متحف الخزف الإسلامي.. تراث ينبض بالتاريخ
جاءت فكرة إنشاء متحف للخزف الإسلامي في مصر، كمحاولة للحفاظ على تاريخ هذا الفن، وعرض مجموعة من القطع الخزفية المصنوعة على الطراز الإسلامي، حيث تمّ إنشاء المتحف في مركز الجزيرة للفنون بمنطقة الزمالك، ويحتل الطابق الأرضي والأول من قصر الأمير عمرو إبراهيم، أحد أحفاد الخديوي إسماعيل، والذي شيّده عام 1923، وجمع بين العديد من الطرز المعمارية، مثل الطراز التركي والأندلسي والطراز الكلاسيكي الأوروبي، فضلاً عن بعض العناصر المستوحاة من الطراز المغربي.
في مدخل المتحف يوجد سلم يؤدي إلى الطابق العلوي للمتحف، وبهو ضخم على شكل مستطيل يعرض قطعاً خزفية سورية، تفتح عليه أبواب قاعات المتحف، تتوسطه نافورة من الرخام تأخذ شكلاً هندسياً زُخرف بزخارف هندسية مختلفة، أما الجدران، فتأخذ أشكالاً مستطيلة متعاقبة، تعلوها أشكال من الزخارف المعشقة بالجص المصبوب، وهناك قبة ضخمة تعلو سقف البهو شيّدت على الطراز المملوكي، يحيط بجدرانها دائرياً 16 شباكاً من الزجاج الملون، بالإضافة إلى 4 مشكاوات من النحاس توجد في جوانب البهو الأربعة.
ويضمّ متحف الخزف مجموعة من القاعات الضخمة، التي تتوسّطها قاعة رئيسية تحتوي على نافورة من الرخام الملون، تعلوها قبة رئيسية تتسم بالفخامة، زخرفت بأشكال مختلفة من الرسومات النادرة ذات ألوان متعدّدة، يحيط بجدرانها مجموعة من النوافذ الكبرى المغطاة بزجاج ملون معشق بالجص، ويُعدّ هذا التصميم من أبرز معالم العمارة الإسلامية، ويحلى سقف القاعة وجدرانها بالزخارف والمقرنصات الجصية المزودة بالعناصر النباتية والهندسية، بالإضافة إلى الكتابات المحاطة ببعض الرسومات التي تظهر في تشكيلات متداخلة ومتراكبة.
وتُعدّ قاعة الخزف الفاطمي من أهم قاعات المتحف، التي توجد على الجانب الأيمن من باب المدخل، وتأخذ شكل المستطيل ومدخلها على شكل صينية نصف دائرية، زخرفت جميع شبابيك وأبواب القاعة بزخارف إسلامية ذات أشكال هندسية مختلفة، وخصّصت هذه القاعة لعرض القطع الخزفية التي تعود للعصر الفاطمي، زخرفت جدرانها حتى المنتصف ببلاطات على الطراز التركي ذات ألوان متعدّدة، مثل الأبيض والأزرق والأحمر الطوبي، وتوجد في وسط كل منها رسومات هندسية تختلف عن الأخرى، تحيط بها زهور صغيرة متعدّدة الألوان.
وتضمّ جدران قاعة الخزف الفاطمي بدءاً من نهاية البلاطات التركي وحتى السقف، زخارف نباتية متداخلة تُسمّى “أرابيسك”، تنتهي بشريط كتابي بداخله آية قرآنية، وهناك زخارف دائرية تتوسّط السقف تُسمّى “الطبق النجمي”، وهي زخارف منسوبة للعصر الإسلامي، يتخللها اسم صاحب القصر عمرو إبراهيم، وتحتوي القاعة في المنتصف على منضدة مصنوعة من الرخام، كانت مخصّصة لتناول الطعام يتوسّطها مجرى للمياه، وبها بعض المقتنيات الفاطمية الرائعة التي يبلغ عددها 19 قطعة فنية، عدا طبق يعود إلى العصر العباسي في القرن التاسع الميلادي.
كما تضمّ القاعة على جانبيها منضدتين مصنوعتين من الرخام، عرض عليهما بعض مقتنيات المتحف من القطع الخزفية، ويوجد مثلهما بالجهة المقابلة يحملان معروضات أخرى، ويصل إجمالي القطع الخزفية في قاعة العرض الفاطمي إلى 74 قطعة فنية، تتنوّع ما بين أختام وقدور وأطباق وقوارير، يختلف قوامها بين زخارف نباتية وحيوانية وآدمية وهندسية.
