ضبابية وغموض الاستراتيجية الامريكية في سوريا
بعد اندلاع الثورات الشعبية في البلدان العربية في عام ٢٠١٠ وتهاوي انظمة كانت حليفة لامريكا وزعزعة حكم حلفاء آخرين اجمع الخبراء والمحللون على ان هذه الثورات شكلت خطرا مفاجئا للامريكيين ومصالحهم لأن شركاء اساسيين في المنظومة الامريكية التي بنتها واشنطن في المنطقة قد سقطوا او باتوا على وشك السقوط.
وقد شهدت سوريا ايضا اضطرابات بسبب تدخلات اطراف خارجية مثل السعودية وتركيا وقطر وبعد مضي ٤ سنوات من بدء الازمة السورية اصبح هناك اصطفاف واضح في سوريا بين الحلف الغربي العربي من جهة والحلف الروسي الايراني من جهة اخرى حيث يطالب الغربيون بتنحي الرئيس السوري بشار الاسد عن الحكم لكن الحلف الروسي الايراني في المقابل يريد حفظ النظام السوري وبقاء الاسد وتقرير مصير سوريا على يد الشعب السوري وبأصواته.
ووسط هذه الاجواء تبقى هناك تساؤلات حول الموقف الامريكي، فلماذا لم تدخل امريكا قواتها في الحرب السورية ولماذا لم تختار استراتيجية واضحة لقتال تنظيم داعش الإرهابي؟
يعتقد المحللون ان استمرار الازمة السورية واطالتها التي كانت تروق للامريكيين في وقت من الاوقات باتت غير مرغوبة بالنسبة لهم بعد ظهور تنظيمات إرهابية مثل داعش وجبهة النصرة وتراجع الجماعات التي كان الامريكيون يسمونها بالمعارضة المعتدلة مثل الجيش الحر، ومن جهة اخرى حصلت هناك خلافات بين حلفاء امريكا من اللاعبين الاساسيين في سوريا وهم السعودية وقطر وتركيا ما تسبب بفرط عقد الحلف المعادي لسوريا لكن الامريكيين سعوا الى ايجاد حل سياسي في سوريا عبر تنظيم اجتماعات في فيينا لحل القضية السورية الا ان محاولتهم هذه قد باءت بالفشل سريعا.
ان الاهداف الامريكية في الازمة السورية كانت تتغير باستمرار ولم تكن ثابتة طوال الوقت فامريكا كانت تدعم اسقاط الاسد لكنها لم ترد التدخل العسكري دون اذن من مجلس الامن كما انها لم ترد تسليح المعارضين السوريين بشكل واضح، ومن جهة اخرى لم يسع اوباما الى جعل قيادة الدول المعادية للنظام السوري في يد الامريكيين والجمع بين قدراتهم لكنه عجز عن ايجاد حالة من تظافر الجهود بينهم، وبعبارة أخرى واجهت استراتيجية اوباما في الشرق الاوسط مشاكل اساسية لأن تماشي امريكا مع الارهابيين وارسال السلاح الى داعش طرح اسئلة كبيرة حول السياسات الامريكية.
ومن جهة اخرى وصلت الازمة السورية الى مراحل لم تكن في الحسبان، فأزمة اللاجئين باتت تضغط على الاوروبيين والتحالف الغربي بات عاجزا امام داعش وهجماته وهذا ما فتح الباب امام الدور الروسي حيث يؤكد الخبراء ان دخول روسيا على خط الازمة السورية كقوة دولية كبرى يعتبر تحديا للهيمنة الامريكية ويثبت عقم السياسات الامريكية في هذه الازمة.
ان الامريكيين لم يتصوروا بأن ردة فعل روسيا تجاههم ستكون بهذه القوة والسرعة وقد تفاجأوا بذلك، ان روسيا تعتبر القضية السورية حيوية بالنسبة لها وفي الحقيقة ان الازمة السورية هي القضية التي يمكن ان تحول روسيا الى قوة عالمية، ورغم ذلك يعتقد المراقبون ان هناك عدة اسباب جعلت امريكا وحلفائها يترددون في موضوع شن حرب برية في سوريا وان اهم هذه الاسباب هي:
١- كان يمكن ان تتحول الحرب في سوريا الى فوضى طائفية من العيار الثقيل في كل المنطقة ما يزعزع امنها بالكامل.
٢- ان داعمي حكومة بشار الاسد اي روسيا وايران ستكون لهم ردة فعل قوية حيث من الممكن ان لا يتوانى الروس من فعل اي شيء امام الهجمات الامريكية على سوريا كما ان رد الايرانيين ايضا لايمكن التكهن به.
٣- ان تعب الشعوب الاوروبية والشعب الامريكي من الحروب التي شنت خلال العقد الماضي في افغانستان والعراق والخسائر البشرية والمادية الناجمة عنها واخفاق الدول المشاركة في تلك الحروب في تحقيق اهدافها زاد من ضغط الرأي العام الغربي وهذا ادى الى تراجع عدد الدول الراغبة في مشاركة الامريكيين في حربهم داخل سوريا.
المصدر / الوقت