تنامي قلق الغرب من زيارة بوتين لإيران و لقائه بالإمام الخامنئي
عكست وسائل الإعلام الإقليمية و الدولية لا سيما الغربية وبالتحديد الأمريكية، الأثر الكبير للقاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بقائد الثورة الإسلامية في إيران الإمام السيد علي الخامنئي. فقد كانت الزيارة التي قام بها الرئيس الروسي لإيران، محطَ إهتمام دوائر القرار في العالم بأسره. وهو الأمر الذي بدأ قبل حدوث الزيارة، وتواصل حتى الحدث الأبرز فيها، والمتمثل بلقاء الرئيس الروسي بالإمام الخامنئي. ليكون اللقاء الذي جمع بوتين بمرشد الثورة الإسلامية، الحدث الأبرز والذي استوجب الوقوف عنده. فكيف يمكن وصف اللقاء، بعيون الغرب و العالم؟ و ماذا في الدلالات؟
الصدى قبل اللقاء التاريخي
شكلت الزيارة قبل حدوثها محط إهتمامٍ من قبل الدوائر الغربية خاصةً الأمريكية. وهو ما برز من خلال التعبير عن القلق الكبير من الزيارة، لا سيما من لقاء الرئيس الروسي بالإمام الخامنئي. فقد نقلت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأميركية يوم الجمعة المنصرم، عن مصادر دبلوماسية أمريكية رفيعة المستوى، أن واشنطن تعيش قلقاً جدياً من التنسيق المتنامي بين موسكو وطهران في سوريا، وهي تحاول شق التحالف بين البلدين. فيما أكد راديو “أوستن” الأوروبي، أن اللقاء الأبرز و الأهم في الزيارة و الذي سينعقد بين الرئيس الروسي و الإمام الخامنئي سيكون تاريخياً، وسيؤسس إلى شراكة استراتيجية أمنية و عسكرية وسياسية و اقتصادية في المنطقة، تؤكد فشل واشنطن في الرهان على محاصرة إيران.
الأثر بعد اللقاء
لا شك أن الزيارة التي قام بها الرئيس الروسي الى إيران، شكلت بحد ذاتها أمراً مهماً، شغل العديد من المراقبين في العالم. لكن الزيارة التي جاءت ضمن فعاليات مؤتمر الدول المصدرة للغاز والذي انعقد في طهران، وهو الأمر المهم أيضاً، لقيت صداها الأكبر من خلال اللقاء الذي حصل بين الرئيس الروسي والإمام الخامنئي. لنقول أن اللقاء الذي جمع بوتين بالإمام الخامنئي، له دلالاته الخاصة والمهمة. وهو ما يمكن أن نستخلصه من عناوين الصحف و وسائل الإعلام الغربية، و التي ركزت على اللقاء الذي جرى دون سواه، موليةً الأهمية الكبرى، لتصريحات الإمام الخامنئي.
– فقد تحدثت قناة بي.بي.سي التلفزيونية الناطقة باللغة العربية عن اللقاء الذي جمع الرئيس الروسي بالإمام الخامنئي في طهران، قبل مشاركته في قمة منتدى الدول المصدرة للغاز. وهو الأمر الذي سلطت وكالة أنباء رويترز الأضواء عليه، مشددةً على كلام المرشد، والذي أكد في لقاء بوتين معه، أن أمريكا تحاول تحقيق أهدافها التي فشلب بها عسكرياً من خلال اللجوء الى الوسائل السياسية. فيما أشارت وكالة الأنباء الأمريكية بلومبرغ الى اللقاء مؤكدةً أن الطرفين شددا على ضرورة تعزيز التلاحم الحاصل بين طهران و موسكو و تعاونهما في شؤون الشرق الأوسط من خلال معارضتهما للمحاولات الأجنبية لفرض الحلول بخصوص الحرب السورية.
– من جهةٍ أخرى تحدثت صحيفة وول استريت جورنال الأمريكية عن اللقاء الذي جمع الرئيس الروسي بالإمام الخامنئي معتبرةً أنه يُظهر مرحلة جديدة من التعاون المحتمل بين طهران وموسكو بعد الإتفاق النووي بين ايران و مجموعة 5+1 في النمسا في 14 تموز الماضي. مُشيرةً الى أن إيران أصبحت الحليف المهم والأساسي لجهود بوتين السياسية والعسكرية في المنطقة لا سيما الأزمة السورية. كما ركزت على تصريحات الإمام الخامنئي بخصوص سوريا والتي إشار فيها الى حجم الضعف الذي يشوب السياسة الإعلامية للإدارة الأمريكية حول الأزمة السورية لا سيما الإصرار على رحيل الرئيس الأسد والذي حصل علي أصوات الشعب السوري بمختلف الميول و التوجهات السياسية و المذهبية و القومية.
– من جهةٍ أخرى تناولت الصحيفة محاولات واشنطن الفاشلة لضرب العلاقة بين إيران و روسيا. وهو ما أدى لقيام خبير الشؤون الشرق أوسطية في جامعة ليون الفرنسية، بإقتراح أن يقدم الغرب تنازلات لروسيا في أوكرانيا مقابل الحصول على تعاون روسيا في سورية. وهو ما جاء في سياق إثبات الصحيفة لنجاح طهران في الإستفادة من علاقتها مع روسيا.
– أما قناة أي.بي.سي. الأميركية فقد أشارت في تقرير يتعلق بالزيارة نقلاً عن الأسوشييتد برس، الى أن بوتين، أكد على أن كل ما تم فعله في سوريا لمحاربة الإرهاب تم بالتنسيق مع الشريك الإيراني، ولولاه لكان الأمر مستحيلاً.
لا شك أن الزيارة التي قام بها الرئيس الروسي لإيران كانت مهمةً من حيث التوقيت وحجم الزيارة. لكن اللقاء الذي جمع بوتين بالإمام الخامنئي هو ما شغل الغرب أكثر من أي شيءٍ آخر. وهنا نقول أن ذلك يرجع لأسبابٍ عديدة يعود أهمها للإعتبارات التي يعرفها الغرب حول الشخصيتين. فالإمام الخامنئي هو صاحب الكلمة الفصل في إيران لا سيما في الأمور الإستراتيجية، وهو ما يتمتع به بحسب الدستور الإيراني. لذلك فإن لقاء بوتين الذي يعتبر زعيم ثاني أقوى دولةٍ في العالم، بمرشد الثورة الإسلامية في إيران، يعني أن روسيا تستمع للنهج الذي يشكل التهديد الأكبر على سياسات واشنطن و الغرب. وهنا فإن إرتدادات ذلك ستكون أكبر. فالإمام الخامنئي يمثل تاريخ إيران منذ الثورة حتى اليوم، والذي يتصف بالحزم تجاه الغرب لا سيما واشنطن. في حين قابلت الصحف و وسائل الإعلام الأمريكية و الغربية، التوجه الروسي نحو مرشد الثورة، بالفشل الأمريكي في المنطقة، مسلطةً الضوء على كلام الإمام الخامنئي، رابطةً خطورة اللقاء بهذه التصريحات. فهل دخل العالم مرحلة الرضوخ لمبادئ إيران الإستراتيجية؟
المصدر / الوقت