التحديث الاخير بتاريخ|السبت, نوفمبر 16, 2024

أسباب استمرار الصراع في غرب آسيا وشمال أفريقيا 

إن استمرار الصراعات في منطقة غرب آسيا وشمال أفريقيا، في الوقت الحاضر، تعود جذوره في الواقع إلی “المنافسات الخطابية” و”تضارب المصالح”. ونظرية صراع الحضارات التي طرحها هنتنغتون، يشیر أكثر من أي شيء آخر إلی أن المخططين الاستراتيجيین وصناع القرار الأمریکیین – الإسرائيلیین، یسعون إلی وضع إطار لاحتواء وإضعاف “الخطاب الإسلامي الحقيقي”؛ وهو خطاب لا یتعارض مع أهدافهم وبرامجهم فحسب، بل یتجلی تجسيده العملي حالیاً في إطار “محور المقاومة الإسلامية” في المنطقة.

ووفقاً لذلك، فإن التوقع بأن الصراعات في جنوب غرب آسيا، ستهدأ في المستقبل القريب، توقعٌ بعيد عن الواقع؛ لأنه مع انحسار أي صراع وأزمة، ففي طبقات ومستويات أخرى، سيتم إثارة أو تعزيز أزمة جديدة من قبل “خطاب الصهيونية العالمية”.

ومن البدیهي أن مصالح الجهات المتفقة مع هذا الخطاب أو التابعة له، تكمن في استمرار الصراعات وليس “تسويتها”. وبالطبع هذا الوضع يؤدي في بعض الأحيان إلى “إدارة الأزمات”، ومحاولة “اتخاذ زمام المبادرة” من قبلهم، بحیث یتجلی بالنسبة لبعض النخب في البلدان الإسلامية في المنطقة، بمثابة “عمل ودي” و”مساعٍ حميدة”، أو یقومون بإظهارها علی هذه الصورة.

تعتبر منطقة غرب آسيا وشمال أفريقيا بمثابة “مركز – مركز”، الجغرافيا الأكثر حساسيةً في العالم، وهي وفقاً لبعض الخبراء والشخصيات العسكرية في العالم، مركز العالم القديم، حیث یلتقي في هذه المنطقة المحيط الهندي مع ذراعیه في مكانين، “البحر الأحمر والخليج الفارسي” وکذلك المحيط الأطلسي عن طریق “البحر الأبيض المتوسط والبحر الأسود”.

وفي العصر الحاضر، وخاصةً بعد الحرب العالمية الثانية، أصبحت هذه المنطقة مرکز المنافسات الدولية، وهنالك عوامل هامة لعبت دورها في تحويلها إلى “مرکز المنافسات والصراعات”. وأهم هذه العوامل ما يلي:

١. الموقع الاستراتيجي الجغرافي؛

٢. مكان ظهور الأديان الثلاثة الكبرى أي الإسلام والمسيحية واليهودية؛

٣. شمولية الدین الإسلامي المبین في المنطقة؛

٤. موارد الطاقة الغنية (النفط والغاز)؛

٥. الجسر التواصلي – التجاري بین ثلاث قارات في العالم.

٦. سابقتها التاريخية والدينية، واحتضانها للأماکن الكبيرة والمقدسة للمسلمين؛

٧. اعتماد معظم الحكومات والأنظمة الحاكمة علی الدول الكبرى (وجود العديد من الجهات الفاعلة المتدخلة في بلدان المنطقة).

٨. الخلافات والنزاعات الحدودية للبلدان في المنطقة مع بعضها البعض (مع التدخل الاستعماري)؛

٩. مركز ثقل الخطاب الإسلامي الأصیل ومحور المقاومة، مع الأفكار المناهضة للاستکبار والمُلهمة لجميع أنحاء العالم.

الخطاب “الاستعماري – الإستکباري لأمریکا وأتباعها”، بالإضافة إلى الأنظمة الاستبدادية التابعة (والتي یمکن أن نطلق عليها مجتمعةً “خطاب الصهيونية العالمية”) في هذه المنطقة، له أهداف وخطط واستراتيجيات منذ الماضي البعيد، والآن يبدو نظراً لمقتضیات العصر الحاضر، أنه یواصل سياساته مع بعض التغيیرات. وبالتالي فإنه يمكن النظر إلی هذه السیاسات حسب المحاور التالیة:

الف) الأهداف والاستراتيجيات السياسية:

١. الهيمنة علی عملية بناء دولة القومية (Nation-state bulding ) في المنطقة، في إطار الخطاب الغربي المطلوب، ونشر قيم الديمقراطية الليبرالية ضمن إطار “نظرية صراع الحضارات”، ومعارضة القيم الإسلامية – المحلية لشعوب المنطقة؛

٢. إدارة “الرأي العام” و”إدارة إدراك النخب السياسية الحاکمة”، في سياق القيم العلمانية و”الديمقراطية الليبرالية”.

٣. الحفاظ على المكانة والنفوذ، واستعادة الهيمنة في المنطقة تماشياً مع “الهيمنة العالمية”.

٤. إنشاء “السياج الأمني” للکیان الإسرائيلي وخروجه من خلال تمهيد الطریق لدخول الکیان في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية في المنطقة؛

٥. إیجاد التبعیة الأمنية – العسكرية من خلال إبرام اتفاقات بيع الأسلحة، الاتفاقات الأمنية – العسكرية، إجراء المناورات التدريبية وإنشاء التحالفات والائتلافات.

ب) الأهداف والإستراتيجيات الثقافية:

١. التحول الثقافي وإظهار عدم كفاءة الثقافات المحلية – الوطنية، ونشر وفرض الثقافات البديلة التي تميل إلى الغرب، والسعي إلی التجانس الثقافي على أساس “الثقافة الغربية”.

٢. إهانة الثقافة الشعبية – الوطنية وتدمير وسرقة الآثار التاريخية (أو تشجیع وتحفیز التیارات السلفیة – التكفيرية للقیام بذلك)؛

٣. منع نموّ وتطور “الثقافة الإسلامية الأصیلة” وإنشاء أو دعم الحركات الدينية المنحرفة، بهدف التشکیك بالمبادئ والقيم الدينية.
المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق