كيف ترتد اسقاط الطائرة الروسية على تركيا؟
رغم مرور عدة ايام على اسقاط الطائرات التركية لطائرة سوخوي ٢٤ الروسية القاذفة لايزال هذا الموضوع في مقدمة اهتمامات مسؤولي البلدين فقد اكد الروس انهم يحتفظون لانفسهم بحق الرد على هذا الاعتداء فيما استدعى الطرفان سفير الطرف الآخر عدة مرات و قلصا علاقاتهما الاقتصادية و العسكرية، و فيما اكدت موسكو انها زادت من عزيمتها على قتال الارهابيين في سوريا يؤكد الخبراء والمحللون ان ما حصل سوف يترك تأثيرا كبيرا على العلاقات التركية الروسية وكذلك على الحرب السورية.
ويقول بعض المحللين ان تعمد تركيا في اسقاط الطائرة الروسية يمكن ان يكون نابعا من رغبة تركيا في خروجها من العزلة الاقليمية التي تعيشها، فتركيا التي دخلت هذه العزلة بسبب سياساتها لم تجد امامها سوى القيام بهذا الاعتداء لتغيير الاوضاع التي تعيشها لان المخططات التركية التي سعت انقرة الى تنفيذها طوال السنين الماضية في سوريا كلها باءت بالفشل و ذهبت الخطة التركية لاقامة منطقة عازلة في شمال سوريا ادراج الرياح كما بقي بشار الاسد في السلطة و تغير الموقف الاوروبي و الغربي بشكل كبير عما كان عليه في بداية الازمة السورية وقبل هؤلاء ببقاء الاسد في السلطة وهذا يعتبر هزيمة كبيرة لانقرة.
ومن الاسباب التي دفعت تركيا الى اسقاط الطائرة الروسية هو الخطر الذي شكله الطيران الروسي على التركمان السوريين الذين يعيشون قرب الحدود التركية فأنقرة تقول ان الروس قد استهدفوا هؤلاء والجميع يعلم بان انقرة كانت تريد بناء جيش تركماني لقتال القوات السورية.
و هناك سبب محتمل آخر وهو سعي تركيا للايقاع بين روسيا و الدول الغربية التي كانت تقترب من روسيا بعد هجمات باريس الارهابية من اجل محاربة تنظيم داعش في سوريا فباريس كانت قد اعلنت رغبتها في الانضمام الى المحور الروسي الايراني و لم يكن مستبعدا انشاء حلف ضد الارهاب بمشاركة الدول الغربية و هذا ما كان يتعارض مع المصالح التركية.
لكن هناك امر هام يجب الالتفات اليه و هو ان الجيش التركي و الحكومة التركية لم يكونا يستطيعان القيام بمثل هذا الهجوم لوحدهما و ان هذا الاعتداء قد وقع بالتنسيق مع الامريكيين و حلف الناتو بالتأكيد فالجيش التركي يعتمد على الناتو بشكل كبير بحيث يعترف الخبراء الاتراك ان الطائرات الحربية التركية غير مسموح لها حتى بالاقلاع عن الارض من دون موافقة الناتو والتنسيق الكامل معه، و من جهة اخرى تظهر ردات فعل القادة الامريكيين و الغربيين بعد اسقاط الطائرة الروسية انهم كانوا يريدون تمرير رسالة خاصة الى روسيا بأنها ستواجه برد غربي اذا ارادت المضي قدما في خططها في سوريا و تعميم هذا الاسلوب على باقي مناطق التوتر والازمات الاخرى و لذلك لانكون مبالغين اذا قلنا بأن دور تركيا في هذا الحادث كان فقط تأدية الواجب نيابة عن الناتو و الغرب بسبب قربها من المناطق التي يقوم الروس بتنفيذ عمليات فيها.
لكن فيما يتعلق بتبعات هذا الحادث فيبدو ان الروس سيستخدمون الادوات الاقتصادية للضغط على تركيا لأن انتماء تركيا للناتو يقلل من احتمال دخول روسيا في اشتباك عسكري معها بشكل كبير لأن اشتباك روسيا مع تركيا يعني الاشتباك مع الناتو، ان مستوى العلاقات التجارية الروسية التركية سينخفض الى درجة كبيرة بالتاكيد، كما يمكن ان تلجأ روسيا الى خفض صادراتها من الغاز الى تركيا لأن ٦٠ بالمئة من الغاز المستهلك في تركيا مصدره روسيا و يمكن ان توجه هذه القضية ضربة كبيرة الى الاقتصاد التركي و تتسبب بحدوث مشاكل كبيرة للاتراك.
وفي مجمل الاحوال يجب القول ان سير الاحداث في سوريا يشير ان تركيا تتجه نحو مزيد من العزلة رغم اعتدائها على الطائرة الروسية و هذا يعتبر ربحا لموسكو التي زاد هذا الحادث من عزيمتها على قتال الجماعات الارهابية المسلحة و منها تنظيم داعش و من جهة اخرى زاد الاعتداء التركي من شك وريبة وسائل الاعلام الغربية حيال النوايا التركية و دور هذا البلد في محاربة الارهاب و الازمة السورية فيما يتوقع ان تبدي الدول الغربية رغبة اكبر من الان فصاعدا في الانخراط للقتال ضد داعش.
المصدر / الوقت