تغيير الاستراتيجية العسكرية اليابانية .. الاسباب والاهداف (الجزء الثاني)
لقد اوضح شينزو آبي استراتيجيات حزبه لزيادة ودعم الدور الياباني في المنطقة بعد ان فاز للمرة الثالثة برئاسة الحزب الليبرالي الديمقراطي الحاكم وقال انه سيسن هذا القانون الجديد وسيبذل جهده لتعديل الدستور من اجل ذلك لكن قيام ممثلي 3 احزاب اخرى في مجلس الشيوخ بالموافقة على القانون الجديد جعل القانون ساريا دون الحاجة الى تعديل الدستور فما هي دوافع شينزو آبي من تمرير هذا القانون؟
الف- تلبية الحاجات الداخلية
يقول البعض ان دوافع آبي هي تلبية الحاجات الداخلية لأن اليابان اصبحت تتخذ سياسات مستقلة عن الامريكيين ولم تعد مطيعة فقط لاوامر الامريكيين كما كان يحدث في السابق، ويضيف هؤلاء ان القانون الجديد لايعني البحث عن الحروب بل تعزيز قدرات اليابان امام دول مثل الصين وكوريا الشمالية كما ان باستطاعة اليابان ان تنتج الاسلحة وتصدرها لان الجيوش ليست فقط للدفاع، ويعتقد هؤلاء ايضا ان اليابان ستتحول الى قوة عظمى اذا مزجت القوة العسكرية مع “دبلوماسية الدولار”.
وهناك بعض من النخب اليابانية التي تعتقد ايضا بضرورة احياء دور اليابان الدولي بعد انتهاء الحرب الباردة وتغيير النظام الدولي.
ب- اداء دور اقليمي
يقول بعض المحللين ان تغيير الاستراتيجية اليابانية يهدف الى قيام طوكيو باداء دور اقليمي لأن خطوات شينزو آبي جاءت بعد تلقي الضوء الاخضر من الجهات الخارجية، ويضيف هؤلاء ان تنافس امريكا مع روسيا والصين دفع ادارة اوباما الى نقل الصراع الى المحيط الهادئ بدلا من المحيط الاطلسي ولذلك يمكن القول ان شينزو آبي ليس مستقلا وانه يتحرك ضمن السياسات الامريكية في القرن 21.
وتسعى امريكا الى ايجاد تحالفات اقليمية وتشكيل قوات دفاعية اقليمية في شرق آسيا لمواجهة الصين لاجبارها في الدخول في سباق تسلح يؤدي الى انهيارها اقتصاديا.
أثر تغيير الاستراتيجية العسكرية اليابانية على المنطقة وخارجها
ان استدارة الامريكيين نحو شرق آسيا وضعت دول شرق آسيا على مفترق طريق فاما تكون هذه الدول مع امريكا وضد الصين واما تكون مع الصين وضد امريكا وذلك في وقت يعترف الامريكيون علنا بأن سياستهم لاحتواء الصين قد فشلت وبالتالي يجب عليهم ان يركزوا بعد الان على موازنة القوى مع الصين بدلا عن السعي لاحتوائها.
ومن جهة اخرى يريد الامريكيون تجنب الدخول في الصراعات الخارجية بشكل مباشر بل دفع حلفائهم نحو التورط في هذه الصراعات لأن الامريكيين لم يعودوا يملكون القدرة على شن الحروب لوحدهم ولذلك يمكن وضع تغيير الاستراتيجية العسكرية اليابانية في هذه الخانة.
ان السياسات الامريكية في ايجاد احلاف جديدة في شرق آسيا لمواجهة الصين وروسيا سوف تدخل هذه المنطقة في حرب باردة جديدة ولذلك نرى معارضة هذه الدول للخطوة اليابانية الجديدة لكن الساسة اليابانيون لذين ادركوا حقيقة التغييرات الكبيرة التي ستشهدها منطقة شرق آسيا وهم يريدون الان الاستفادة من الاستدارة الامريكية نحو الشرق بافضل شكل ممكن ويسعون لبناء جيش قوي يشارك في مهام في الخارج.
ويعتقد الخبراء انه اذا اتجه العالم نحو حرب باردة جديدة فإن محور هذه الحرب لن تكون الصين بل سيبقى المحور “روسيا” لأن الصين غير راغبة على الاطلاق في الدخول في مواجهة عسكرية مع امريكا لكن اليابان اصبحت الان في مواجهة مع قوتين كبيرتين هما الصين وروسيا فاليابان لديها خلافات حدودية مع روسيا حول جزر كوريل.
ان اكبر حدث يشهده العالم الآن هو تغيير الاستراتيجية العسكرية الامريكية وتركيز واشنطن على المحيط الهادئ بدلا عن المحيط الاطلسي ولذلك يمكن القول ان اليابان تقوم الان بمراجعة حساباتها واتخاذ تدابير لمواجهة الحالة العصيبة التي ستنجم عن المواجهة في المحيط الهادئ لكن ستبقى اليابان تعول على القوات الامريكية الموجودة داخل اراضيها لحماية نفسها لأن الشعب الياباني يعتبر شعبا كهلا في مجمل الاحوال.
ان قيام امريكا بوضع استراتيجية هجومية في مواجهة التنين الصيني في شرق آسيا هو الذي ادخل هذه المنطقة في اوضاع صعبة، ورغم اثبات فشل امريكا في احتواء الصين لكن يبدو ان اصرار الامريكيين على فرض هيمنتهم في كافة المناطق هو السبب الرئيسي لسياسة الاحلاف التي تدفع ثمنها دول مثل اليابان التي لم يتخلص ساستها من التبعية للامريكيين.
المصدر / الوقت