التحديث الاخير بتاريخ|الأحد, أكتوبر 6, 2024

تنظيم داعش يحترق بثروته النفطية: من تخبطٍ عسكري الى حاجةٍ مالية 

يمكن القول أن تنظيم داعش الإرهابي بدأ يتجه في منعطفٍ إنحداريٍ على صعيد تطوره التنظيمي. وهو الأمر الذي يمكن تأكيده من خلال العديد من العوامل التي يجب قراءتها معاً. وهنا يمكن القول أن الحالة التي يعيشها التنظيم لجهة مأزقه المالي، تُعتبر أهم من وضعه العسكري المتقهقر. فإنعدام الموارد المالية، تعني نهاية أكبر جيشٍ ارهابي في العالم. فكيف إذا كان الأمر يتعلق بتنظيمٍ مثل داعش؟ ولذلك نجيب على السؤال التالي فيما يلي: كيف يقترب داعش من نهايته الحتمية؟

لا شك أن استهداف محطات و ناقلات النفط التي يعتمد عليها داعش، تعتبر تحولاً كبيراً في مسيرة التنظيم. فمسألة الإنتقال من قتاله عسكرياً، الى خطواتٍ متلازمة تتمثل بضرب موارده، هي من الأمور التي يجب الوقوف عندها و تحليلها بتأنٍ. و هنا نقول التالي:
– عاش التنظيم الإرهابي لسنوات على الدعم المعنوي الذي تلقاه من دول عربية و غربية، جعلت منه الحالة التنفيذية لسلةٍ من أهدافها و التي تمثلت بدايةً بتقسيم العراق و جعله تحت النفوذ الأمريكي، وثانياً بإسقاط النظام السوري. وهو ما استدعى دعمه عسكرياً من تلك البلدان المتعاطفة معه، لا سيما أمريكا و الغرب، الى جانب تركيا و السعودية و قطر. وهو الأمر الذي جعل بقعة تمدد التنظيم تزداد يوماً بعد يوم لا سيما في العراق. مما أهله في الماضي القريب للوصول الى الإكتفاء الذاتي، واستغنائه عن معونة الدولار الخليجي الذي كان يحظى بها من قبل السعودية و قطر. ليصبح لاعباً في السوق النفطية، لا سيما من خلال سيطرته على مناطق جغرافية غنية بالنفط. فبات يتعامل كجهةٍ مُصدرةٍ للنفط، تحظى بعلاقاتٍ مع دولٍ و شركات و تؤمّن مكسباً مادياً هائلاً، يصل الى حدود المليون دولار يومياً!

– لكن قرار استهداف النفط و الذي أتى بمبادرة روسية منسقة مع أيران، تبعه رضوخٌ اميركي غربي مؤيد، أدى الى تغيير مسار التطور التنظيمي لداعش، ليدخل في أزمةٍ أكبر من أزمته العسكرية. ليأتي تنفيذ القرار بشن غاراتٍ على شاحنات النقل و مراكز حقول النفط التي استولى عليها التنظيم، ليخسر في غضون أيام فقط ما لم يخسره مالياً منذ ظهوره على الساحة.

– وهنا لا بد من القول أن لهذا التوجه في ضرب التنظيم، دلالات عديدة. فعلى الصعيد المالي، يمكن القول أن هذه الأزمة، ستُضعف قدرة التنظيم على الإستمرار حالياً، إذ لم يعد قادراً على كسب المال الذي كان يحصل عليه سابقاً. مما سينعكس على رواتب عناصره، وسيؤدي حتماً الى تقاتلٍ داخليٍ بالنتيجة. كما سيجفف القدرة على استقطاب وتجنيد الإرهابيين من مختلف انحاء العالم. وهنا فإن لهذا الأثر المادي، نتيجةً سياسية حتمية، إذ سيكون كضربةٍ تمنع التطور الإرهابي للتنظيم في المستقبل القريب. مما يقع في مصلحة الجميع، لا سيما الدول الجدية في حربها على الإرهاب.

وهنا و بالإستناد الى ما تقدم، فيمكن القول أن الخطوة الروسية في ضرب إمدادات التنظيم تحمل رسالةً لجميع الدول التي تراهن على التنظيم الإرهابي كورقةٍ للضغط أو المناورة. لذلك فإن بعض الغرب قد استسلم لهذه الجدية الروسية الإيرانية، و خضع لمقولة التعاون مع الطرف الروسي. فيما يمكن القول أن بعض الأطراف لا سيما الخليجية الى جانب تركيا، ما تزال تنافق في سياستها العملية لإحتضان التنظيم.

إذن بين الضربات العسكرية المؤلمة على أكثر من جبهة، و بين تراجع الدعم المادي وفقدان الموارد، بات النفط الذي كان مصدر ثروة التنظيم، وسيلةً للقضاء عليها. يتزامن كل ذلك مع تأهبٍ دوليٍ لا سيما غربي، للحؤول دون مخاطر التنظيم الإرهابية، عبر تفكيك خلاياه النائمة. في حين أصبحت رهانات الكثيرين من الدول الخليجية و الغرب، سريعة الزوال كسرعة إشتعال النفط، ليدخلوا في كابوسٍ داخليٍ مُقلقٍ لهم، وخسارةٍ خارجيةٍ تتمثل بسقوط الرهان على الإرهاب. فالمسؤولية المحلية أمام شعبهم دفعتهم للعمل ضمن السياق الذي حددته كلٌ من روسيا و إيران. فيما ننتظر ردة الفعل الأمريكية تجاه هذا التحول الجديد في الواقع الميداني المحلي و الإقليمي والدولي، في ضرب من ساهمت واشنطن في تأسيسه و الرهان عليه. ليكون السؤال الأهم حول ما ستُقدم عليه السياسة الأمريكية في ردها على خسارة ورقة الضغط التي طالما عولت عليها. فهل سيصبح الصراع في المستقبل مباشراً بين الدول؟ أم ستحل أجهزة الإستخبارات كبديلٍ عنها في هذا الصراع؟
المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق