى العدالة، وتشكيل لجنة لجرد الأضرار وتعويض المتضررين من أهل القضاء.

ومهما تكن الاسباب الميدانية لهذه الاشتباكات فلايمكن لنا ان نتجاهل الاسباب السياسية الحقيقية وراء هذا الاحتقان الذي لايستفيد منه سوى اعداء العراق من الارهابيين وحماتهم الدوليين.

ان الضغط الهائل الذي تمارسه قوات البيشمركة الان على التركمان لمغادرة مناطقهم في طوزخورماتو بات يشبه تماما الحصار الذي فرضه داعش قبل عام من الان على المناطق التركمانية مثل آمرلي وغيرها ويمكن للمراقب ان يكتشف اهداف الاكراد من افتعال مثل هذه الازمات لإحداث تغيير ديمغرافي وتهجير التركمان من مناطقهم اذا قام بتحليل بسيط للاوضاع في شمال العراق واقليم كردستان حیث یعتقد بعض المحللین ان الوضع المهزوز لرئيس اقليم كردستان مسعود بارزاني الذي يرفض الكثير من الاكراد التمديد له في رئاسة الاقليم قد أثر سلبا على العلاقة بين البيشمركة والحشد الشعبي.

ويقول هؤلاء المحللون ان بارزاني يتهم جهات اقليمية (ويعني ايران) بتدبير خطة لاقصائه عن الحكم وحينما يعلم المرء بأن قوات الحشد الشعبي والشيعة التركمان هم على علاقة جيدة مع ايران فعندئذ يمكن فهم الحساسية التي تبديها قوات البيشمركة تجاه التركمان.

وربما تريد قوات البيشمركة الكردية تنصيب نفسها مدافعا وحيدا وجهة رئيسية لا منافس لها في الحرب ضد تنظيم داعش الارهابي لكن على الاكراد ان يعلموا بانهم ليسوا قادرين على الحاق الهزيمة بداعش لوحدهم بل على العكس من ذلك فإنهم يحتاجون الى من يدعمهم من القوات الحكومية وقوات الحشد الشعبي ومنهم التركمان بالاضافة الى الدعم الايراني الذي اعترف الاكراد بتلقيه عندما هاجم داعش مناطقهم قبل عام.

وبالعودة الى التطورات التي جرت في العراق على اثر الاشتباكات بين البيشمركة وقوات الحشد الشعبي من التركمان، فقد وجّه رئيس مجلس الوزراء العراقي والقائد العام للقوات المسلحة حيدر العبادي يوم السبت بتشكيل خلية ازمة لاحتواء تداعيات اشتباكات طوزخورماتو شرق محافظة صلاح الدين، فيما قرر ارسال قوتين عسكرية وامنية لبسط الامن في القضاء.

اما المرجعية الدينية فقد ابدت أسفها للمصادمات “غير المبررة” بين البيشمركة والحشد الشعبي في طوزخورماتو وقال معتمد المرجعية الدينية السيد احمد الصافي في خطبة صلاة الجمعة بكربلاء المقدسة ان هذه الاشتباکات لا مبرر لها مبديا أمله بأن “يضع العقلاء من الطرفين حدا لها وان يوجه جميع الاخوة أسلحتهم الى العدو المشترك وهم الإرهابيون الدواعش”.

من جهة أخرى أعلن المتحدث العسكري باسم حركة “عصائب أهل الحق” العراقية جواد الطليباوي أمس السبت، عن إرسال لواء خاص مدرب على حرب المدن إلى قضاء طوزخورماتو لـ”ردع المعتدين”، متهما القيادة الكردية بإدخال قوات من حزب العمال الكردستاني إلى القضاء لقتل التركمان الشيعة لافتا إلى أن “المواجهة ستكون خطيرة إذا لم يتم ردع هذه المنظمة الإرهابية المجرمة.”

الى ذلك، كشف النائب عن المكون التركماني بالعراق نيازي معمار أوغلو، الجمعة، عن زيارة مرتقبة للأمين العام لمنظمة بدر هادي العامري إلى طوزخورماتو لـ”تهدئة الأوضاع” وتعزيز الحشد الشعبي في القضاء، فيما أشار إلى وجود خلاف (كردي – كردي) داخل الطوز مبینا أن الاتحاد الوطني الكردستاني وافق على عدد من المطالب والشروط المتعلقة بالأوضاع الجارية في القضاء لكن حزب بارزاني لم يوافق عليها.

من جانبه، حذر رئيس ائتلاف دولة القانون نوري المالكي قوات البيشمركة الكردية من استهداف المدنيين في قضاء الطوز، فيما دعا الحكومة إلى سرعة التحرك لتطويق الأزمة ومحاسبة المتجاوزين على القانون.

وفي الوقت الذي نرى فيه ان العراق بحاجة الى الوحدة بين مكوناته وجميع فصائله وقواته من اجل مواجهة داعش وباقي الجماعات الارهابية التكفيرية يبدو ان هناك من ادرك مكمن قوة العراقيين أي وحدتهم واراد دق الاسفين بينهم وابعاد الحشد الشعبي عن البيشمركة ليكون المستفيد الوحيد من ذلك داعش وحماته وهنا يجب البحث ايضا عن الجهات الخارجية التي اوعزت الى اياديها في العراق لافتعال مثل هذه المشاكل.
المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق