التحديث الاخير بتاريخ|الأحد, أكتوبر 6, 2024

الجمعة السوداء في بريطانيا: الفقر والعنصرية والمستوى الثقافي سيد الموقف 

الجمعة السوداء في بريطانيا والتي تأتي بعد يوم عيد الشكر وفق العادات والتقاليد والتي تشهد الإقبال الكثيف من التجار على التخفيضات حيث الإحتفالات والزيادة في نسبة الشراء، تحولت هذه الجمعة إلى أيام بمسماها حيث ملأت الفوضى أماكن عدة من البلاد، ما اضطر الشرطة إلى نشر عناصرها في اماكن الإزدحام لتفريق المعارك التي اندلعت في ممرات المحلات التي تقدم التخفيضات الكبرى، ووصل الأمر إلى حدٍّ عبّر فيه رئيس شرطة مانشستر عن خيبة أمله بسبب الإجراءات المتخذة من قبل تجار التجزئة للتحضير لتدفق المتسوقين، ما تسبّب بازدحام شديد في الأسواق وأمام المحلات، فضلًا عن عشرات المعارك التي تدخلت الشرطة لفضها. وكانت الشرطة قد اعتقلت ثلاثة أشخاص في أعقاب اصابة امرأة في الرأس اثر سقوط جهاز تلفزيون في سوبرماركت «تيسكو» عليها.

ووقع الحادث بعد أقل من 30 دقيقة من فتح المتجر أبوابه في منتصف الليل استعداداً ليوم الجمعة السوداء وكان سوبرماركت «تيسكو» قد اضطر لإغلاق منافذ البيع بعد اندلاع المشاجرات وتهديد العاملين وقيام كل من الزبائن والإدارة باستدعاء الشرطة.

كما أصيب الباحثون عن عروض التخفيضات عبر الإنترنت أيضا بالإحباط بسبب اغلاق مواقع التسوق الإلكترونية تحت ضغط كثرة عدد المتصفحين. هذا الواقع يدفع للتساؤل عن خلفيات هذه الأحداث والمشاجرات في يوم مخصص للإحتفال من جهة ويوجه الحديث حول التحضر الذي تدعيه بريطانيا من جهة أخرى.

سياسات خاطئة فوضع اقتصادي صعب
تشير الدراسات إلى أن الشعب البريطاني يعاني من وضع اقتصادي صعب نتيجة سياسات حكوماته المتعاقبة المتبعة حيال قضايا الشرق الأوسط تحديداً، فقد دلّت دراسة بريطانية على ان 20 مليون شخص يعيشون الآن تحت مستوى خط الفقر، وقد اعتبرت الدراسة ان مستويات الحرمان بلغت ذروتها في البلاد، وان معدلات الفقر قد تضاعفت منذ العام 1983، ومن المتوقع ان تتفاقم على نحو اكبر في الخمس سنوات المقبلة. وتشير الدراسة المسحية والتي اعدها ستيورات لانسلي الخبير الإقتصادي وجونا ماك الأكاديمية، صورة غاية في الكآبة لبريطانيا الحديثة والحالة اليائسة التي يعيش فيها الكثير من الأُسر في البلاد. وأظهرت الدراسة التي اعتمدت على المقابلات الشخصية التي تمت وجهاً لوجه مع الاف المواطنين ان واحداً من بين كل ثلاثة بريطانيين يعيش دون مستوى المعيشة المقبول عالمياً، مردفة ان ثلاثة ملايين ونصف مليون شخص بالغ يضطرون الى الإمساك عن الطعام عمداً حتى يتمكنوا من اطعام اطفالهم.

واشارت الدراسة الى ان اسعار الغاز والكهرباء قد تضاعفت خلال العقد الماضي، في الوقت الذي تراجع فيه مستوى الرواتب. وتعني تلك التاثيرات المروعة ان 21% من الأشخاص يغرقون في الديون، كما ان ثلث الأشخاص غير قادرين على توفير اية اموال على الإطلاق. ويشار الى ان منظمة (انقذوا الاطفال) البريطانية غير الحكومية كانت قد اعربت في السابق عن بالغ قلقها من ارتفاع عدد الأطفال الفقراء في بريطانيا الذي بلغ 3,5 ملايين طفل في العام 2013، ومن المحتمل ان يصل الى 5 ملايين طفل بحلول العام 2020. وكان معهد الدراسات المالية في لندن حذّر في تقرير سابق من تفاقم معدلات الفقر بين اوساط الأطفال والبالغين في العامين المقبلين جراء ازمة النفط وانخفاض قيمة الجنيه الاسترليني والاضطرابات الصناعية واحتمال قيام صندوق النقد الدولي بانقاذ الإقتصاد البريطاني من الإنهيار.

واقع اجتماعي يخالف الإدعاءات التي يروج لها
خلافاً للإعلام الغربي الذي يحاول أن يروج أن شعوب بلاده تمثل قمة التحضر ولا فرق بين إنسان وآخر بغض النظر عن دينه وانتمائه، في مقابل الترويج أن شعوب منطقتنا وبالخصوص المسلمين يخالفون الحضارة، فقد كشفت بعض التقارير المعدة أن الشعب البريطاني يعد من أكثر الشعوب عنصرية، هذا ما يتضح من خلال تعامل الشعب البريطاني مع الأجانب المتواجدين على أراضيه سواء الطلبة منهم أو العمال والسياح، ويذكر الكثير ممن سافروا إلى تلك البلاد أنه لا يمر أسبوع كحد أقصى إلا وتعرضوا فيه لمواقف الإهانة من السكان البريطانيين، يضاف إلى هذا النظرة الدونية للمسلمين والإستهزاء بهم وبحجابهم. ومما لا شك أن هذه الثقافة هي حصيلة للمخطط الإعلامي لحكومات الدول الغربية بما فيها بريطانيا والتي تعمل على تثبيت روحية العنصرية والنظر بدونية لشعوب البلدان الأخرى، كما أن هذه الثقافة ليست قببعيدة عن روح السياسة البريطانية التي تعمل على نقل هذه العداوة إلى شعوب منطقتنا من خلال دعم الفضائيات التحريضية والجماعات صاحبة الفكر التدميري.

أيضا مما لا شك فيه أن وقائع الجمعة السوداء وما توحيه الصور التي تم تداولها وانتشارها على الفضائيات وصفحات الإنترنت تشير إلى المستوى الثقافي المتدني الذي جاء نتيجة التوجيه الإعلامي الحكوماتي للشعب البريطاني، فهناك غياب واضح لروح الإيثار والتضحية وتقديم الآخر، بل أن السائد التدافع لحصول كل واحد على مبتغاه ومقصده من دون الإلتفات إلى حقوق الآخرين، ومظهر لغياب التنظيم الجماعي.
المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق