لندن تدعو ايران للعب دور في محاربة جماعات الفكر التدميري!!
صدرت الخطة الإستراتجية للأمن والدفاع البريطانية للعام 2015 لتتضمن فوارق عديدة عن ما صدر في العام 2010. هي في ما اشتملت عليه رفع مستوى الإنفاق الدفاعي بعد تقليصه في خطة عام 2010، وهي اشارت إلى أن ايران توجهت بعد الإتفاق الأخير نحو لعب دور في مواجهة جماعات الفكر التخريبي التدميري، و بريطانيا تنظر إلى أن ايران بعد الإتفاق أصبحت أكثر شفافية في تعاطيها، لكن حال عدم التزامها بالإتفاق فإن مفاعيل الحصار سيعود عليها مجدداً. النقطة هذه و المتعلقة بإيران لا يمكن فصل البحث في خلفيتها بمعزل عن المعطيات المستجدة و خاصة التحرك الروسي مع الأخذ بعين الإعتبار المنهجية و الرؤية الإيرانية و الثوابت التي قامت عليها الجمهورية الإسلامية في إيران، وللبحث في الموضوع سنطرح مجموعة من النقاط التي تصب في سياق الإجابة عن السؤال المحوري، ماذا وراء طرح بريطانيا لدور ايران في مواجهة الفكر التخريبي؟ وما خلفيات الربط بينه وبين الإتفاق الووي الأخير؟
أولاً: هناك موجة غضب شعبية غربية اتجاه مسلك حكوماتهم في التعاطي مع ملف جماعات الفكر التخريبي التدميري، فالإستياء الشعبي متزايد جراء السياسات المتبعة من قبل حكوماتهم في صناعة هذا الفكر و دعمه و دعم الأنظمة الممولة لهم، موجة الغضب هذه يقابلها المساعي الإيرانية التي لا يمكن انكارها ابداً والتي كانت قائمة على مر السنوات بتوجهها بضرورة معالجة البذور الأساسية التي ولدت هذا الفكر، والرؤية الإيرانية التي كانت فاعلة ولا زالت على أهمية نشر ثقافة التحاور و تعزيز دور الإعلام في نشر هذه الثقافة و رفض الخطاب التحريضي و مواجهته، ليأتي اليوم التحرك الروسي نحو دعم التوجه الشعبي في روسيا و حكومته لمواجهة جماعات الفكر التدميري مضافاً إليها القلق الغربي من امتداد خطر هذه الجماعات خاصة بعد سلسلة من الأعمال التخريبية التي شهدتها عواصم الدول الغربية و التي كان أخرها باريس و الذي ولد تحركاً لدى حكوماتها بضرورة القيام بأي عمل يمكن وضعه في دائرة الرد على الإعتداءات و تأكيد على السياسة العازمة لدول الغرب على التصدي للجماعات التدميرية. في هذا الإطار تأتي الرؤية الغربية في أن الجو الذي صار سائداً يوحي بانتصار الثوابت الإيرانية و توجهاتهم و رؤيتهم للمنطقة و هو ما يفسر الحديث البريطاني للإيحاء بأن ايران هي مصدر هذا القلق، و أن السبب في توسع دائرة الإضطراب مرده لعدم تعاون ايراني في هذا الخصوص بحسب منهجيتهم و زعمهم، و بالتالي مصادرة لنجاح الرؤية والثوابت الإيرانية.
ثانياً: منذ التوصل إلى إتفاق نووي و الغرب لم يكف الحديث والطرح لمجموعة من العناوين التي يراد منها إظهار أن خلاصة الإتفاق كان حاجة إيرانية لرفع الحصار عنهم من جهة و أن القلق الغربي ما قبل الإتفاق كان مرده عدم الإطمينان للقول و المواثيق الإيرانية، علماً أن الوقائع تشير بأن ايران تمكنت من التأقلم لسنوات مع الحصار الذي فرض عليها، بل كان محفزا للعمل على الإستفادة من كافة الإمكانات المحلية و الطاقات الإيرانية، و ايران منذ انطلاقها في المشروع النووي السلمي عملت على الإستفادة من هذه الطاقة لما يخدم المشاريع العلمية و الأبحاث و الدراسات التطويرية. كما أن الحديث المتكرر للغرب حول الإتفاق النووي بهذه الآلية يهدف إلى إرضاء حلفاء الغرب في المنطقة كبعض الأنظمة العربية الحاكمة و الكيان الإسرائيلي.
ثالثاً: أحد الأهداف من الطرح البريطاني في الخطة الإستراتيجية للأمن والدفاع فيما يتعلق بإيران هو ممارسة ضغوط عليها فيما يختص بجهودها في المساهمة بمعالجة الوضع السوري، و بالتالي قولبة هذه الجهود و إخضاعها للموازين و الرؤية الغربية، و المحاولة بالإيحاء أن الخروج عن هذه القولبة و الشروط التي يفرضها الغرب لمعالجة الملف السوري سيكون له تأثير على الإتفاق النووي، و هذا يأتي ضمن سلة المساعي الغربية لخلط أوراق المنطقة. لكن جميع الجهات المختصة سواء الغربية منها أو الإيرانية تدرك بأن الملف النووي هو ملف ايراني مستقل، وأن قضايا منطقة الشرق الأوسط قضايا يعود تحديد المصير فيها لشعوبها، و أن الطرح الإيراني يأتي في المساهمة و المساعدة من قبل دول العالم و المؤثرة لمعالجة هذه القضايا و ليس التدخل في شؤون البلدان .
المصدر / الوقت