لبنان بلد لا يستوعب الصراعات الطائفية والسياسية.. الحوار هو الحل
لا شك أن الجماعات الإرهابية لا تريد أن يسود الأمن والاستقرار في لبنان وتبذل هذه الجماعات مساعٍ حثيثة الی أن تظل هذه الدولة دائما غارقة في مشاكلها وأزماتها السياسية والإقتصادية. العزف علی وتر الخلافات الطائفية، يعتبر إحدى الاوراق الرابحة بالنسبة للجماعات المتطرفة في لبنان، وذلك بسبب ان النسيج اللبناني يتشكل من العديد من الطوائف، ولا تختصر مذاهبه فقط علی المذهبين الشيعي والسني. وبما أن الحرب الإرهابية علی سوريا لا زالت مشتعلة نيرانها وتؤثر سلبيا علی المناطق الحدودية مع لبنان، فان استمرار الخلافات السياسية بين الكتل والاحزاب اللبنانية، يعتبر بمثابة صب الزيت علی النار. ويؤدي الی أن تستمر الجماعات المتطرفة في سفك دماء اللبنانيين، علی غرار ما حصل في الضاحية الجنوبية في بيروت. وعلی ما يبدو فان الاحزاب اللبنانية أضحت تلمس خطورة مقاطعة بعضها البعض، ولهذا أصبحنا نری خطوات جريئة من قبل هذه الاحزاب، للتوصل الی حلول وسطية. إذن ما هي أهم المحطات الحوارية التي مرت بها الساحة اللبنانية خلال الايام الماضية؟
استمرار بقاء الأزمة السياسية بين الاقطاب اللبنانية، بات ينعكس بشكل سلبي علی جميع زوايا حياة المواطن اللبناني، ويمكن رؤية الآثار السيئة المترتبة علی هذه الخلافات، بدءً من أزمة النفايات التي تتكدس في شوارع بيروت، مرورا بالفتك بالمواطنين وعبر تفجير الاحزمة الناسفة من قبل الإرهابيين، وصولا الی تعطيل المؤسسات القانونية والتنفيذية، وذلك بسبب عدم التوافق علی إنتخاب رئيس جديد للبلاد، بعد انتهاء ولاية الرئيس السابق منذ أكثر من عام ونصف العام. الانقطاع الدائم للكهرباء يؤدي الی الكثير من المشاكل بالنسبة للمواطنين اللبنانيين، وبالرغم من جميع هذه المشاكل، بات يتعين علی لبنان أن يستوعب ما يقارب المليوني لاجئ سوري، بسبب فرارهم من الحرب.
يعتقد الكثير من المتابعين للشأن اللبناني، أن الأزمات السياسية والأمنية والإقتصادية التي يعاني منها لبنان منذ زمن بعيد، يمكن التخلص منها بسهولة إذا ما توفرت الإرادة السياسية اللازمة لدی قيادات تحالف 8 آذار و14 آذار، لحل هذه الأزمات، وذلك بسبب أن لبنان بلد صغير لا يحتاج الی الكثير من البنية التحتیة والمشاريع العمرانية العملاقة، بل يمكن توفير فرص العمل للمواطنين دون معاناة كبيرة. بالطبع القضاء علی الإرهاب وحل المشاكل الإقتصادية والأمنية في لبنان، لا يروق لبعض الجهات التي تبحث عن استمرار الصراعات السياسية والمشاريع الفتنوية في هذا البلد، ويأتي الكيان الإسرائيلي في مقدمة هذه الاطراف والمنتفع الرئيسي من هذه الصراعات. إذن بات من الضروري جدا أن تجلس قيادات الاحزاب اللبنانية علی طاولة المفاوضات، لإنهاء خلافاتها ورسم خطة واضحة المعالم لخدمة المواطن البسيط.
وفي هذه الأثناء استقبل النائب سعد الحريري خلال اقامته في العاصمة الفرنسية باريس، رئيس اللقاء الديمقراطي وليد جنبلاط، حيث كتبت جريدة المستقبل اللبنانية حول هذا اللقاء أن الطرفين اتفقا «خلال هذا اللقاء على ضرورة بذل كل الجهود الممكنة لإيجاد تسوية وطنية جامعة تحفظ ميثاقنا الوطني وتكرس مرجعية اتفاق الطائف وتعالج بدايةً ازمة الشغور الرئاسي وتضع حدا لتداعي مؤسساتنا الوطنية وتطلق عمل المؤسسات الدستورية وتفعّل عمل الحكومة والمجلس النيابي وتؤمن المظلة السياسية والأمنية لحماية لبنان والنهوض باقتصاده الوطني من أوضاعه الحالیة وتوجد حلولا للازمات الاجتماعية المتراكمة» حسب ما جاء في هذه الصحيفة.
الی ذلك رحب رئيس الوزراء اللبناني تمام سلام، باي «حوار تفاهمي ثنائي او اجتماعي بين القوی اللبنانية(..) اذا كان يصب في مصلحة البلاد وخيرها»، وفق ما نقلت عنه جريدة النهار اللبنانية. وفي سياق غير بعيد، جری الحديث الاسبوع الماضي عن لقاء ثنائي مشترك جمع كلاً من سعد الحريري ورئيس تيار المردة اللبناني، النائب سليمان فرنجية، قيل إنه عقد في باريس. وبالرغم من عدم توفر الكثير من المعلومات حول هذا اللقاء، قيل إنه تم خلاله بحث قضية تحريك الإنتخابات الرئاسية في لبنان علی أن يكون من المحتمل ترشيح سليمان فرنجيه لهذا المنصب. وبالاضافة الی ذلك فانه من المقرر أن تعقد جلسة حوار اخری بين حزب الله وتيار المستقبل الیوم (الثلاثاء) في عين التينة. ولا شك أن حزب الله وحركة أمل وحلفائهم مثل التيار الحر بزعامة ميشال عون، يعتبرون أكثر المتحمسين لبدء الحوارات السياسية بين مختلف الاطراف اللبنانية.
إذن علی ما يبدو فاننا أصبحنا نشهد هذه الأيام مزيدا من المرونة من قبل التيارات اللبنانية للجلوس ثانية علی طاولة الحوار، ولا شك أن هذا التوجه الجديد سيحظی بدعم الشارع اللبناني، لمواجهة مشروع الفتنة والإرهاب الذي يهدد لبنان، وتحقيق مزيد من الرخاء والتنمية الإقتصادية في البلاد.
المصدر / الوقت