كلام قائد الثورة الاسلامیة أمام ضيفه الروسي؛ ضوء أخضر لتوسيع العلاقات بين البلدين
لم تكن زيارة الرئيس الروسي يوم أمس للعاصمة الايرانية طهران زيارة العادية، فقد كسر فلاديمير بوتين البروتوكولات المتبعة عالميا بين الدول، ليقتنص الفرصة بزيارة للمرشد الأعلى للثورة الايرانية آیة الله علي الخامنئي، فامتدت تلك الزيارة الى ساعتين متواصلتين، مما جعل بوتين يكسر البرورتوكول مرة أخرى بتأخره ساعة عن المؤتمر المنعقد للدول المصدرة للغاز الطبيعي. و تؤكد الدوائر المقربة من السيد القائد الخامنئي أنه لم يستقبل من قبل رئيس دولة لمدة ساعتين، فما الذي دار بين الطرفين من مواضيع امتدت كل هذه الفترة و ما هي أهمية تلك الزيارة الاستثنائية في حين تجتمع أمريكا في الامارات مع شركائها العرب لتوحيد المعارضة في سوريا؟
المخطط الأميركي البعيد الأمد للمنطقة أول ما حذر منه آیة الله الخامنئي أمام ضيفه الروسي، المخطط المضر بجميع الشعوب و الدول، و خصوصاً إيران و روسيا حسب وصف مرشد الاعلی، دعى للتصدي له عبر العمل بوعي و تعاون أوثق لإحباط هذا المخطط. واصفا بوتين بأنه شخصية بارزة في عالم اليوم، و موجها الشكر و التقدير إلى جهود روسيا في القضية النووية الإيرانية، كانت إيران أول المحذرين من خطر المشروع الأمريكي لتقسيم المنطقة بما يخدم مصلحتها و يضعف محور المقاومة، و قد حذر المرشد الأعلى للثورة عن هذا المشروع شخصيا في أكثر من مناسبة، و بالطبع كان يملك معلومات بين يديه و ليس فقط تحليلات. و مؤخرا زادت المخاوف الروسية بعض استحصالها على معلومات استخباراتية بعضها من ايران بأن أمريكا و حلفائها يعملون على تجنيد شباب دول آسيا الوسطى و دول الاتحاد السوفياتي سابقا، لكي يحاربوا فيما بعد داخل دولهم على شكل حروب عصابات تضعف دولهم و تشتت انتباه روسيا و تلهيها في حل مشاكل جيرانها.
ولم يخف المرشد الأعلى للثورة الاسلامیة السيد علي الخامنئي اعجابه بالسياسة الروسية في المنطقة وفي سوريا تحديدا، حيث أشاد بالهدوء الذي يتحلى به بوتين والذي ينعكس على السياسة الخارجية لروسيا، رغم محاولة الأعداء سلب هذا الهدوء من الساسة الذين يعادونهم. وقد أبدى الخامنئي اعجابه بالمواقف الروسية خصوصا في السنة و نصف السنة الأخيرة. بالفعل فإن مسألة نزع أوكرانيا من الكنف الروسي عام 2014 كانت لعبة أمريكية حساسة لموقع الأخيرة الاستراتيجي بالنسبة لروسيا، و قد تعاملت روسيا مع القضية بهدوء و ذكاء منع الأمور من التدهور بين البلدين، كما أن الدخول على خط الأزمة السورية جاء من خلال خطة محكمة بعد توفر المعطيات الميدانية و المعلومات و القرائن التي يمكن لروسيا من خلالها الدفاع عن وجهة نظرها.
من يراقب الأحداث السورية يجدها آخذة بالتصعيد، والمرحلة المقبلة ستكون حساسة أكثر من أي وقت مضى فالضربات الروسية الجوية مستمرة الى جانب التخطيط العسكري الايراني البري و المشاركة بقوات مقاتلة في مناطق محددة في سوريا، كما أن الدول الغربية بدأت ضرباتها تأخذ منحى مغاير، ففرنسا بدأت ضرباتها من حاملة الطائرات “شارل ديغول” التي رست على السواحل السورية، و أمريكا تبحث سبل توسيع تدخلها، ثم إن اسقاط تركيا لطائرة عسكرية روسية قد لا يمر مرور الكرام. فاجتماع دول العالم في سوريا بعد الأحداث الفرنسية قد لا يكون سوى ورقة ضغط و مناورة يصدق عليها ما حذر منه بوتين و آیة الله خامنئي بأن الدول الغربية والعربية تحاول أن تجني بالسياسة ما عجزت عنه بأكثر من 4 سنين حرب، مع التأكيد على الوعي الكامل لتلك الخطة وعدم السماح بتمريرها. فالشرعية هي ما يقرره الشعب السوري والذي انتخب بغالبية أصواته الرئيس بشار الأسد في انتخابات أشرفت عليها الأمم المتحدة، ولا حلول بتخطيه أو تنحيته بالقوة.
التعاون الايراني الروسي ليس جديدا إنما الآن بدأ يأخذ منحنى استراتيجي، فقد سبق زيارة بوتين رفع الحظر الروسي على بيع و تسليم معدات تكنولوجية مرتبطة بالطاقة النووية، ولا سيما لموقعي فوردو وآراك النوويين الإيرانيين، و عادت إجراءات تزويد إيران بنظام صواريخ “اس300” المضادة للصواريخ الى الحيز العملي بعد توقف دام فترة على ما أعلن السفير الإيراني لدى موسكو “مهدي صانعي” ، و كان البلدان قد وقعا اتفاقاً بشأن تلك المنظومة في التاسع من تشرين الثاني 2015. و المزيد من التعاون ستسجله الأيام القادمة على أرض الميدان و من خلال الزيارات و المعاهدات المتبادلة، و الطرف الروسي الذي لمس الوعي و الحنكة و الشفافية الايرانية، أكد بأن روسيا لا تطعن حلفاءها في الظهر، في رسالة تمهد لعلاقات بعيدة، الى ما بعد سوريا.
المصدر / الوقت