وتوجد قاعة أخرى لعرض مقتنيات العصر التركي على الجانب الأيسر من باب المتحف، بها شباك كبير الحجم في مواجهة باب القاعة من الداخل، وشباك آخر على يسار الداخل من القاعة مصنوع من خشب الأرابيسك، وزخرفت جدران هذه القاعة ببلاطات متعدّدة الألوان، تتخللها زخارف نباتية من الجص المصنوع، ويوجد أعلى الجدران وأسفلها شريطان كتابيان زخرفا بزخارف متعدّدة، كما توجد على يمين باب القاعة مدفأة ذات شكل مخروطي تتكوّن من بلاطات خزفية على الطراز التركي، وشكل مربعات يتخلل كل منها لفظ الجلالة واسم الرسول محمد (صلى الله عليه وسلم) وزخرفت بزخارف هندسية متداخلة.
وتضمّ القاعة 12 فاترينة ذات أحجام مختلفة، فضلاً عن فاترينة أخرى ضخمة توجد في منتصف القاعة، كما تضمّ 96 قطعة فنية أثرية تعود إلى العصر التركي أو العثماني من القرن السادس عشر وحتى القرن الثامن عشر الميلادي، وتتنوّع هذه المقتنيات في أشكالها ما بين أباريق وسلاطين وأكواب وفناجين وأطباق، بالإضافة إلى بعض القدور والقماقم وثقل المشكاة والبلاطات الخزفية، يختلف قوام زخارفها ما بين زخارف نباتية ذات أشكال متعدّدة وزخارف حيوانية.
وتقع قاعة الطراز المصري المملوكي بجوار قاعة الطراز التركي، وتحتوي على بعض القطع الأثرية التي صُنعت في مصر باختلاف الدول الإسلامية التي حكمتها سواء في العصر المملوكي والعثماني أو الأموي والأيوبي، زخرف سقف القاعة بوحدات متكررة من زخارف الطبق النجمي تتوسّطها زخارف نباتية وهندسية، ويوجد أعلى وأسفل جدران هذه القاعة صف من البلاطات التركي باللون الأزرق الفاتح، مزخرفة بزخارف نباتية ذات اتجاهات متبادلة للأسفل والأعلى.
وتحتوي القاعة على 6 فتارين ضخمة، لعرض 39 قطعة فنية من العصور المصرية المختلفة، تتنوّع ما بين بلاطات ومشكاوات وأطباق وشمعدانات، وتختلف زخارف هذه القطع ما بين كتابية وهندسية أو حيوانية ونباتية، كما تحتوي على بهو به 8 فتارين صغيرة بها العديد من القطع الأثرية، التي تعود إلى العصور التركية والمملوكية، وهي عبارة عن أباريق وزهريات سلطانية بهما زخارف نباتية وهندسية مختلفة الأشكال.
وفي الطابق العلوي بمتحف الخزف الإسلامي توجد قاعة “الأمير”، وتتكوّن من حجرتين إحداهما خارجية والأخرى وسطى، وتأخذ الأولى شكل المربع ويوجد بأحد أضلاعها دولاب من الخشب المطعم بالصدف، وفي الجهة اليسرى من الحجرة توجد نافورة صغيرة من الرخام المزخرف، وتعرض الغرفة خمس قطع أثرية، منهم قطعة أثرية من المغرب ترجع للقرن الثامن عشر الميلادي، والباقي من صناعة مدينة الرقة بسوريا تعود للقرن الثاني عشر الميلادي.
بينما الحجرة الثانية والتي تأخذ شكلاً هندسياً مربعاً مزودة بعدة فتحات خارجية للإضاءة، تعلوها زخارف على شكل قرص الشمس منسوبة إلى الفن الأوروبي، وتوجد في الناحية الشمالية من الغرفة “كنبة” من الخشب مزخرفة بزخارف بارزة مذهبة، يجاورها صندوق من الخشب أيضاً خصّص لحفظ المجوهرات، وسقف هذه الحجرة هو من الألواح الخشبية المذهبة التي كانت منتشرة في الفترة العثمانية.
وتوجد أيضاً قاعة العصر الإيراني، التي بها زخارف متعدّدة، وكنبة من الخشب الأرز تعود إلى القرن الخامس عشر، وأيضاً صندوق مطعم بالصدف، كما يوجد باب خشبي على شكل عقد نصف دائري به زخارف إسلامية معشقة بالجص، يجاور هذه القاعة قطعتان فنيتان من الطراز الأندلسي و2 سلطانية من الطراز العراقي، بالإضافة إلى بعض القطع الفنية الإيرانية، التي تتنوّع ما بين أباريق وقدور وأطباق ذات بريق معدني، وخزفيات أخرى من مدينة سلطان أباد، ذات زخارف حيوانية وكتابات فارسية وزخارف نباتية.
طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق