لماذا يسعى الكيان الإسرائيلي لضم الجولان رسمياً إلى الأراضي المحتلة؟!
الجولان هضبة تقع في بلاد الشام بين نهر اليرموك من الجنوب وجبل الشيخ من الشمال، وهي تابعة إدارياً لمحافظة القنيطرة السورية. لأنها تقع بكاملها ضمن حدود هذا البلد، ولكن في حرب 1967 إحتل الكيان الإسرائيلي ثلثين من مساحتها، ولازال يسيطر على هذا الجزء من الهضبة التي تسمى أيضاً بإسم الهضبة السورية.
وكانت الأمم المتحدة قد أرسلت في آيار/ مايو 1974 قوات خاصة عرفت فيما بعد بإسم “القبعات الزرق” لمراقبة الهدنة بين سوريا والكيان الإسرائيلي في الجولان. ومنذ تلك الفترة تسعى تل أبيب لضم هذه المنطقة إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وفي عام 1982 أعلنت سلطات الإحتلال ضم الجولان إلى الأراضي المحتلة، لكن هذا الإجراء قوبل برفض شديد من قبل المجتمع الدولي. وتشير جميع وثائق الأمم المتحدة إلى الجولان بإسم “الجولان السوري المحتل” كما تشير إليه بهذا الإسم وسائل الإعلام العربية و معظم المنظمات الدولية.
وبعد إندلاع الأزمة السورية عام 2011 حظيت الجولان بإهتمام أكبر من السابق من قبل الباحثين والمتابعين لشؤون الشرق الأوسط. وسعى الكيان الإسرائيلي لمنع أي تهديد أمني قد يتعرض له في هذه المنطقة. وزاد من محاولاته لضمها رسمياً إلى الأراضي المحتلة لتحقيق عدّة أهداف يمكن الإشارة إلى بعضها فيما يلي:
1- منع تشكل جبهة جديدة للمقاومة في هذه المنطقة خصوصاً بعد مشاركة قوات حزب الله لبنان إلى جانب القوات السورية في محاربة الجماعات الإرهابية المدعومة من قبل الكيان الإسرائيلي و أمريكا وحلفائهما الغربيين والإقليميين لاسيما تركيا وقطر والسعودية.
2 – يطمع الكيان الإسرائيلي بالسيطرة رسمياً على هضبة الجولان لما تتمتع به من موقع استراتيجي. فبمجرد الوقوف على سفح الهضبة، يستطيع الناظر تغطية الشمال الشرقي من فلسطين المحتلة، بالعين المجردة بفضل ارتفاعها النسبي. وكذلك الأمر بالنسبة لسورية، فالمرتفعات تكشف الأراضي السورية أيضاً حتى أطراف العاصمة دمشق. ولهذا أقام جيش الإحتلال الإسرائيلي محطات إنذار عسكرية في المواقع الأكثر ارتفاعاً في شمالي الهضبة لمراقبة تحركات الجيش السوري.
3 – حاولت تل أبيب تشكيل نواة لمنطقة عسكرية عازلة تمتد إلى سفوح جبل الشيخ حرمون بين الجولان ومنطقة شبعا في جنوب شرقي لبنان لتحقيق أهداف ميدانية بينها الإستفادة من عامل المباغتة في أي حرب مقبلة ضد سوريا أو فـي منطقـة الجنوب اللبناني.
4 – ذكرت التقارير التي نشرتها مؤخراً الصحف الإسرائيلية إلى اكتشاف حقول نفطية جديدة في الجولان تحتوي على احتياطي كبير من الخام، وأشارت شركة (آفك للنفط والغاز) الأمريكية إلى أن هذا الاحتياطي يقدر بمليارات البراميل النفطية.
وقد أكدت سوريا أكثر من مرة في رسائل بعثتها إلى الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي أن قيام سلطات الإحتلال بالترخيص لشركة أمريكية للتنقيب عن النفط في الجولان يهدف إلى تكريس حالة الإحتلال، وهو يشكل انتهاكاً صارخاً لقرار مجلس الأمن المرقم 497. وتحظر اتفاقيات لاهاي الدولية على سلطات الإحتلال استغلال الموارد الطبيعية في الجولان ، ومنها التنقيب عن النفط أو الغاز.
5 – تؤمن هضبة الجولان أكثر من 30 بالمئة من حاجة الكيان الإسرائيلي السنوية من المياه وقد زاد هذا الكيان من نشاطه الاستيطاني في الجولان في السنوات الأخيرة، وهناك الآن أكثر من 30 مستوطنة في هذه الهضبة.
وفي الفترة الأخيرة وتحديداً بعد إبرام الإتفاق النووي بين إيران والمجموعة السداسية الدولية كثر الحديث عن سعي الكيان الإسرائيلي للتنسيق مع الإدارة الأمريكية لضم الجولان رسمياً إلى الأراضي المحتلة.
وقد نبّهت سوريا المجتمع الدولي إلى خطورة هذا الإجراء على الأمن والسلام في المنطقة والعالم، وشددت على أنها تحتفظ لنفسها بحق إتخاذ الإجراءات المناسبة لمواجهة هذا الخرق الفاضح لميثاق الأمم المتحدة وقراراتها بما في ذلك القرار (338). وتدعو القيادة السورية باستمرار مجلس الأمن الدولي لمناقشة هذا الوضع الخطير وفرض العقوبات على الكيان الإسرائيلي في حال قرر ضم الجولان إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة، محذرة في الوقت نفسه من استمرار النزعة التوسعية الإسرائيلية التي قد تدفع المنطقة مجدداً إلى حافة الحرب.
اخيراً يجب القول أن سوريا ومعها محور المقاومة لايمكنهما بأي حال من الأحوال نسيان أو غض الطرف عن الجولان وسيواصلان جهودهما لتحرير هذه الهضبة المحتلة عاجلاً أو آجلاً ولن تنفع الكيان الإسرائيلي محاولاته مهما فعل ومهما تواطأت معه أمريكا والدول الغربية الحليفة لها والأنظمة الرجعية السائرة في فلكها في المنطقة.
المصدر / الوقت