التحديث الاخير بتاريخ|الثلاثاء, أكتوبر 1, 2024

تعاون جاد من قبل إيران و عرقلة مستمرة من قبل الأمريكيين و الفرنسيين.. ماذا سيكون مصير الإتفاق النووي؟ 

بالنسبة للمسؤولين الإيرانيين يعرفون جيدا، أن أمريكا لا تريد لإيران أن تنمو و لاتريد لها أن تجتاز العقبات الإقتصادية التي تعاني منها حالیا. و لهذا فانه وفق الرؤية الإيرانية السائدة حالیا، من الصعب جدا علی واشنطن أن توافق علی إنهاء نظام العقوبات الإقتصادية التي تفرضها علی طهران. لكن بموازات ذلك من الواضح جدا و الكلام للمسؤولين الإيرانيين، أن واشنطن ستوافق مرغمة و مكرهة علی شطب العقوبات الإقتصادية المفروضة علی إيران و ذلك لسبب واحد، يعود لعجزها عن إيقاف تقدم البرنامج النووي الإيراني الذي بلغ إمكانية تخصيب الیورانيوم الی مستوی العشرين في المئة. إذن كيف يجب أن تعمل الدول الغربية و الوكالة الدولية للطاقة النووية، حتی يكسبا تعاون إيران المستمر؟.
إذن فان موافقة أمريكا علی رفع نظام العقوبات عن إيران، لم يأت من باب إيمانها بأن هذه العقوبات هي في الأساس غير قانونية و تلحق ضررا مباشرا بالشعب الإيراني، بل وافقت علی هذا الامر المرير بسبب أنه لم يبق أمامها خيار ثان للتعامل مع البرنامج النووي الإيراني، و بعد ما تبددت جميع المخططات التي تبنتها واشنطن لإفشاله، مثل قتل العلماء النوويين، و فرض العقوبات الإقتصادية و تهديد إيران عسكريا، لمئات المرات. إذن من الواضح جدا أيضا أن تسعی أمريكا و رغم موافقتها المبدئية علی رفع العقوبات عن إيران، الی الإخلال بتعهداتها، و هذا ما رأيناه كثيرا في تصريحات المسؤولين الأمريكيين، بعد توقيع إتفاق فيينا النووي.
خلال الاسابيع الماضية هنالك بدأت قضية اخری تطفو علی السطح، و تحاول أمريكا من خلالها الاستمرار بضغوطاتها علی إيران، و باتت تعرف هذه الذريعة بالابعاد العسكرية المحتملة للبرنامج النووي الإيراني (PMD ). و تحاول واشنطن من خلال الضغط علی المدير العام للوكالة الدولية للطاقة النووية، إجباره علی اصدار تقريرا يدعي من خلاله أنه لازال شیء من «الغموض» یرافق البرنامج النووي الإيراني في المجال العسكري، رغم أن جميع التحقيقات التي أجريت لم تعثر علی أي نشاط نووي عسكري من قبل إيران حتی الیوم.
و من جانبها فان إيران تؤكد أن بقاء ملفها النووي مفتوحا في مجلس الأمن أو الوكالة الدولية للطاقة النووية، سيؤدي الی عرقلة قبول إيران بالإتفاق النووي الذي أبرمته مع دول مجموعة «٥+١» في يونيو/تموز الماضي. لا يمكن لإيران أن تحد من نشاطها النووي السلمي و تخفض عدد أجهزت الطرد المركزي لتخصيب الیورانيوم و كذلك تقلل مستوی التخصيب من ٢٠ الی أقل من ٥ في المئة و تغيير أنشطة محطة اراك، دون أن يتم إلغاء جميع العقوبات المفروضة علی إيران. الشعب الإيراني سوف يحتج علی أداء حكومة الرئيس روحاني في حال وقّع علی الإتفاق النووي، دون أن يضمن رفع جميع العقوبات، هذا فضلا عن أن البرلمان و قبل كل ذلك، قائد الثورة الإسلامية، السيد علی الخامنئي سوف يحول دون توقيع أي إتفاق نهائي من جانب إيران مع مجموعة دول «٥+١»، إذ لم تنتهي العقوبات.
يوم غد من المحتمل أن يصدر السيد «يوكيا امانو» المدير العام للمنظمة الدولية للطاقة الذرية تقريرا خاص حول البرنامج النووي الإِيراني، يتحدث خلاله عن أنه هل كانت لإيران أنشطة مشبوهة في المجال العسكري في برنامجها النووي أم لا. و سيكون لهذا التقرير أهمية بالغة في الوصول الی إتفاق نهائي بين إيران و مجموعة دول «٥+١». و في هذه الأثناء بالاضافة الی أمريكا، تحاول فرنسا أيضا، التشكيك في أنشطة إيران السابقة، بل أن واشنطن و باريس تسعيان الی تلفيق الحقائق لإتهام إيران من قبل وكالة الطاقة الذرية بأنها اجرت أنشطة عسكرية سابقا ضمن برنامجها النووي!.
عرقلة مسير الإتفاق النووي من جديد من قبل واشنطن و باريس سيكون بضرر دول مجموعة «٥+١»، لأن إذا ما فشل الإتفاق النووي بين إيران و الطرف الآخر، فان إيران ستستمر بانشطتها النووية السلمية و بوتيرة أكبر مما كانت علیه سابقا. حيث من الوارد أن تخصّب إيران كميات كبيرة جدا من الیورانيوم و كذلك ستشغّل عدد أكبر من أجهزت الطرد المركزي لتخصيب الیورانيوم، وفق المستويات التي تحتاجها، و ليس من المعلوم أن نسبة التخصيب ستبقی فقط ٢٠ في المئة. كذلك علی الدول الغربية أن تفهم بان إيران قد تاقلمت الی حد كبير مع العقوبات الاقتصادية، بل أن الشعب الإيراني قد تاقلم قبل الحكومة مع هذه العقوبات، وصار المواطن الإيراني يؤمن بانه يستطيع أن يستمر بالحياة مع وجود أشد العقوبات الإقتصادية علیه.
إذن علی الدول الغربية أن تكون علی مستوی عالی من المسؤولية والعقلانية، لكي تكتسب ثقة المجتمع والحكومة الإيرانية، حتی يستمر التعاون في المجال النووي بين طهران و هذه الدول، و إلا فانه في حال أخلّت الدول الغربية و خاصة أمريكا و فرنسا باتفاق فيينا النووي، فان هذا سيكون محفزا لإيران لتتخلی نهائيا عن التفاوض حول برنامجها النووي مع دول غير مستعدة لتحترم عهودها.
المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق