كيف سيكون مصير اللاجئين السوريين بعد هجمات باريس الدموية؟
للغرب تاريخ طويل في إتهام الجالیة المسلمة في اوروبا بالارهاب، وتعود جذور هذه الاتهامات الی سنين طويلة. لكن بعد ظهور تنظيم القاعدة، زادت وتيرة هذه الاتهامات حتی أصبح اسم المسلم في الغرب ملاصقاً بتهمة الارهاب. هذه الاتهامات أثرت بشكل سلبي علی جميع زوايا حياة المسلمين في الغرب، خاصة تلك الفئة الكبيرة من المسلمين التي لازالت متمسكة بشكل قوي بثقافتها الإسلامية، وتحافظ علی تقالیدها الإسلامية في الملبس والماكل والمشرب. ورأينا خلال الاعوام الاخيرة كيف تمت ممارسة أشد الضغوط علی شريحة النساء المسلمات، في دول غربية كثيرة وعلی رأسها فرنسا التي تعتبر نفسها مهد الديمقراطية الحديثة، حيث اجبرت النساء علی خلع حجابهن واللواتي لم يوافقن علی ذلك، اضطررن الی الوداع مع الدراسة في المدارس والجامعات الغربية. لا بل لم تتوقف هذه الممارسات العنصرية تجاه النساء المسلمات في الغرب الی هذا الحد، بل أصبحت النساء يُهاجمن حتی في الشارع والمحاكم القضائية، ولم تكن الشهيدة «مروة الشربيني» التي تم الاعتداء علیها داخل محكمة ألمانية من قبل مواطن ألماني يُدعى «الیكس دبليو فينز» بـ 18 طعنة سكين، حتی فارقت الحياة داخل المحكمة، لا لذنب سوی لتمسكها بحجابها الإسلامي، لم تكن لوحدها ضحية الإرهاب الغربي. وبعد جميع هذه الاحداث المريرة التي تعرض لها المسلمون، في اوروبا، بات المهاجرون السوريون، يتعرضون الی شتی صنوف الاتهامات والتنكيل بهم. بعد ان كانت هذه الدول هي السبب الرئيسي في تشريدهم من مدنهم وديارهم، فكيف سيكون مستقبل هؤلاء اللاجئين في اوروبا، بعد أحداث باريس الدموية؟
لا شك أن ما ارتكبه داعش قبل يومين في باريس، مدان بأشد العبارات وهو لا يمت بصلة للإسلام، والمسلمون منه براء، كبرائة الذئب من دم يوسف، فضلا عن أن جميع الدول الإسلامية، ومن بينها سوريا التي تعاني من دعم فرنسا للجماعات الارهابية فيها، أدانت الممارسات الإرهابية التي حلّت بمدينة باريس. لكن رغم جميع هذه الإدانات، فعلی ما يبدو أصبحت الجالیة المسلمة وخاصة اللاجئين السوريين، في مرمی الاتهامات الارهابية من جديد. ولم تمض ساعات علی حادث باريس، حتی اشتعلت النيران في مخيم اللاجئين السوريين في غابات كالیا الفرنسية، ما نجم عن ذلك، حالات اختناق وإصابات بين اللاجئين، حسب ما اعلنت الشرطة الفرنسية. السلطات الامنية الفرنسية لم تحدد سبب احتراق المخيم، لكن وسائل إعلام أكدت أن الحادث جاء اثر عملية انتقامية، بعد الاحداث التي اقدم علیها داعش في باريس. ورأى الكثير من الكتاب والمتابعين العرب ومن بينهم «سركيس نعوم» أن الضربة التي تلقتها فرنسا، ستكون أشد وقعاً علی اللاجئين السوريين مقارنة بما أصاب الفرنسيين أنفسهم.
وفي هذا السياق قال النائب العام لمدينة باريس «فرنسوا مولان»، حسب ما نقلت عنه وسائل الاعلام أن أحد المشاركين في هجمات باريس، كان يحمل بالفعل جواز سفر سوري. وفي السياق نفسه، زعم وزير حماية المواطنين الیوناني، «نيكوس توسكاس» أن جواز السفر السوري الذي عثر علیه في مكان الهجوم، في قاعة «باتاكلان»، في العاصمة الفرنسية، يعود لاحد الاشخاص الذين طلبوا اللجوء وتم تسجيل اسمه في قائمة اللاجئين في شهر تشرين الثاني/نوفمبر. هنالك الكثير من المتابعين يعتقدون أن ربط الحادث الإرهابي الذي شهدته فرنسا، باللاجئين السوريين، ياتي لتشويه سمعة هؤلاء اللاجئين، ولكي يكون ذريعة للدول الغربية للتخلي عن مسؤولياتها القانونية والإنسانية تجاه هؤلاء البشر. وتمارس هذه الضغوط علی اللاجئين السوريين بالرغم من حاجة الكثير من الدول الغربية خاصة ألمانيا، لهؤلاء الناس، لتامين اليد العاملة الرخيصة التي تحتاجها البلاد.
تخيلوا أن هذه الضغوط علی اللاجئين السوريين في اوروبا وصلت الی هذا الحد حيث يقول أحدهم ويدعى «غيث» في حوار له مع «هافينغتون بوست عربي» إنه بعد حادث باريس الدموي سيضطر الی حلق لحيته وتغيير اسمه، لكي لا يعرفه أحد فيما بعد أنه لاجئ سوري. وبالاضافة الی الكثير من تعلیقات المواطنين الاوروبيين العدائية في مواقع التواصل الإجتماعي، بعد أحداث فرنسا، هاجم عضو الكونغرس الأمريكي عن الحزب الجمهوري، «جيف دانكان»، سياسة قبول اللاجئين السوريين في اوروبا، وكتب متسائلا: كيف حال إعادة توطين اللاجئين السوريين الآن؟
فبعد كل هذه المعاناة التي حلّت بالشعب السوري، قبل أن يصبح لاجئاً في اوروبا وبعد ذلك، بات من الواضح جدا، أن الغرب هو العنصر الرئيسي في جميع معاناة السوريين ومتاعبهم، اثر دعمه للجماعات الارهابية التي شرّدت الشعب السوري من دياره ووطنه.
المصدر / الوقت