التحديث الاخير بتاريخ|الأحد, نوفمبر 17, 2024

كيف تراعي الدول “بيان فيينا”؟ .. الكلمة للميدان 

شكّل بيان فيينا تحوّلا نوعياً في مسار الأزمة السورية حيث إتّفقت ١٧ دولة إضافة إلى الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي على نقاط تسع، شكلت مبادئ عامة للحل السياسي في سوريا. نيّة التحوّل في الميدان جاءت نتيجة للتحول السياسي الذي تمثّل بمشاركة قوى إقليمية ودولية متعارضة حول سوريا على طاولة واحدة وقد ركّزت جميع القوى على ضرورة مكافحة الإرهاب والحل السياسي للأزمة.
إثر الإتفاق، أكّدت جميع القوى على وحدة سوريا وضرورة مكافحة الإرهاب وهزيمة تنظيم “داعش” وغيره من الجماعات المصنّفة إرهابيةً في مجلس الأمن الدولي، وقد بقيت حينها مسألة مصير الرئيس الأسد موضع خلاف، لذلك لم يتمّ التطرق إليها في البيان الختامي، إلا أن السؤال الذي يطرح نفسه اليوم هو مدى إلتزام هذه القوى بـ”بيان فيينا”.
عند الدخول في تفاصيل الأزمة السوريّة يتّضح أن العديد من الدول المتّهمة في الإرهاب، قبل لقاء فيينا، لا زالت تمارس الإجراء نفسه عبر دعم الجماعات الإرهابية في سبيل إسقاط الرئيس الأسد. فواشنطن التي حاولت الحصول على جملة من المكاسب عبر طاولة المفاوضات، لاسيّما الحد من الضربات الروسيّة الموجعة للجماعات الإرهابية، لم تتوان عن تحقيق جزء آخر من مطالبها عبر الإستمرار في دعمها للجماعات الإرهابية والترويج لرأي عام دولي مخالف للتدخل الروسي رغم أنه أثمر كثيراً وكبّد الجماعات المسلّحة خسائر فادحة.
وأما فيما يخص إتهام روسيا بضرب جماعات “غير إرهابية”، لاسيّما المدعومة غربياً،، فقد إتضحت هذه الاكاذيب على لسان وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس الذي أعلن أن “الرئيس الروسي فلاديمير بوتين طلب من فرنسا وضع خريطة لأماكن تواجد الجماعات التي تحارب متشددي تنظيم الدولة الإسلامية (داعش الإرهابي) في سوريا حتى لا تقصفها الطائرات الروسية”، حتى أن بوتين إتفق مع نظيره الفرنسي فرانسوا هولاند خلال محادثات في موسكو الأسبوع الماضي على تبادل المعلومات لتحسين فعالية حملتي القصف الجوي.

نقض الإتفاق
واقع الميدان السوري يؤكد نقض العديد من الدول لبيان فيينا، تارة بسبب طموحات وإصرار بعض الأطراف على إسقاط الرئيس الأسد، وأخرى بسبب الخروقات التي تفتعلها جماعاتها في سوريا غير المصنّفة إرهابية في مجلس الأمن. في الحقيقة، هناك جزء كبير من الإعتراضات التي قدّمتها بعض هذه الدول ضد روسيا وسوريا بسبب نقض هاتين الدولتين بند “وقف إطلاق النار” مع هذه الجماعات، إلا أن السبب في ذلك يعود لعدم إلتزام عدد كبير من القيادات الميدانية بقرارات فيينا وبالتالي إستكمال الحرب ضد الجيش السوري، الأمر الذي دفع بالقوات السورية والطائرات الروسية لإستهداف هذه الجماعات.
قد لا نستطيع إلقاء اللوم، في هذا السياق وبشكل أولي، على الدول التي ترعى هذه الجماعات بإعتبار أنها غير قادرة على التحكّم بكافّة القرارات لهذه الجماعات المسلحة، فبطبيعة الحال تقع هذه الإختلافات سواءً بسبب طبيعة العلاقة بين الطرفين أو البعد الجغرافي، إلا أن هذا الأمر لا يعني أن سوريا هي من تتحمّل التبعات، لأنها تقوم بـ”ردّة الفعل” لا الفعل، وحريٌ بهذه الدول إما أن تقبل بوضع هذه الجماعات على قائمة الإرهاب، كما هو الواقع، أو تضمن عدم خرق الأخيرة لبيان فيينا.
ولكن عند مطالعة تفاصيل الميدان السوري، يتّضح أن بعض الدول التي تعهّدت بمحاربة الجماعات الإرهابية، لازالت تقدّم السلاح لهذه الجماعات، فهل أن تهديد السعودية بتزويد الجماعات الإرهابية بالسلاح في حال بقاء الرئيس الأسد لا يعدّ نقضاً لإتفاق فيينا؟ وهل تزويد الجماعات المسلّحة بحزمات من الصواريخ يعد إلتزاما بالإتفاق؟ أين مجلس الأمن من هذا النقض، أم إنه فيتو بشكل جديد؟
قطر، حليفة تركيا الدولتان الأكثر دعماً للجماعات الإرهابية، شاطرت السعودية النهج نفسه في دعم الإرهاب حيث كشفت مجموعة “هاكرز” الأوكرانية أن الحكومة القطرية عقدت مفاوضات مع كييف، في أواخر شهر أيلول الماضي، لشراء أنظمة دفاع جوي حديثة من طراز “بيتشورا ــ ٢” بغية إسقاط الطائرات الروسيّة. والوثائق المسربة تكشف أيضاً أن هذا الفعل، الذي يتحدى بشكلٍ صارخ التحذيرات الروسية – لكلّ الأطراف – من تزويد المسلحين بسلاح مضاد للطائرات، كان يجري بمعرفة واشنطن وأنقرة وتعاونهما. الكيان الإسرائيلي أيضاً، يستهدف مواقع حزب الله في سوريا، ويعالج ويدرّب الجماعات الإرهابية على الحدود مع سوريا، وكل ذلك في ظل صمت غربي مطبق.
هذا غيض من فيض الإنتهاكات الغربية والتركية والخليجية ضد سوريا، وإسقاط القاذفة الروسية ليس عن هذا الأمر ببعيد، إلا أن هذا الحادث من الممكن أن يؤسس لواقع جديد عنوانه “مكافحة الدول التي ترعى الإرهاب”، فهل من مجيب؟، لا أعتقد، فالجميع يعوّل على الميدان.
المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق