لماذا حمل بوتين معه “مصحفا” الى طهران؟
في بادرة مفاجئة و غير متوقعة تحمل الكثير من المعاني و الدلالات ذهب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الى لقاء قائد الثورة الاسلامية آية الله السيد علي الخامنئي مباشرة بعد وصوله الى العاصمة الايرانية طهران و أهدى لسماحته هدية كانت لها رسالة سياسية هامة لكل العالم، وهو مصحف شريف أدهش الكثيرين في داخل ايران.
وكان هذا المصحف الشريف نسخة قيمة من القرآن الكريم يرجع تاريخها الى عصر مروان آخر الخلفاء الامويين، و لا تعود أهمية هذه النسخة من المصحف الشريف الى كونها فريدة من نوعها و اهميتها التاريخية فقط بل يبدو ان حمل هذا الكتاب المقدس لدى المسلمين الى طهران له فحوى و معنى سياسي و دولي هام.
ان ايران وروسيا قد شكلتا جبهة قوية ضد الارهاب في سوريا و اضافت كل منهما قدراتها الى قدرات الآخر واستطاعتا اخذ زمام المبادرة في الحرب ضد الارهاب الذي يعتبر من اكبر الاخطار العالمية في وقت تشكل الطائفية المحرك الرئيسي للارهاب الحالي الذي تمارسه جماعات مثل داعش و القاعدة والتي تتبع نهجا فكريا اسمه “الوهابية”.
ان هذا النهج الفكري الذي ينبع من العربية السعودية و يتحالف تاريخيا مع آل سعود لايتحمل وجود الآخرين الى جانبه و يستخدم العنف و الاعمال اللاانسانية لحذف الآخرين لكن العداء الاكبر لهذا التيار ليس مع الامريكيين و الصهاينة بل مع المسلمين الشيعة فالمنظرين الكبار في جماعات مثل داعش و القاعدة يعلنون ان الشيعة هم اكبر اعدائهم وهم كفار يجب القضاء عليهم.
ونظرا الى تقارب سياسات هذا التيار الفكري الارهابي مع السياسات الغربية في المنطقة نرى بأن القادة الاوروبيين و الامريكيين ليس فقط لم يكافحوا هذا التيار بشكل جدي بل انهم عمدوا الى استخدام هذا التيار كأداة لتحقيق مآربهم وذلك بواسطة سعودية.
وفي هذا السياق كتب الضابط السابق في جهاز التجسس الخارجي البريطاني الستر كروك في مجلة هافينغتون بوست: “ان السعوديين والغرب اداروا المنطقة بشكل مشترك لمواجهة الاشتراكية و البعثية و الناصرية و النفوذ الايراني والسوفيتي و قد فضل الساسة الغربيون اغماض أعينهم عن الوهابية و النظر الى ما يريدونه فقط في داخل السعودية مثل الثروة و الحداثة و النفوذ” ويضيف هذا العميل المخابراتي البريطاني السابق “لماذا نستغرب اذا من قيام السعودي بندر بن سلطان بقيادة الاضطرابات في سوريا ضد بشار الاسد والتي ادت الى ظهور عنف اخواني جديد تحت اسم داعش؟”
وربما كان القليل من الاشخاص يعلمون قبل السنين الاخيرة الدور المحوري للغرب و السعودية في اشاعة و ترويج الوهابية من اجل مواجهة الثورة الاسلامية في ايران لكن بعد بدء الازمة في سوريا و خاصة في السنتين الاخيرتين اللتين شهدتا الجرائم الكثيرة لداعش لم يعد خافيا على احد التحالف العلني بين الغرب والوهابية.
ان آل سعود يقودون الهجمات الارهابية الخطيرة في وقت يزعمون بأنهم قادة العالم الاسلامي و يقولون بأن على جميع الدول الاسلامية ان تنضوي تحت العلم السعودي لكن ايران قد انهت ادعاءات السعوديين المتحالفين مع امريكا وهذا ما أغاظ السعوديين ودفعهم نحو صرف المليارات من الدولارات لقلب الحقائق واظهار انفسهم قادة للعالم الاسلامي واظهار الايرانيين كأعداء للاسلام، وفي هذا التوقيت بالذات جاء الرئيس الروسي الذي تشعر بلاده بخطر الارهاب و تحاربه الى طهران حاملا معه الكتاب المقدس للمسلمين ربما ليقول بأن روسيا تعتبر ايران قطب الاسلام الحقيقي.
المصدر / الوقت