التحديث الاخير بتاريخ|الأحد, أكتوبر 6, 2024

قمة العشرين وإنعدام الرهان عليها: حين تجتمع الأضداد، حول أزمات أكبر من الجميع 

على الرغم من أن مجموعة العشرين والتي تعقد مؤتمرها في تركيا هذه السنة، تجتمع في ظروفٍ إقتصاديةٍ وسياسيةٍ إستثنائية هذا العام، فإن محاولة إعطاء نتائجها حجماً أكثر من اللازم، هو من الأمور التي يجب إعادة النظر بها. فالقمة التي تجمع زعماء من العالم، تختلط بينهم المصالح السياسية والإقتصادية. في حين يجب الإلتفات الى أن أصل إنشاء هذا المُنتدى عام 1999 يعود لأسباب تجارية بإمتياز، لا سيما الأزمات المالية في التسعينات. لكن لا شك أنه سيكون فرصة لإلتقاء زعماء سياسيين من مختلف أقطار العالم، مما قد يمكِّنَهم من الحديث والتشاور في مختلف المجالات. لكن قراءة ما هو مُتوقَّع من هذا المؤتمر فيما يخص مصلحة الشعوب، أمرٌ يحتاج للكلام بموضوعية، الى جانب تحليل المسائل بطريقةٍ عميقة. فماذا في انعقاد قمة العشرين هذا العام؟ وكيف يمكن تحليل دلالاتها؟

ينعقد مؤتمر قمة العشرين في أنطاليا التركية هذا العام. وهو الملتقى الذي يجمع الدول التي تمثل ثلثي التجارة في العالم وأكثر من 90 بالمئة من الناتج العالمي الخام. وقد انطلقت أعماله أمس، وستستمر ليومين. في حين نقلت وسائل الإعلام أن محادثاته ستتركز الى جانب القضايا الإقتصادية، على قضايا الإرهاب واللاجئين والمناخ. وكان قد بدأ الزعماء قمتهم بالوقوف دقيقة صمت حداداً على أرواح ضحايا هجمات باريس التي خلفت نحو 130 قتيلاً وأكثر من 300 جريح.

وهنا نقول أن المؤتمر يمثل مناسبةً للقاء زعماء سياسيين من العالم أجمع، في حين يجب الوقوف عند بعض المسائل التي سنشير لها، في محاولةٍ لإيضاح أن نتائج المؤتمر، من غير المتوقع أن ترتق لمستوى الوعود أو المحادثات التي خرج زعماء العالم للحديث عنها. وهنا نُشير للتالي:

– إن الأزمات الإقليمية أو الدولية التي يمر بها العالم اليوم، لم تعد أزمات يمكن التحكم بها بمجرد التوافق بين أطراف تجمعهم مصلحةٌ سياسية أو إقتصادية معينة. وهنا ومن باب المسؤولية، نُشير للعديد من الأدلة، فيما يخص موضوعات القمة، لا سيما الأزمات الإقتصادية أو ملف الإرهاب ومسألة السلام العالمي.

– بالنسبة للأزمات الإقتصادية، فإن الحديث عن وجود إمكانيةٍ لتفاهمٍ أو إتفاقٍ يمكن أن يجمع الدول الحاضرة في المؤتمر حول نتيجةٍ واحدة، فهو من الأمور شبه المستحيلة إن لم نقل مستحيلة. فمنذ وقتٍ قصير كان الإتحاد الأوروبي وبناءاً للطلب الأمريكي، يضغط إقتصادياً على روسيا في محاولةٍ لإخضاعها سياسياً. وبالتالي فإن المصالح الإقتصادية تختلف بين الأطراف المجتمعة وتتداخل مع المصالح السياسية. ليكون من الصعب الوصول الى حالةٍ مشتركة.

– أما بالنسبة لملف الإرهاب ومكافحته، فإن الدول المجتمعة وإن اتفقت على تسمية مكافحة الإرهاب بشكل عام، فإن الغوص في تفاصيل قتال الإرهاب، يُثبت مدى اختلاف الأطراف فيما بينها. فأمريكا التي فشلت مؤخراً في تحالفها لقتال داعش، تختلف مع روسيا التي أثبتت قدرةً على تنفيذ وعودها بشكلٍ أكبر حتى اليوم. فيما يجب الإشارة الى أن أطرافاً تمثل أساس الإرهاب في العالم، تجتمع لتتحدث عن محاربته. فأمريكا وفرنسا وبريطانيا الى جانب السعودية وتركيا، هي مثالٌ على الدول المتواجدة في القمة، والتي كانت منذ أشهر تتحدث عن دعم ما يُسمى بالمعارضة المسلحة في سوريا من أجل إسقاط النظام، أو الجماعات الإرهابية في العراق. لنقول أن وصول الإرهاب الى البيت الداخلي لهذه الدول، لا يُسقط المسؤولية عنها. وإن كنا نُحيِّد شعوبهم التي ستتحمل عواقب سياساتهم، وهو ما بدأ في باريس منذ أيام.

– وفيما يخص مسألة السلام العالمي وهو ما يرتبط مباشرةً بملف الإرهاب، فإن تاريخ العديد من الدول المجتمعة، يجعلها مثالاً صارخاً لمجرمي الحرب. فواشنطن ومنذ أيام أبرمت إتفاقاً لدعم الكيان الإسرائيلي عسكرياً، من خلال بيعه أكثر الأسلحة تطوراً من أجل حماية أمنه. كما أن فرنسا إشتهرت في الأشهر الماضية بتجارة السلاح لا سيما مع السعودية، والتي باعتها العديد من الطائرات لمساعدتها في حربها على اليمن. واللائحة تطول في هذا المجال.

– وبعيداً عن وعود المؤتمر الإقتصادية أو السياسية، نُشير الى أن عدم وجود ممثلين عن الدول التي تتميز بأزماتها كالعراق وسوريا واليمن، لسبب أنها لا تنتم لدول القمة، مما يجعل المراهنة على نتائج إيجابية من هذا المؤتمر أمراً شبه معدوم. لأن الزمن اليوم يميل لأن تُقرر الشعوب مصيرها لا الزعماء الذين يقامرون مجتمعين تحت عناوين براقة.

من خلال النظر الى الصراعات المحتدمة في العالم، والتي يمكن تلخيصها بشكلٍ أساسي اليوم بالأزمة السورية والعراقية واليمنية، الى جانب الأزمة التاريخية لدولة فلسطين، نجد أن دولاً مشاركة في هذه القمة، تتحمل مسؤوليةً مباشرة في نشوء هذه الصراعات، لا سيما أمريكا وبريطانيا وفرنسا، الى جانب السعودية وتركيا. وبعيداً عن التابع والمتبوع بينهم، فإنهم وإن خرجوا كغيرهم من الزعماء للحديث عن ملفات الإرهاب أو السلام العالمي، فإن ذلك ليس إلا جزءاً من السياسة المُعتمدة للتدخل في شؤون الدول والإستثمار بها سياسياً وإقتصادياً. فيما ينعدم الأمل من قمةٍ كمؤتمر العشرين، تجمع أضداداً لا يمكن أن يتفقوا، في زمنٍ أصبحت أزماته أكبر منهم جميعاً.
المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق