الغرب يعترف بسلمية المشروع النووي الإيراني و طهران تُحدد شروط المستقبل
رفع الأمين العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، “يوكيا أمانو” تقريره لمجلس حكام الوكالة حول برنامج طهران النووي، و الذي ركّز فيه على موضوع الشكوك المتعلقة بوجود أبعاد عسكرية أو أنشطة مشبوهة قامت بها إيران خلال السنوات الفائتة. و ذكرت وكالة “الأسوشييتد برس”، يوم الأربعاء المنصرم، أن هذا التقرير سري و هام، و يأتي في نهاية عملية التحقيق حول نشاط طهران النووي، و هو ما يمهد لتطبيق الإتفاق النووي عملياً و بشكل كامل، و إلغاء العقوبات المفروضة على البلاد بموجب الإتفاق ذاته. و جاء في هذا التقرير أن إيران عملت على تطوير أسلحة نووية في الماضي، لكن أجهزتها لم تعد التخطيط و التجارب على العناصر البدائية، و استمر هذا العمل قبل عام 2003، مع وجود بعض الأنشطة التي استمرت حتى عام 2009 و حسب. و سيعلن مجلس حكام الوكالة في اجتماعه القادم، و الذي سيعقد في 15 من شهر كانون الثاني الجاري، قراره حول هذا التقرير، و ما إن كانوا سيغلقون ملف الشكوك بوجود أبعاد عسكرية لبرنامج البلاد النووي.
ونقلت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية إرنا، عن كبير المفاوضين الإيرانيين، “عباس عراقجي” قوله؛ إن هذا التقرير إيجابي بالمجمل، معتبراً أن هناك نقاط ضعف فيه. و أضاف عراقجي؛ أن هذا التقرير فنَّد كل الإدعاءات و الاتهامات التي وجهت بشكل مباشر لإيران في السنوات السابقة، و قال إنه تقرير سيمهد إغلاق القضية المعروفة باسم “بي أم دي” و التي جاء فيها أن إيران أجرت تجارب تحاكي تفجيرات نووية في موقع شرق طهران تقول عنه البلاد، إنه عسكري ورليس نووياً. و أكد عراقجي أن إغلاق الملف بات في عهدة مجلس الحكام و دول 5+1 في هذه المرحلة، معتبراً أن بقاءه مفتوحاً يعني وقف تنفيذ الإتفاق النووي، الذي توصلت إليه البلاد مع الغرب منتصف شهر تموز الماضي، و أضاف أن إيران قدمت كل الوثائق اللازمة للوكالة لإثبات سلمية برنامجها النووي.
إذن و من خلال التقرير يمكننا إستنتاج العديد من النتائج والتي يمكن أن تكون عامةً لكنها مُفيدة. و هنا لا بد من قول التالي:
– يحاول الطرف الغربي إعتماد سياسته المعهودة في التعاطي مع إيران، في حين يمكن القول إن النقطة الإيجابية الواضحة في التقرير، تتمثل بأن المحصلة النهائية تشير الى سلامة الأنشطة النووية الإيرانية، مما يجعل الطريق معبداً أمام مجلس حكام الوكالة لإغلاق ملف مزاعم الأبعاد العسكرية المحتملة للبرنامج النووي PMD. و هو الأمر الذي يمكن القول إن السياسة الغربية تسعى لإبقائه مفتوحاً، في محاولةٍ لإستخدام الإبتزاز كوسيلة للتعاطي مع طهران، خصوصاً بعد الأثر الكبير الذي بيَّنه نجاح إيران إقليمياً و دولياً بعد الإتفاق.
– من جانبٍ آخر يبدو أن الطرف الإيراني، يتعاطى بعيداً عن منطق الغرب، و يُصر كعادته على حقوقه واضعاً خطوطاً حمراء، تأخذ بعين الإعتبار مصلحة إيران القومية و الإستراتيجية، و لا تخالف تعهداتها و إلتزاماتها الدولية. و تعود طهران لتظهر بمظهر اللامبالي لرأي الغرب، في حين تُعطي حقوقها الجانب الأكبر من الإهتمام. و هو ما ينطبق مع توجيهات قائد الثورة الإسلامية آیة الله الخامنئي، صاحب الكلمة الفصل بناءاً على الدستور الإيراني، والرافض لجعل منطق مقايضة الحقوق، المنطق السائد في التعاطي الإيراني الدولي.
بالنتيجة يمكن القول إن الفرق واضح بين تعاطي الطرفين. ففي وقتٍ يتبين فيه حجم الإزدواجية التي يحاول الغرب فرضها كمنطقٍ في التعاطي مع طهران دون أن ينجح في ذلك، نجد أن لإيران خطوطاً حمراء لا يمكن تجاوزها، تتماشى مع توجيهات قائد الثورة و خيارات الشعب الإيراني. و هو الأمر الذي يعني عدم الإكتراث لخيارات الغرب تجاه الحق الإيراني، بل تبقى الأولوية للحقائق التي بيَّنتها و تُبيِّنها الأيام. في ظل وضوحٍ بأن ما يدَّعيه الغرب، لا يمت للحقيقة بصلة. كما أن محاولات الضغط على طهران، و التي يبدو أن الغرب لم يتعلم بأنها لن تنجح مع طرفٍ لا يُعير إهتماماً إلا لمصالحه دولةً و شعباً، إذ لا مجال للمقايضة على المبادئ و حقوق و خيارات الشعوب. و هنا مرةً جديدة يظهر جلياً للعالم و بناءاً للتقارير الغربية، سلمية المشروع النووي الإيراني، في حين تسعى طهران لتحديد شروط التعاطي المستقبلي.
المصدر / الوقت