التحديث الاخير بتاريخ|الأحد, نوفمبر 17, 2024

أي مصير ينتظر السيسي؛ الإفلاس والإنهيار أم إجتياز الامواج وبلوغ شاطئ الأمان 

لم تكد مصر، وشعبها، تتوقف عن النضال منذ بدء تاريخها الحديث والذي يذكر علی أنه بدأ منذ تولي محمد علي باشا مقالید الامور في البلاد عام 1805 حتی يومنا هذا. فطيلة هذه الفترة ظل الشعب المصري، تارة يكافح الإحتلال الفرنسي والبريطاني، وتارة اخرى يواجه العدوان الثلاثي، حتی امتد هذا الكفاح منذ ذلك الوقت الی يومنا هذا، والذي يتمثل بكفاح المصريين ضد الكيان الإسرائيلي والتدخلات الامريكية في شؤون بلادهم الداخلية. وإذا ما اردنا بدء الحديث عن التطورات الاخيرة التي شهدتها الساحة المصرية بعد ثورة الـ25 من يناير 2011، فان هذه الفترة حافلة ايضا بالاحداث، حيث شهدنا خلال هذه الفترة، حدوث شرخ كبير في المجتمع المصري وبين قواه السياسية، ظلت كل جهة منها تفسر أهداف ثورة الـ25 من يناير وفق رؤيتها الخاصة، واستمرت هذه الخلافات حتی تسلّم عبدالفتاح السيسي مؤخرا زمام الأمور في البلاد، دون أن نعرف بالتحديد الی أي اتجاه، ستتجه مصر، خلال المرحلة القادمة من حكم السيسي. حيث أن هنالك فئةً من المجتمع المصري تعتقد أن السيسي ياخذ بيد البلاد نحو بر الأمان، بينما فئة اخرى تؤمن بعكس ذلك، وأنها تصر علی اسقاط النظام الحالي. إذن في ظل هذه الاختلافات في الرؤی، كيف سيكون مستقبل مصر ونظام عبدالفتاح السيسي؟

ومن المؤسف ان مصر علی ما يبدو فقدت مرة اخری استقلالیتها الی حد كبير، بعد ثورة الـ25 من يناير، حينما لم تتمكن البلاد من الإعتماد علی نفسها ذاتيا، وسمحت لقوی اقليمية ودولية تاتي في مقدمتها السعودية وأمريكا، بالتدخل في شتی امور البلاد. الزعماء المصريون يقولون إنه لا أموال لديهم لحل الأزمات الإقتصادية، ولذلك، لابد وأن يعتمدوا علی الدعم الخارجي الذي تقدمه واشنطن والرياض، لكن هذا الدعم الذي بات يتلقاه نظام السيسي، بدأ يكلّف البلاد ثمنا باهضا. حيث أن الدعم الامريكي والسعودي، بدد دور مصر الإقليمي وأبعدها عن دورها الريادي في المنطقة، وأصبحت مصر دولة مقودة بعد ان كانت رائدة في قيادة العالم العربي. ولهذا فان الإنزعاج أصبح يساور الكثير من المصريين، بسبب إعتماد السيسي علی هذا الدعم الاجنبي.

الخلافات السياسية واقصاء جماعة الإخوان المسلمين من المجتمع المصري من قبل السيسي، تعتبر أحد التحديات الاخری التي تهدد مستقبل حكومة السيسي. فلا شك أن جماعة الاخوان إرتكبت أخطاء استراتيجية فادحة، أضرت كثيرا بمستقبل وحاضر مصر، وهي الی حد كبير مسؤولة عما تعانيه مصر حالیا من أزمات ومشاكل اقتصادية وسياسية كارثية. وكما هي الحال بالنسبة لعبد الفتاح السيسي حاليا، فان جماعة الاخوان أيضا عندما إعتلت عرش السلطة في مصر، وقعت في فخ النظام السعودي، وسارت رياحها وفق ما تشتهي سفن السعودية، حتی رأت نفسها في مستنقع لايمكن الخروج منه بتاتا. لكن رغم جميع هذه الاخطاء التي ارتكبتها جماعة الإخوان، فلازالت الجماعة تحظی بشيء من التأييد الشعبي داخل المجتمع المصري، ولهذا فلا يمكن أن تستقر الاوضاع بالنسبة لنظام السيسي، دون التوصل الی حلول وسطية مع هذه الجماعة. وإذا ما استمرت الخلافات الحالیة بين السيسي والاخوان علی ما هي علیه، فانه من غير الوارد أن يتمكن السيسي من إجتياز العقبات السياسية التي تعاني منها البلاد حاليا.

وهنالك مشكلة اخری يواجهها السيسي تتمثل باعتماده علی السلفيين في تحالفاته السياسية. ومن الواضح جدا ان السلفيين من الممكن أن ينكثوا عهودهم ويقلبوا طاولة التحالف السياسي رأسا علی عقب، في ساحة حلبة الصراعات السياسية ضد السيسي. وفي السابق رأينا كيف انقلب السلفيون علی من تحالفوا معهم، ونعني جماعة الاخوان. لذا فان إعتماد السيسي الیوم علی السلفيين، يمكن أن يكون رهانا خاسرا، خاصة أن السلفيين معروفون بولائهم تجاه السعودية ويمكن أن يغيروا مواقفهم تجاه السيسي في ليلة وضحاها إذا ما طلبت منهم ذلك الرياض.

وبالاضافة الی هذه التحديات التي يواجهها السيسي، فان هنالك تحدي الارهاب، وهو بمثابة أحد أكثر التحديات خطورة بالنسبة له. وقبل أسابيع رأينا كيف فجّر تنظيم داعش الإرهابي الطائرة الروسية وهي تحمل مئات السياح الروس في أجواء سيناء. هذه الإنتكاسة الأمنية تعتبر خرقا خطيرا في منظومة الامن المصري التي يقودها عبدالفتاح السيسي، وستؤثر سلبا علی مستقبل السياحة المصرية، مما يعني ذلك، انخفاض عائدات السياحة بشكل كبير بالنسبة لحكومة السيسي.

كما لايمكن أن ننسی أزمة المياه التي صارت مصر تعاني منها بسبب بناء سد النهضة من قبل إثيوبيا علی نهر النيل. هذا السد سيهدد الأمن المائي المصري وسيخفض حصة مصر من المياه بسبب انخفاض تدفق مياه النيل من مبدأ روافده ومصباته المائية. وفي سياق غير بعيد علینا أن لاننسی كذلك الازمة السياسية الإقليمية التي تعاني منها مصر بسبب توتر علاقاتها مع تركيا وقطر نتيجة دعمهما للإخوان.

إذن في النهاية ونظرا لهذه التحديات التي أشرنا الیها آنفا، يمكن القول إن السيسي لازال حتی هذه المرحلة غير متأكد من أن نظامه سيكتب له الاستمرار في الحياة أم أنه مقبل علی الإنهيار والإفلاس، وكل شیء في هذا السياق سيعتمد علی تطورات الأحداث مستقبلا.
المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق