التحديث الاخير بتاريخ|السبت, نوفمبر 16, 2024

بين التحريف الإعلامي و حقيقة الواقع؛ مقارنةٌ بين الدور الروسي و الأمريكي في مكافحة الإرهاب 

كعادتها تخرج وسائل الإعلام العربية و الغربية و التي تعتبر أدوات واشنطن لتوجيه الرأي العام، في محاولةٍ للتخفيف من أهمية الدور الروسي في الحرب على الإرهاب لا سيما تنظيم داعش. ولأن وسائلها فشلت في تحريف حقائق الإنجازات الروسية الإيرانية تحديداً، وجدت وسائل الإعلام هذه في الترويج لفكرة استهداف روسيا للمدنيين في سوريا، وسيلةً لحشد تعاطف الرأي العام و هو ما فشلت به أيضاً. فمن خلال متابعة أخبار هذه الجهات، نجدها سلطت الضوء مراراً و تكراراً على عناوين في هذا الخصوص لا سيما ما تناقلته قنوات الجزيرة، و العربية و الـ bbc، خلال هذا الشهر حول أن “روسيا تقصف سوريا جواً و بحراً وتقتل مدنيين”. وهنا فإننا نأسف لما تقوم به هذه القنوات لا سيما القنوات العربية منها، لبُعدها عن الموضوعية، و اعتمادها أساليب تتصف بالعُهر الإعلامي، من خلال النزول الى مستوى المتاجرة بأرواح المدنيين، خدمةً للسياسة الأمريكية و محاولةً لضرب نجاحات روسيا و إيران تحديداً. فكيف يمكن نسف هذه الإدعاءات بالأدلة و التحليل، ومن خلال تسليط الضوء على الإختلاف الواضح بين تعاطي روسيا وأمريكا فيما يخص ملف مكافحة الإرهاب؟

لسنا هنا في وارد الحديث عن الفشل المهني في المجال الإعلامي و الذي تتصف به الكثير من القنوات التي تُعبِّر عن السياسة الأمريكية. فهذا الأمر ليس مستغرباً من هذه القنوات لسبب أن هذه السياسة هي السياسة التي تتصف بها بالأصل واشنطن. و هو ما أصبح معروفاً لدى الرأي العام العربي والإسلامي. لكن و من باب المسؤولية، نجد أنه يجب تسليط الضوء على حقيقة التعاطي مع ملف الإرهاب من قبل الدول لا سيما روسيا و أمريكا.

و من خلال الحديث عن مسألة جدية الطرفين يمكن الإستدلال على أن التعاطي الروسي يعبِّر عن إعتبار موسكو مسألة الحرب على الإرهاب لا سيما داعش أولويتها، فيما نجد عكس ذلك من خلال تحليل التعاطي الأمريكي. وهنا نقول التالي:

– مما يدل على جدية موسكو في حربها على داعش، هو أن روسيا سعت لتأهيل الجيش السوري بأسرع وقت عبر تأمين الدعم العسكري و اللوجستي له، وهو ما ظهر واضحاً و جلياً بحيث لا يحتاج الى دليل. وكان الهدف الروسي تقوية الطرف الذي يملك الحق الشرعي الوحيد في الحركة العسكرية على الأراضي السورية من جهة، و في تأمين مصلحة الشعب السوري من جهةٍ أخرى. كما فتحت أبواب الحوار مع جميع الأطراف دولياً و إقليمياً كبادرة حسن نية، على إعتبار أن مسألة الإرهاب تخص الجميع.

– بينما نجد أن واشنطن لم تقدم أي نتائج تتناسب مع حجمها العالمي و إدعاءاتها. وبعيداً عن تحليل الأحجام، نُشير الى حقائق تدل على النفاق الأمريكي في التعاطي مع مسألة محاربة داعش. فقد ساهمت واشنطن في تسليح التنظيم مرات عديدة في حروبه ضد جيوش الدول التي يهددها لا سيما العراق و سوريا. و هو ما يعرفه العالم أجمع، لا سيما خلال معارك التحرير التي قادها العراقيون. كما أن عدم جدية واشنطن، هي من الأمور التي يمكن الإستدلال عليها من خلال النتائج الميدانية التي حققتها أمريكا وتحالفها، و التي فضحتها النتائج الروسية الضخمة من حيث كمية و نوعية الإستهداف، الى جانب وضوح ضعف التنظيم بعد التدخل الروسي، وهو عكس ما جرى حين تدخلت أمريكا للقضاء على داعش. فيما يمكن القول أن وضع واشنطن لخطةٍ تستمر لعشر سنوات، للقضاء على داعش، إنما يدل على محاولة إطالة عمر التنظيم و المراهنة على الإستفادة منه.

وهنا نُضيف على ما أشرنا له، أن أرقام الغارات التي قامت بها روسيا الى جانب الإصابات المباشرة، تدل على حجم الإستهداف المؤثر للتنظيم، و هو ما يخالف أداء الطرف الأمريكي. و لعل الصحف الغربية كانت أجرأ في نقل الحقيقة من وسائل الإعلام العربية لا سيما الخليجية. فقد تحدثت صحيفة “واشنطن بوست” في مقالٍ لها الشهر المنصرم تحت عنوان “إختلاف بين الجيشين الأمريكي و الروسي حول إنجازات الحرب على داعش” عن الإختلاف في النتائج بين الجيشين الأمريكي و الروسي حول حقيقة الضربات العسكرية التى تستهدف داعش فى سوريا. و أشارت الصحيفة إنه وخلال فترة استمرت يومين من الأسبوع الأخير في شهر تشرين الثاني المنصرم، أعلنت أمريكا أن طائرات التحالف وجهت 23 ضربة فى سوريا ودمرت ثلاثين من حافلات داعش والمباني التابعة له والوحدات التكتيكية. بينما وخلال نفس اليومين، قالت روسيا إن طائراتها ضربت 472 هدفاً إرهابياً فى سوريا من بينها منشأة نفطية تابعة لداعش، و80 شاحنة ناقلة. مشيرةً الى أنه في الأسابيع الثمانية التى تلت بدء العمليات الجوية لروسيا فى سوريا، أعلن الجيش الروسي إنه نفذ مهام أكثر مما فعلت واشنطن خلال السنوات الماضية ودمر آلاف الأهداف.

إذن يمكن القول أن محاولة الترويج لضعف الدور الروسي بشتى الوسائل، لا يمكن أن تنجح. وهنا فإن هذه القنوات التي أصبحت رخيصةً على المستويين المادي والمعنوي، كان من الأجدر بها أن تتحدث عن التقدم الذي حققته داعش في العراق وسوريا بالتزامن مع غارات التحالف الأمريكي حينها. كما أنها لم تتحدث يوماً عن مخاطر سيطرة داعش على تدمر و مثيلاتها من المنطاق الأثرية التي تحتضن أهم معالم التاريخ في منطقتنا. مما يدل إنعدام الغيرة تجاه قضايا و تاريخ الأمة وليس فقط الغرق السياسي في البحر الأمريكي. فيما فقدت هذه القنوات الكثير، ولم تعد محل ثقة الشعوب، والتي أصبحت تعي حقائق الأمور.
المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق