التحديث الاخير بتاريخ|السبت, نوفمبر 16, 2024

بعد مشاركتها في صنع الإرهاب العالمي؛ بريطانيا تستثني العراق و سوريا من اعتبارهم ضحايا الإرهاب 

كعادتها تحاول بريطانيا إظهار نفسها بمظهر الحريص على القيم التي طالما تدعيها، لا سيما محاربة الإرهاب. وهو الأمر الذي دفع ديفيد كاميرون للحديث عن محاربة الإرهاب في سوريا و العراق، كسبيلٍ للتخلص منه، دون أن يلتفت الى دور مخابرات دولته، و كذلك دور حلفائه لا سيما واشنطن في تعزيز تواجد الإرهابيين في هذه الدول. فكيف يمكن تبيين النفاق البريطاني على مستوى الدولة، في التعاطي مع ملف الإرهاب؟

تحاول بريطانيا العمل على الترويج لفكرة أن القضاء على الإرهاب في سوريا و العراق يعني إنتهاء الخطر الإرهابي عليها. فيما تسعى لهذا الغرض الى ترسيخ فكرةٍ لدى الرأي العام الغربي، وهي أن هذه الدول تحديداً أن سوريا و العراق هي منبع و أصل الإرهاب. وهو الأمر الذي يعارض الحقيقة. إذ يجب الإلتفات الى أن التعاطي مع ملف الإرهاب في منطقة الشرق الأوسط من منطلق أن دوله ضحية للإرهاب، يختلف عن إعتبار دول المنطقة أصل الإرهاب و منبعه. و هو ما تحاول بريطانيا الترويج له، على لسان رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون. و هنا فإن العديد من الأسباب تأتي كتبريرٍ يُفسر هذه السياسة.

– يحاول المسؤول البريطاني تبرير السعي الغربي و منه البريطاني للعب دورٍ في سوريا الى جانب التحضير للأسباب المقنعة و تحديداً أمام الرأي العام البريطاني، للتدخل العسكري في سوريا. و هو ما يبدو أن الشعب البريطاني يرفضه. فقد تظاهرت العديد من الفاعليات المدنية تحت مسمى “إئتلاف أوقفوا الحرب”. و يسعى هذا الإئتلاف لمنع التصويت على التدخل البريطاني في سوريا و الذي سيجري الأسبوع المقبل.

– من جهةٍ أخرى تسعى بريطانيا، لمنع التعاطف الغربي مع شعوب المنطقة العربية والإسلامية لا سيما فيما يخص ملف الإرهاب. فبعد أن جمع الإرهاب الشعوب في العالم أجمع، تريد بريطانيا الإيحاء بأن دول المنطقة أي الشرق الأوسط، و تحديداً سوريا و العراق هي منبع الإرهاب، و بالتالي فإن ذلك يمنع من إعتبارهم ضحايا للإرهاب و يُسقط الحق في التعاطف معهم. و هو ما يمثل عكس الحقيقة.

وبعيداً عن الأسباب التي تجعل بريطانيا تأخذ هذا المنحى البعيد عن الواقعية، و التي يبدو أن الشعوب بدأت تفهم حقيقتها، لا بد من تسليط الضوء على حقيقة الدور البريطاني الأساسي في دعم الإرهاب و تقوية جذوره. وهنا نقول التالي:
– إن الدور الذي لعبته المخابرات الغربية لا سيما الأمريكية و البريطانية في تأسيس نواة تنظيم داعش الإرهابي، لا يختلف عن دورها في تأسيس القاعدة. فلا فرق بين التسميات، إذ أن الهدف الأساسي من تأسيس هذه التنظيمات هو واحد. والتقارير في هذا المجال كثيرة. في حين يجب القول أن الأداة التنفيذية لهذا المشروع كانت السعودية و قطر على الصعيد العربي الى جانب تركيا. كما أن الكيان الإسرائيلي لم يكن بعيداً عن المخطط.

– وهنا نُشير و بالدليل العملي الى بعضٍ من الدور الذي قامت به هذه الأجهزة لا سيما المخابرات البريطانية. فقد كشف تشارلز شويبردج، ضابط الإستخبارات البريطانية في جهاز مكافحة الإرهاب، لقناة روسيا اليوم بتاريخ 9 تشرين الأول 2014، عن أن وكالة المخابرات الأميركية “CIA” والإستخبارات البريطانية، دفعتا دولاً خليجية لتمويل و تسليح تنظيمات مسلحة في مقدمتها داعش. وقال شوبريدج أن الإستخبارات البريطانية و الأميركية تقفان وراء كل الأحداث الدراماتيكية التي تعصف بدول في الشرق الأوسط مثل سوريا و العراق و ليبيا. كما كشف رجل المخابرات السابق عن تفاصيل خطيرة مثيرة حول دور واشنطن و لندن في صناعة الارهاب يمكن الإشارة إليها لاحقاً.

– واليوم و لأن الرهان على الإرهاب لم يُفلح لا سيما بعد فشل الأدوات الخليجية الى جانب تركيا في تنفيذ سیاساتها، إنقلبت موازين القوى لتصبح هذه الدول عرضةً للخطر الذي صنعته. لتجد نفسها ضائعةً بين العديد من المشاكل. في وقتٍ يبقى الضغط الداخلي أكبرها، إذ لا تملك هذه الدول أي إجابةٍ قد تكون مقنعة.

إذن يُعتبر كاميرون نموذجاً للحالة الغربية العامة. فيما يتساءل الكثير من المحللين عن السبب الذي يجعل الدول الأوروبية تمضي في سياسات واشنطن الخاسرة. فيما يمكن القول أن بريطانيا تتميز بتاريخها العنصري الذي يمكن أن يُجيب عن الشق المتعلق بها. فكُرهُ العرب و المسلمين لا يمكن أن يتبدل لدى بعض الطبقة الحاكمة في بريطانيا. فهل تسعى بريطانيا لإستثناء سوريا و العراق من إعتبارهم ضحايا الإرهاب؟
المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق