التحديث الاخير بتاريخ|الأحد, ديسمبر 22, 2024

موسكو و السير في الاتجاهين العسكري و الدبلوماسي في سوريا 

يدرك الروس جيدا ان العمليات العسكرية الطويلة الامد في سوريا محفوفة بالمخاطر و لذلك هم يخصصون الان قسما من جهودهم للمساعي الدبلوماسية من اجل ايجاد حل للازمة السورية لكنهم يواجهون تحديات كثيرة في هذا المسار و رغم ذلك فانهم لايعقدون أملهم على انتصار عسكري سريع في سوريا و يحاولون ان يكونوا احد اللاعبين الاساسيين في العملية السياسية في هذا البلد.

عمد الروس الى اضعاف الجماعات المسلحة في سوريا عبر شن الغارات على معاقلها و دعم القوات الحكومية في سوريا و في المرحلة اللاحقة يريد الروس تحقيق اهدافهم بالاساليب السياسية و الدبلوماسية و لذلك اعتبر الروس اجتماعات فيينا فرصة لبدء مساعيهم الدبلوماسية.

ان الروس يعتقدون بأن العمليات العسكرية الطويلة الأمد ستكون لها آثار سلبية كبيرة في داخل روسيا و خارجها فالعملية تكلف الروس مليار دولار في السنة كما يخشى الروس تغيير اتجاه الراي العام في داخل روسيا بالاضافة الى الضرر التي سيلحق بمكانة روسيا في الشرق الاوسط.

ورغم ان الروس لم يواجهوا حتى الان انتقادت حادة من دول المنطقة لكنهم يعلمون ان استمرار الاوضاع الحالية سيضعهم تحت ضغط داخلي وخارجي ولذلك نرى ان المسؤولين الروس يدعمون بقوة مفاوضات فيينا.

واذا اردنا ان نفهم اسباب التدخل الروسي في سوريا فيجب ان نقول بان روسيا كانت مجبرة على الانتخاب بين السيء و الاسوأ لأن مساعداتها العسكرية و الاقتصادية و التقنية للنظام السوري ما كانت كافية لمنع سقوط النظام السوري فاصبح الروس اما خيارين فإما القيام بعمليات مكلفة لمنع سقوط الاسد وإما عدم التدخل و التفرج على سقوطه، و من جهه اخرى اعتبر الروس ان تجربة اسقاط النظامين العراقي و الليبي كانت مريرة بالنسبة لهم و هم ارادوا الان منع تكرار تلك التجربة في سوريا.

وعلى اية حال فإن قيام روسيا بدعم البيان الصادر عن اجتماعي فيينا والذي تضمن بعض ما كان يريده الروس يعتبر امرا هاما جدا لأن هذا البيان نص على الدعم الدولي لوحدة الاراضي السورية و بقاء حكومة علمانية في سوريا و حفظ المؤسسات الحكومية و عدم التفاوض مع داعش و محاربة الجماعات التي تعتبرها الامم المتحدة بانها ارهابية.

و يبقى اهم الخلافات على الساحة الدولية خلال المرحلة القادمة هي قضية الخلاف على مصير الرئيس السوري حيث تريد الدول الغربية واعداء الاسد الاقليميين وضع جدول زمني لتنحي الاسد عن السلطة فيما لايريد الروس و الايرانيون ذلك في الاوضاع الحالية، و هناك خلاف كبير ايضا بين روسيا و الدول الغربية حول تسمية الجماعات الارهابية و هذا يعرقل تشكيل تحالف دولي موسع لمحاربة تنظيم داعش و الجماعات الارهابية ففي الوقت الذي تطالب روسيا بتعاون غربي لوضع قائمة دقيقة للجماعات الارهابية تعارض امريكا و حلفائها بشدة وضع معلومات الجماعات المعارضة في سوريا في متناول يد الروس خشية قيام روسيا باستهداف جميع معارضي الاسد.

ولم يتم حتى الان وضع نظام محدد للمفاوضات بين النظام السوري ومعارضيه ففي الوقت الذي تجري طهران و موسكو مفاوضات مع الاسد (المعروف بمواقفه الصلبة) من اجل اجراء محادثات مع معارضيه لا يستطيع المعارضون جمع آرائهم و اصواتهم ضمن دائرة واحدة من اجل الدخول في المحادثات مع النظام.

و لا يختلف اثنان ان هناك حالة من انعدام الثقة تسود الان بين كل اللاعبين المؤثرين في الشأن السوري فايران تختلف مع دول اعضاء مجلس التعاون بالكامل و هناك توتر كبير بين روسيا و الغرب وهذا سيؤثر سلبا على المساعي و الجهود التي تبذل لاحتواء الازمة السورية في المستقبل، و في المجال العسكري ايضا لايرغب الروس و الامريكيون في التعاون معا، و هكذا يمكن القول ان الجولات القادمة من اجتماعات فيينا حول الازمة السورية ستكون اصعب من الجولات الماضية.
المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق