لعبة القوى العظمى في افغانستان
في وقت تقترب افغانستان من السقوط في دوامة صراعات القوى العالمية الكبرى اعلنت بعض المصادر الاعلامية نبأ لقاء سري بين القادة الميدانيين لطالبان في شمال افغانستان مع مسؤولين روس في طاجيكستان ما ينذر ببدء اللعبة الروسية الكبرى في افغانستان.
ومن جهة اخرى نجد ان امريكا التي انسحبت من افغانستان العام الماضي قد اعلنت ايضا انها ستواصل حضورها العسكري المكون من ١٠ الاف جندي في افغانستان بسبب تزايد هجمات جماعة طالبان التي استولت العام الماضي على مدينة قندوز الاستراتيجية في شمال افغانستان و نقلت المعارك الى شمال افغانستان وذلك في وقت تؤكد التقارير الواصلة ان الحكومة الافغانية تتستر على انباء توسيع دائرة عمليات طالبان.
اسباب التدخل الروسي
من الواضح ان روسيا لاتتحمل وجود ارهاب طالبان و داعش الى جانب حدود دول آسيا الوسطى التي تعتبرها موسكو منطقة نفوذها، و قد زاد استيلاء طالبان على قندوز من القلق الروسي و حينها زادت موسكو ضغوطها على الحكومة المركزية في كابول من اجل تقبل اعطاء دور لدول المنطقة في الحرب مع الارهاب في افغانستان لأن مدينة قندوز كانت تعتبر البوابة الامنية لشمال افغانستان و اذا استطاعت طالبان تحكيم سيطرتها على قندوز فانها ستتوسع نحو باقي مناطق الشمال الافغاني و لذلك نرى انه و بمجرد سقوط قندوز بدأت العناصرالمحلية لطالبان في تخار و بدخشان و بغلان و سربل بتنفيذ عمليات و سجلت بعض النجاحات كما شنت طالبان هجوما عنيفا آخر للاستيلاء على مدينة “ميمنة” و لذلك يعتبر القلق الروسي من انتشار طالبان في شمال افغانستان و احتمال نفوذ الارهاب الى آسيا الوسطى و القوقاز في محله.
ومن جهة اخرى يزيد تواجد المواطنين الازبك و الطاجيك في داخل صفوف طالبان من خطر نفوذ هؤلاء الى روسيا و لذلك نرى ان موسكو تسعى جاهدة الى اقناع الحكومة الافغانية بالسماح لروسيا لتسويع دائرتها الامنية حتى المناطق الشمالية من افغانستان والبدء في تعاون روسي افغاني لمنع الارهاب من الانتشار وتهديد امن دول آسيا الوسطى.
واذا خسرت افغانستان قدرتها على ادارة الحرب واصبحت زمام المبادرة في الحرب على الارهاب في يد الامريكيين فان ذلك سيفتح الباب امام التدخل الروسي وباقي جمهوريات آسيا الوسطى وستتحول افغانستان الى مكان للنزاعات الدولية.
ان اتخاذ اية سياسة خاطئة وغير واضحة في الحرب ضد جماعة طالبان الارهابية سيقود حكومة الوحدة الوطنية في افغانستان و الشعب الافغاني المسلم نحو مصير مظلم و كارثي و لذلك يجب القول بأن الواجب الخطير و الفوري لحكومة الوحدة الوطنية هو منع سقوط افغانستان في هاوية الصراع الدائر بين القوى الاقليمية و العالمية.
ان افغانستان هي اليوم دولة تشق طريقها بصعوبة نحو حل قضاياها الامنية و الاقليمية و مثل هذه الدولة تحتاج الى مؤازرة اصدقاء يمكن الوثوق بهم لكن يبدو ان الجنود الاجانب لن يغادروا افغانستان التي ستتحول الى ساحة صراع بين واشنطن و موسكو، ورغم هذا يجب ان نعلم ان روسيا لايمكنها البقاء مطولا في افغانستان نظرا للاوضاع المالية الصعبة التي يعاني منها الروس وتعاملاتهم مع الدول الاوروبية كما ان دخول روسيا التي تعاني من مشاكل مع امريكا و حلف الناتو و الدول العربية الحليفة مع واشنطن الى الساحة الافغانية سيكلف الشعب الافغاني ثمنا غاليا.
ويبقى طريق الاستقرار في افغانستان هو دعم الجماعات الجهادية الافغانية من قبل حكومة الوحدة الوطنية وكذلك دول الجوار لمحاربة طالبان او عقد سلام معها لعل ذلك يمنع تواجد القوى الاجنبية على الاراضي الافغانية.
المصدر / الوقت